الاثنين 3 آذار (مارس) 2014

أوكرانيا وكرة الثلج

الاثنين 3 آذار (مارس) 2014 par أمجد عرار

عندما تنقل “هآرتس” الصهيونية عن دبلوماسي أوروبي اعترافاً بأن الغرب لا يملك احتمالات فعلية للرد على التدخل الروسي في شبه جزيرة القرم الأوكرانية ذات الأغلبية الروسية، فإنه يتحدّث عن مكنون القدرة الغربية في التعاطي مع قضية طرفا خيطها بيدي موسكو . هذا ما يفسّر تلقي فلاديمير بوتين اتصالات من نظرائه الغربيين، عددها يفوق ما تلقاه منهم منذ تسلّم السلطة من العجوز المهادن للغرب بوريس يلتسين .
كتبت في هذا المكان بالذات قبل قرابة أسبوع أن الأزمة في أوكرانيا بدأت الآن، أي منذ إطاحة يانكوفيتش الذي أعلنته موسكو الرئيس الشرعي ومنحته الحماية، وهي تبحث في هذه الأثناء اعتبار الرئيس المعيّن مجرم حرب .
الفرنسي هولاند اتصل ببوتين ودعاه “وفق التعبير الدبلوماسي” إلى تفادي اللجوء إلى القوة في أوكرانيا . الدعوة شيء والتحذير شيء آخر . باراك أوباما فعل الشيء ذاته، فسمع من بوتين أن المواطنين الروس في أوكرانيا يواجهون تهديداً حقيقياً، وحسم له جديّة نوايا روسيا في الدفاع عن الروس في شرق وجنوب أوكرانيا .
وهذا الجواب يعني في المقلب الآخر “لا تتدخّل” .
بان كي مون الذي يراقب الأحداث بجدية وقلق، كما يقول الناطق باسمه، ينوي التحدث مع بوتين قريباً، في حين بدأت جلسة مشاورات غير رسمية لمجلس الأمن حالياً بطلب من مندوب أوكرانيا . ما الذي يستطيع أن يحصل عليه مجلس الأمن في هذه القضية؟ تجربة المجلس مع موسكو خلال السنوات الثلاث فيها ما يكفي من الإجابة .
قول رئيس الوزراء الأوكراني إنه يستبعد تدخلاً عسكرياً روسياً، فيه تعبير عن رغبات وأمنيات أكثر مما فيه قراءة مواقف، لأن هذا “الاطمئنان” المسمى عدم استبعاد يناقضه قول مندوب أوكرانيا في مجلس الأمن “نسعى لحماية غربية” . . وإلا، حماية من ماذا؟
من المؤكّد أن القادة المعيّنين في كييف، ربما لم يقرأوا موازين القوى جيّداً، لكنهم لا شك قرأوا التاريخ جيداً . لذلك سارع وزير الدفاع الأوكراني للاتصال بنظيره الروسي في محاولة لجس نبض الروس والمدى الذي قد يصلون إليه في ردود فعلهم المتصاعدة بسرعة وسخونة كبيرتين . وفي السياق أيضاً يأتي تنبيه رئيس الوزراء الروسي نظيره الأوكراني بأن موسكو تعتزم حماية العسكريين والمواطنين الروس في القرم . وهناك أنباء عن احتمال زيارة وشيكة لقادة السلطة الجديدة في كييف إلى موسكو، وهي خطوة، سواء تمت أو لم تتم، تتحدّث عن نفسها بطريقة لا يستطيعها أي محلل سياسي .
كل هذه المواقف جاءت على إيقاع سريع فرضته القرارات المتلاحقة على الحلبة الروسية، منذ بدأ الحشد البري والمروحي على حدود أوكرانيا، مروراً بتصويت مجلس الاتحاد الروسي بالإجماع على مشروع قرار يخوّل بوتين إرسال قوات عسكرية الى أوكرانيا، ثم طلب بوتين من حكام المناطق الروسية في البرلمان إرسال قوات إلى أوكرانيا، ثم قيام متظاهرين في دونيتسك في القرم بإنزال العلم الأوكراني ورفع العلم الروسي مكانه، وليس انتهاء بمحاصرة قوات كوماندوز روسية مقر قيادة خفر السواحل الأوكراني في سيباستوبول .
هذه التطورات المتصاعدة على نحو يشعل فضول المتابعة، كل منها بداية لما بعده في خطوط متوازية، وتشير بوضوح إلى أن الكلمة الأخيرة لم تقلها موسكو بعد، وأن كرة الثلج الروسية تتدحرج بسرعة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2178822

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2178822 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40