الخميس 6 آذار (مارس) 2014

حول استعادة تفعيل المؤتمر القومي- الإسلامي

الخميس 6 آذار (مارس) 2014 par عوني فرسخ

كان المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي منير شفيق قد وجه لأعضاء المؤتمر سؤالين حول مدى قناعة كل منهم بالأهداف التي تأسس عليها المؤتمر القومي - الإسلامي، استناداً إلى القناعة بأهمية وحدة الكتلة التاريخية والتعاون بين التيارين القومي والإسلامي . وتحديد موقف كل طرف من الآخر، وما يطالب بمراعاته تحديداً دقيقاً يسمح لكل طرف ان يتفهم وجهة نظر مقابله، ما يشكل بداية الانطلاق في البحث عن العلاج وإعادة التوافق . ولقد أجبت الأخ المنسق العام محدداً اجابتي بالنقاط الأربع التالية:
1- كنت في مقدمة الداعين لتفاعل التيارين القومي والإسلامي، باعتبارهما أبرز تيارين في التاريخ والواقع العربي، وقدمت بذلك دراسة أقرها المؤتمر القومي - الإسلامي بعنوان “القوميون والإسلاميون تراكمات الماضي وتحديات المستقبل” .
2- برغم كل المتغيرات والمستجدات خلال السنوات الثلاث الماضية لم أزل على قناعة تامة بأن الإسلاميين، مهما غلوا واشتط غالبيتهم، هم من بعض النسيج القومي العربي وليس من المصلحة القومية اقصاؤهم، وإنما الاسهام في تصويب مسارهم بالقدر المستطاع .
3 - بالعودة لحوارات ثمانينات القرن الماضي بين الرموز القومية والإسلامية التي اسهمت في تأسيس المؤتمر القومي - الإسلامي، يتضح أنه كانت هناك رؤية فكرية سياسية شكلت العامل الأول في لقاء التيارين ويمكن تلخيصها في نقطتين:
الأولى: وحدة الموقف تجاه الصراع العربي - الصهيوني، ورفض اتفاقية كامب ديفيد ودعوات التطبيع مع الصهاينة نظاماً ومفكرين ومواطنين عاديين، مع التفريق بين الصهيوني المرفوض واليهودي غير المعادي .
الثانية: كانت الرموز الإسلامية التي استجابت لحوار القوميين تبدي موقفاً ايجابياً تجاه الفكر القومي العربي والحركة القومية العربية متجاوزة ما كان في خمسينات وستينات القرن العشرين .
4- إن دعوتكم الكريمة حتى تجد صدى مؤثراً تتطلب مراجعة رموز التيار الإسلامي لموقفهم من القضايا التالية:
أ- إعادة النظر جذرياً في الموقف المستجد من الصراع العربي - الصهيوني، واتفاقية كامب ديفيد، والتطبيع مع الصهاينة .
ب -تأكيد التزام الرموز الإسلامية بموقف موضوعي من الفكر والعمل القومي العربي والديمقراطية فكراً وممارسة .
ج - وضوح الموقف الرافض للحركات التكفيرية المشوهة لصورة الإسلام الحنيف .
د- مدى جدية جماعة الاخوان المسلمين في مراجعة مواقفها السياسية والفكرية، خاصة تجاه ما هو قائم في مصر وما هو جار في سوريا .
وكان المفكر الإسلامي مؤسس حزب العمل، عادل حسين قد تساءل في ندوة “القومية العربية والاسلام” التي عقدت سنة ،1980 قد تساءل : كيف استطاع عبدالناصر أن يتصادم مع الاخوان المسلمين ويحتفظ برغم هذا بشعبية واسعة؟ واجاب تساؤله بقوله: "ورأى بداية أن الناصرية لم تصف جماعة الاخوان المسلمين بمجرد استخدام أجهزة الامن، بل إنها اساسا من خلال سحب البساط الفكري والسياسي من تحت قدميها . فحين قادت الناصرية جهادا مقدسا ضد السيطرة الاجنبية والصهيونية، وناضلت من أجل توحيد العرب والعدالة الاجتماعية، ادركت الجماهير الواسعة أن عبدالناصر يعبر عن مضمون اسلامها الثوري ومأثوراته . فلم تتجاوب مع عداء الاخوان لعبد الناصر، ولم تنفضّ عنه بسبب هذا العداء .
ثم إن أدبيات سيد قطب غطت على أدبيات حسن البنا لدى القطاع الاوسع من جماعات الإسلام السياسي . ولم يكن البنا معاديا للوحدة العربية والدعوة القومية العربية، كما أنه ترشح للانتخابات في أربعينات القرن الماضي في مصر، ما يعني انه لم يكن معاديا للديمقراطية، كما كان مؤيدا للتعايش الإسلامي المسيحي . في حين أن سيد قطب انقلب على ذلك كله مقتديا بأبي الاعلي المودودي، المفكر الهندي بحيث قال بتكفير المجتمع من دون أن يدرك التمايز الكيفي بين المجتمع العربي والمجتمع الهندي . متجاهلاً أن المجتمع العربي عالي نسبة التجانس والاندماج على محاور السلالة التاريخية واللغة والثقافة والقيم وانماط السلوك . والمسلمون فيه هم الأكثرية بما يجاوز 90 % على مستوى الوطن العربي، وبما لا يقل عن 65 % في أي قطر عربي . فيما الاسلام : الدين والشريعة، المكون الاساسي لثقافة وقيم وأنماط سلوك العرب، بمن في ذلك غالبية المسيحيين منهم . خلافاً للمجتمع الهندي، متدني نسبة التجانس والاندماج، فيما الهندوسية أبرز مكونات ثقافة الهنود وقيمهم وانماط سلوكهم . والمسلمون فيه أقلية، ما جعل المودودي يتصرف باعتباره ابن أقلية متمايزة عن محيطها الهندي .
وفضلاً عن ذلك، فإن الفكر والعمل القومي حين ينظر اليهما بموضوعية في ستينات القرن العشرين، حين ألف سيد قطب كتابه “في ظلال القرآن”، يتضح أن الحركة القومية العربية، كانت بقيادة عبدالناصر تخوض صراعاً تاريخياً مع الإمبريالية الامريكية وأداتها الصهيونية دفاعاً عن وحدة الامة العربية وتراثها الحضاري وفلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ما يعني أن الجهاد الحق إنما هو في فلسطين وضد العدو الصهيوني ورعاته .
ولما كان قادة جماعات الإسلام السياسي، خاصة قادة جماعة الإخوان المسلمين، هم الذين تنكروا للأسس التي قام عليها المؤتمر القومي - الإسلامي، فهم المسؤولون تاريخياً عن أزمة المؤتمر، وبالتالي فإن إعادة تفعيله رهن بإقدامهم على تصويب مسارهم ومقولاتهم وسلوكياتهم ووضوح عودتهم الصادقة للالتزام بالمفاهيم القومية الستة التي تم التوافق معهم عليها، وهي: الاستقلال الوطني، والوحدة القومية، والديمقراطية، والتنمية المستدامة، والعدالة الاجتماعية، والتجدد الحضاري . فهل تراهم فاعلين؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165549

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165549 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010