الجمعة 7 آذار (مارس) 2014

«إسرائيل» تدمّر أميركا..

عبد الرحمن الخليفة
الجمعة 7 آذار (مارس) 2014

- عبد الرحمن الخليفة

لا بدّ من الوقوف أولاً عند ذكرى رحيل القائد هوغو شافيز، التي تصادف في 5 آذار، ذلك الرجل الذي عاش وعايش آلام شعبه متجوّلاً معه في الطرقات العامة، وعبر الوسائط في برنامجه التلفزيوني الشهير الذي كان يقدّمه ويناقش عبره بكلّ صدق وتلقائية كلّ هموم الناس، وقد جعل منه سدّاً منيعاً ضدّ فساد السلطة. شافيز الذي بكته كلّ فنزويلا في مثل هذا اليوم من العام الماضي، هو الذي أوقف نهب موارد فنزويلا، ووقف في وجه الامبريالية الأميركية، وهي في أوج هيمنتها وتوسّعها الامبراطوري.
قطع يد «إسرائيل» التي كانت تسرق ذهب الشعب الفنزويلي لمدة أربعين عاماً، وقطع علاقات بلاده الدبلوماسية معها عندما اعتدت على غزة، وكانت فنزويلا الدولة الأولى التي تفعل ذلك. شافيز أعاد إلى العالم أمجاد غيفارا وكاسترو بروح مرحة، جعلته يغني ويرقص مع الشعب الفنزويلي احتفالاً بتحقيق الإنجازات، كما كان يبكي بصدق عند حدوث المفاجآت غير السارّة.
طوال فترة حكمه كان رقماً صعباً في وجه أميركا وحلفائها الدوليين. مُصدّراً نبض الثورة الحقيقي الى كلّ أميركا اللاتينية، التي جعلها ترقص على أنغام الاستقلال ورفض التبعية، بعدما ظلّت لعشرات السنوات حديقة خلفية للولايات المتحدة ونظامها العالمي الذي كانت تديره «إسرائيل» في الحقيقة.
سيظلّ نبض شافيز في قلوب كلّ الأطفال الذين داعبهم بمرح وكفكف دموع أهاليهم البسطاء، وسيبقى وهجه يطلّ عبر آمال الفنزويليّين المسحوقين التي تحققت بعدالته وشفافيته وشجاعته، وسيبقى يضيء دوماً على فظاعة الرأسمالية الصهيونية المتوحشة وتابعيها الذين يشوّهون كلّ القيَم البشرية الناصعة بأكاذيبهم ومنهجهم المضلل والفاسد.
التحية والرحمة لك أيها القائد الذي حمل هموم الشعب بابتسامة مضيئة ونكران ذات وتواضع كبيرين، يا من أسموك الناصر... ناصر الضعفاء والمستغلّين في كلّ العالم، أصدق الدعاء لك في يوم الرحيل، وفي كلّ يوم قلوبنا تخفق بضع نبضات مليئة بالحبّ لك ولكلّ الشرفاء.
قبل اعوام عدة كتبت مقالاً حول التغلغل «الإسرائيلي» في مواقع اتخاذ القرار الاميركي، بناء على معطيات أعمق من تأثير منظمات مثل «إيباك» التي تسخّر كلّ قدراتها هذه الأيام لتحطيم أوباما ومعنى السيادة الأميركية. ففي كثير من الملفات الحساسة كانت أميركا توضع بين خيارين: اتباع سياسة تخدم مصالح الشعب الاميركي، أو سياسة تعطي الأولوية لأمن «إسرائيل» وأطماعها في الشرق الاوسط والعالم. وعلى عكس ما يظن البعض انّ أوباما متناغم تماماً مع الخط الأخير، إلا أنّ العكس هو الذي حدث حتى وصل الأمر إلى حدّ ان يقول صحافي أميركي: «يجدر بـ«اسرائيل» قتل أوباما».
كذلك هناك العديد من المؤشرات التي تؤكد انّ طبيعة أوباما تكره العنف والحرب، وان هذا الأمر جرى استغلاله وما زال بخدمة بعض الدول العربية وإعلامها في خلق حالة من العداء بين الرئيس الأميركي والعرب على أنهم إرهابيون ودمويون، عكس الفكرة التي دخل بها أوباما إلى البيت الأبيض أول مرة، وهي ما جعلت العلاقة بينه وبين «إسرائيل» فاترة جداً لفترة طويلة. وقد أعطت تلك الحيلة ثماراً. خصوصاً أنّ هذه الحالة التي انتجتها «إسرائيل» في كلّ وسائل الإعلام الأميركية منذ سنوات طويلة وحدث انقطاعها بوصول أوباما إلى السلطة، وهو كرئيس لا يمكنه إجراء تعديل شامل على السياسة الخارجية لبلاده طبعاً فهي دولة صنعت بمواصفات صهيونية كاملة، ولخدمة أغراض هيمنة وسيطرة «إسرائيل» على العالم، الأمر الذي تكشفه تجربة ممتدّة من السياسات المعادية للشعوب وازدهارها في كلّ العالم، وهو الخطر الذي واجه صورة اميركا في أذهان الشعوب الأخرى، والذى يولد حالة من الحقد والعداء.
الآن استعادت «اسرائيل» السيطرة على الرئيس الأميركي الحزين لكل ما يجري حوله عبر الوسيط الفرنسي، فأصبحت «إيباك» وغيرها من المنظمات اليهودية في اميركا كخلية نحل نشاطاً وفاعلية للسيطرة على اميركا واوروبا، بعدما شعرت بالتهديد المباشر متمثلاً في خروج إيران كمنافس قوي على جميع الأصعدة في المحيطيْن الإقليمي والعالمي. قبل هذا ساقت «إسرائيل» أميركا واوروبا باتجاه عرقلة مسار دول البريكس لخلق توازن في النظام العالمي، في مجالات الأمن والدفاع والميزان التجاري. النتيجة كانت ان استعادت روسيا هيبتها الدولية وطوّرت إلى حدّ التفوق على أميركا وترسانتها الحربية. والصين الآن على الطريق ذاته وقد حققت اختراقات هامة في هذا المجال، وقبلهما كوريا الشمالية، فما الذي قد يدفع إيران إلى التقوقع؟ أم تريد «إسرائيل» الحرب فعلاً؟ وهل تقدر عليها؟
المنهج الأحادي الذي تدفع «إسرائيل» نحوه، تعلم أنه سيوصل الى نتيجة واحدة، هي تدمير أميركا وأوروبا، فهي تريد ان تضمن انها الوريث الوحيد. فهل هذا ممكن؟
إنّ «إسرائيل» فعلاً تدمّر أميركا المدينة لإحدى دول البريكس بتريليون ومئتي مليار دولار. والتي لا تملك جيشاً تواجه به حرباً كونية شاملة، فقد فكّكه جورج بوش لمصلحة شركات الأمن الخاصة التي تسهّل مهمة إهدار مال دافعي الضرائب الأميركيين. وخفّض هاغل عديده من أجل تقليص النفقات!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2166047

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2166047 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010