الجمعة 28 شباط (فبراير) 2014

فضيحة عنصرية

الجمعة 28 شباط (فبراير) 2014 par خيري منصور

أثارت كلمة رئيس البرلمان الأوروبي “مارتن شولتس” التي ألقاها في الكنيست عاصفة في الأوساط اليهودية - لأنه تحدث عن الاستيطان الجائر وعن حصة الماء الشحيحة التي يأخذها الفلسطينيون في بلادهم، وكانت تلك الكلمة بمثابة اختبار رسب فيه الكثير من العنصريين واليمينيين، بقدر ما اتضحت مواقف أخرى مضادة للسائد الصهيوني ومنها ما كتبه عوزي برعام في صحيفة “هآرتس”، فقد قارن على نحو مباشر بين نظام الفصل العنصري السابق في جنوب إفريقيا وبين ما تمارسه الدولة الصهيونية في فلسطين، وانتهى من خلال سرده لقرائن وحيثيات عدة إلى أن النظم القائمة على أسس عنصرية تتشابه في نهاية المطاف، يقول إنه شعر بالخجل مما قاله عضو الكنيست “موتي يوغاف” عندما صرخ في وجه رئيس البرلمان الأوروبي الضيف، ورأى في مثل هذا الموقف الأرعن والمتطرف نموذجاً لما أنهى التاريخ صلاحيته في جنوب إفريقيا، لكنه لايزال قائماً في فلسطين، وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة لصرخات مجنونة من طراز تلك الصرخة التي وجهها عضو الكنيست لضيفه الأوروبي .
ففي أعقاب صدور كتاب الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عن الفصل العنصري أصيب المتطرفون من غلاة الصهيونية بنوبة سعار، ومنهم من اتهم كارتر باللاسامية، وهذه تهمة جاهزة ومعلبة تتربص بكل من يعلنون العصيان على تل أبيب وتعاليمها .
ولأن الاحتلال كما الاستيطان والاستبداد لا هوية له ولا جغرافيا، لأنه قابل للتكرار في كل زمان ومكان، فإن العالم لم يودع التمييز العنصري في جنوب إفريقيا تماماً . لهذا قال الراحل نيلسون مانديلا غداة الاحتفال بالحرية إنه لا يشعر بالسعادة الكاملة لأن فلسطين تعاني ما عانته بلاده، وربما لهذا السبب تذرع نتنياهو بعدم حضور جنازة مانديلا لأسباب اقتصادية، فالرحلة هذه المرة باهظة التكاليف لأنها من أجل وداع مانديلا وليست مكرسة للدسائس المخابراتية في إفريقيا .
ولا بد أن رئيس البرلمان الأوروبي شعر على الفور ولمجرد أن بلغه رذاذ اللعاب المسعور بأن ما قاله ليس دقيقاً فقط بل هو أقل مما يجب قوله، مادامت هناك عينات من طراز “يوغاف” الذي يمثل شريحة اجتماعية وسياسية في الكنيست . لقد بدأ يتضح بأن المقولة المتداولة عن عدم القدرة على خداع كل الناس لكل الوقت تجد لها تجلياً ميدانياً في فلسطين المحتلة وتحت القبة التي يحتشد فيها ساسة يمثلون أعداداً كبيرة من الناخبين . فالمخفي أعظم، لكن سوء حظ المتطرفين والغلاة من العنصريين هو في انفعالهم السريع، الذي يفتضح ما يملأ أدمغتهم وقلوبهم من ظلام العنصرية وأوهامها .
ولم يخطر ببال نائب البيت اليهودي “يوغاف” أنه أراح الفلسطينيين من عناء افتضاحه، لأنه فعل ذلك بنفسه .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2177822

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2177822 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40