الثلاثاء 11 آذار (مارس) 2014

نتنياهو وخطاب “بيرزيت”

الثلاثاء 11 آذار (مارس) 2014 par أمجد عرار

ماذا يطلب بنيامين نتنياهو في آخر تقليعاته؟ يريد من رئيس السلطة الفلسطينية أن يلقي خطاباً يعترف فيه بيهودية “إسرائيل” . إلى حد الآن، لا جديد في هذا الطلب الذي أول من نادت به وزيرة الخارجية “الإسرائيلية” السابقة تسيبي ليفني قبيل مؤتمر “أنابوليس” في الولايات المتحدة . هذه المرة يحدد نتنياهو المكان الذي ينبغي إلقاء الخطاب فيه وصدور الاعتراف منه بيهودية كيانه، وهو جامعة بيرزيت . هو يعرف أن المطالبة بالاعتراف لم يستجب لها أي عربي، على الأقل علناً، فلماذا يضيف المكان؟ ربما لأنه يريد أن يوحي بأن مبدأ الاعتراف أمر مفروغ منه، وليتحول الموضوع إلى جدل في التفاصيل، بدءاً بالمكان .
نتنياهو سبق له أن انتقد أسلوب “حزب العمل” تفاوضياً، حتى إن كان هذا الأسلوب أعطى الفلسطينيين خمسة غرامات من حقوقهم مقابل احتفاظ “إسرائيل” بخمسة أطنان من حقوقهم أيضاً، فهي كلها حقوقهم، الأرض وما فوقها وما في جوفها، والأجواء والمياه الإقليمية في البحر . نتنياهو حين نافس شمعون بيريز عام ،1996 قال في دعايته الانتخابية إن العرب معتادون على الذهاب إلى حيث تقف “إسرائيل”، فلماذا عليها التزحزح من مكانها، إذاً؟ هذه فلسفته، وهذه أيديولوجية تياره ضمن الحركة الصهيونية، الوضوح مقابل الغموض لدى شركائه من حزب العمل، وما بين الغموض والوضوح لدى الشركاء المستجدين في “كاديما” .
نتنياهو يجلس مرتاحاً فيما يحار المفاوضون الفلسطينيون في المكان الذي يدورون حوله منذ اتفاقات أوسلو . معه أمريكا التي يمثّلها المكوك الحالي جون كيري، صاحب نظرية نقل السيطرة الأمنية في الأغوار للجيش الأمريكي أو “الناتو” الذي يسجّل له “الفضل”، والحق يقال في “إعمار” العراق وأفغانستان ويوغوسلافيا وليبيا، فيما لم يمكّنه رافضو “النعمة” من إعمار سوريا . نتنياهو معه بعض السياسيين والمثقفين والإعلاميين العرب، الذين زيّن عدد من الصحف الصهيونية بروابط لهم، باعتبارهم “متنورين” و“حداثيين” و“واقعيين”، و“سلاميين” و“ربيعيين” .
نتنياهو وكيانه “بريئان” من نقل المفاوضين الفلسطينيين إلى نبع الماء وإعادتهم عطشى، وهما “بريئان” من زرع الجواسيس في بلاد العرب وغير العرب، “وبريئان” من وضع نهر الأردن على “الشيكل”، بعدما انفردت “الأغورة” بخريطة تمتد من الفرات إلى النيل“، و”بريئان“من الشكوى ضد”تحريض" الفلسطينيين المتمثّل بالكلمات المتقاطعة في صحفهم، وخطباء الجمعة في مساجدهم، وجولات المطران عطا الله حنا وأغاني محمد عساف .
ربما يعتقد نتنياهو أنه سيجر الفلسطينيين وبعض العرب إلى ملعبه، على أن يلبس فريقهم قمصاناً “إسرائيلية” . كيف لا وقد نجح في تحديد حكام الساحة والخطوط والزمان والمكان؟ ربما يدعي أنه ترك للجانب الفلسطيني مساحة للعب وهامشاً للمناورة، فهو لم يحدد مثلاً أية كلية في جامعة بيرزيت ينبغي على رئيس السلطة أن يلقي خطابه من على منبرها . وقد يقول إنه متساهل ومتعاون جداً، حيث إنه لم يحدد مدة الخطاب واللغة التي سيكتب بها ونوع القلم الذي سيستخدم ولون الحبر ومساحة الورق، أو إن كانت عملية الإلقاء ستكون “على الواقف” أم “على القاعد”، وكذلك هوية المترجمين وعدد القنوات الفضائية الناقلة للخطاب، وعدد الصحفيين الذين سيسمح لهم بالتواجد في القاعة . وإذا نجح نتنياهو في تحصيل “خطاب جامعة بيرزيت”، سيكون طلبه التالي خطاباً من جامعة الدول العربية ليكتمل “الربيع” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165344

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165344 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010