السبت 8 آذار (مارس) 2014

مجرد خطوة في الاتجاه الصحيح

السبت 8 آذار (مارس) 2014 par د. عبد العزيز المقالح

في هذا المناخ من الصمت المضروب حول القضايا العربية الكبرى ومنها قضيتهم الأولى والمركزية، قضية فلسطين، يخرج البرلمان الأردني ليقول كلمته التي هي كلمة الشعب العربي في الأردن، وفي كل مكان من الأرض العربية، عن ضرورة ردع الكيان الصهيوني، وإيقاف صلفه المتزايد من خلال طرد سفيره في الأردن كخطوة تتلوها خطوات لمقاطعة هذا الكيان العدواني المستفز الذي تركزت جهوده في الآونة الأخيرة على التوسع في المستعمرات الاستيطانية من ناحية، وعلى تهديد الأقصى من ناحية ثانية . وكان واضحاً أنه منذ وقت طويل لا يتردد عن استغلال الخلافات القائمة بين العرب الأشقاء وانشغالهم بأوضاعهم الداخلية ليستكمل مخططه الصهيوني في الاستيلاء على ما تبقى من الأرض الفلسطينية في أيدي أبنائها، ووضع الجميع - في تحدٍ سافر- أمام الأمر الواقع .
ويمكن للمتابع أن يدرك أن هذا الكيان الإرهابي الطامع قد تمادى في الفترة الأخيرة، ومنذ اشتعال “الانتفاضات العربية” تحديداً في الاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة، وتمادت قواته وأنصاره في العدوان على المسجد الأقصى واقتحامه عشرات المرات، فضلاً عن استمرار حالات القتل والاعتقال ومواجهة الاحتجاجات بالحديد والنار . ويلاحظ أن من يسميهم البعض ب “أصدقائنا في البيت الأبيض” يتجاهلون ما يحدث أو إذا تحدثوا فإنهم يقللون من شأنه ويواصلون بذل جهودهم السرابية في تمديد المفاوضات، ونشر صور اللقاءات التي تتم بين الحين والآخر في محاولة لذر الرماد في العيون وإخفاء ما يتم على صعيد الواقع من اعتداءات وانتهاكات بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة في كل من القدس والضفة وغزة .
لقد كشّر الكيان الصهيوني عن أنيابه ليس بذلك فحسب، بل تمادى في نهش الجسد الفلسطيني، معتمداً على انشغال كل قطر عربي بما يحدث له أو بما يحدث لجيرانه . ومن هنا تأتي أهمية الخطوة التي اتخذها البرلمان الأردني وأنها جاءت في وقتها المناسب، لتوقظ الغافلين والمتغافلين، وأكدت أن للصمت نهاية ولتجاهل الواقع المرير نهاية، وإذا لم تسارع الأنظمة العربية إلى اتخاذ موقف سريع وعاجل يتناسب مع ما يحدث للأقصى الشريف، فإن المؤشرات الراهنة تنذر بما هو أسوأ ليس على الصعيد الفلسطيني فحسب، بل على سائر الصعد في المنطقة العربية بأكملها، فالكيان التوسعي العدواني يرى أن الفرصة مواتية للقيام بمغامرة ليس ضد إيران كما كان يقول، وإنما ضد أقطار عربية بعينها ولا يستبعد بعض المراقبين أن تكون الأردن في مقدمتها .
وما يبعث على الأسى ويستحق المراجعة المستعجلة الثقة المبالغ فيها لدى بعض الأنظمة العربية برؤساء الولايات المتحدة الذين تعاقبوا على البيت الأبيض منذ أربعة عقود تقريباً، وهي ثقة في غير محلها على الإطلاق سواء فيما يتعلق بالموقف من الكيان الصهيوني أو غيره من المواقف، وسبق أن حدثني أحد الساسة الكبار بعد مرافقته أحد القادة العرب في زيارته للبيت الأبيض وما تضمنه حديث الرئيس الأمريكي في ذلك الحين من وعود وتطمينات، وبأن الولايات المتحدة لن تسمح أبداً بزعزعة الاستقرار الإقليمي في المنطقة، كما لن تسمح بأن يأخذ الكيان الصهيوني أكثر من حجمه الحالي (في ذلك الحين) وكانت الجرافات يومئذ تقوم بهدم المنازل وقلع الأشجار وبناء المستعمرات الجديدة، ما يؤكد أن عبارة زعزعة الاستقرار الإقليمي من المحفوظات المتداولة في البيت الأبيض وأنه يعني شيئاً واحداً هو عدم السماح بزعزعة واقع الحليف أو شرطي حراسة المصالح الأمريكية في المنطقة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165522

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165522 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010