الخميس 20 شباط (فبراير) 2014

اقامة منطقة حظر جوي وتسخين الجبهة الجنوبية السورية مقامرة امريكية

الخميس 20 شباط (فبراير) 2014 par عبدالباري عطوان

مع اقتراب الازمة السورية من دخول عامها الرابع يقف الرئيس الامريكي باراك اوباما امام خيارات صعبة حاول تفاديها طوال الاعوام الثلاثة الماضية، اي تسليح المعارضة السورية باسلحة متقدمة بما في ذلك صواريخ مضادة للطائرات، واقامة منطقة حظر جوي في جنوب سورية توفر الحماية للمقاتلين الذين من المفترض ان يزحفوا نحو العاصمة دمشق.
دمشق تشكل “درة التاج” بالنسبة الى النظام السوري ومستقبله، ويبدو ان القرار الذي توشك الادارة الامريكية على اتخاذه كرد على فشل مؤتمر جنيف في تشكيل هيئة حكم انتقالية يتنازل فيها الرئيس بشار الاسد عن جميع صلاحياته الامنية والسياسية، من حيث الدفع بآلاف المقاتلين السوريين الذين جرى تدريبهم على ايدي خبراء اردنيين وامريكيين عبر الحدود مع الاردن باتجاه دمشق.
ما لا يدركه الامريكان وحلفاؤهم في منطقة الخليج، وخاصة في المملكة العربية السعودية وقطر، انه ليس في نية النظام السوري التنازل عن الحكم طوعا تحت اي ظرف من الظروف، وانه سيقاتل حتى النهاية، تماما مثلما فعل الرئيس العراقي صدام حسين، والليبي معمر القذافي، والجزائري عبد العزيز بوتفليقة، ويعتقد ان فرصته في البقاء كبيرة، بفضل الدعمين الروسي والايراني، وتغير الخريطة السياسية في المنطقة بعد الانقلاب الذي اطاح بحكم الاخوان في مصر علاوة على صموده في ميدان المعارك، ولاعتقاده ان المرحلة الاصعب في الازمة قد مرت، وانه بدأ يخرج من عنق الزجاجة.

هناك ثلاثة احتمالات رئيسية يمكن ان تؤدي مجتمعة او متفرقة لسقوط الانظمة الاوتوقراطية:
*اولا: حدوث تدخل عسكري خارجي في اطار تحالف دولي على غرار ما حدث في العراق وليبيا وافغانستان.
*ثانيا: انقلاب عسكري يقوم به الجيش ضد القيادة السياسية، او انقسام الجيش على نفسه والدخول في اقتتال داخلي.
*ثالثا: اغتيال الرئيس على ايدي مؤامرة داخلية من خلال اختراق المجموعة الامنية المشرفة على حمايته، او عملية كوماندوز تنفذها قوات خاصة، والاخيرة حاول البريطانيون اللجوء اليها لاغتيال الرئيس صدام حسين قبيل الغزو وفشلت فشلا ذريعا.
الاحتمالان الاول والثاني مستبعدان حتى هذه اللحظة، فالرئيس الامريكي لا يريد تدخلا عسكريا في اي دولة من دول الشرق الاوسط، وانشقاق الجيش غير وارد، لانه اظهر ولاءا اثار دهشة الجميع، وقلب كل حسابات الامريكان والغربيين وقاتل ثلاثة اعوام، واللافت ان الانشقاقات في صفوفه باتت محدودة جدا ان لم تكن معدومة.
ومن المفارقة ان الانشقاقات والانقسامات العسكرية والسياسية تقع حاليا في صفوف الجيش السوري الحر، جيش المعارضة الرسمي الذي تريد الولايات المتحدة توسيع دائرة تسليحه، فقد اعلن اللواء سليم ادريس رئيس اركانه المعزول رفضه قرار هيئة الاركان العامة باقالته من منصبه، واعلن في بيان القاه وسط عدد من قادة الجبهات والمجالس العسكرية للمعارضة “فك الارتباط مع مجلس الثلاثين ووزير الدفاع في الحكومة المؤقتة”، واصفا قراراتهم بانها “ارتجالية وفردية وباطلة شرعا وقانونا”، بينما تدرس قيادات سياسية منشقة عن الائتلاف تشكيل كيان مواز.
يظل الاحتمال الثالث وهو احتمال الاغتيال، وهذا احتمال صعب التحقيق، لان اختراق الدائرة المحيطة بالرئيس ليس بالعملية السهلة، وانا اجزم ان النظام السوري، مثل نظيره العراقي السابق، لا يتهاون في المسألة الامنية، ويحاكم الناس، بل يعدمهم على نواياهم، وليس اعمالهم فقط.
اذكر هذه الواقعة: في عام 1979 اعدم الرئيس صدام حسين مجموعة من اعضاء مجلس قيادة الثورة وقيادة حزب البعث اثناء انعقاد المؤتمر العام للحزب، واعتقد ان عددهم كان 13 عضوا قياديا.
نشرت الخبر على الصفحة الاولى في صحيفة “الشرق الاوسط” التي كنت اعمل بها، وفي الصباح اتصل بي الاستاذ سعد البزاز الذي كان مديرا للمركز الثقافي العراقي في لندن غاضبا، ومزمجرا ومؤكدا انني ارتكبت خطئية كبرى، وعندما استفسرت قال لي ان النظام العراقي لم يعدم هؤلاء لانهم تآمروا على قلب نظام الحكم مثلما قلت، فقلت له، اذا كانوا يتآمروا فعلا فلماذا اعدمتموهم؟ اجاب بحزم: اعدمناهم لانهم “فكروا” في الآمر، فنحن لا نسمح لاحد ان ينتقل الى مرحلة التآمر.

مصدر سوري وثيق اكد لي ان النظام السوري هو الذي اعدم المسؤولين الامنيين الاربعة وعلى رأسهم آصف شوكت صهر الرئيس وزوج اخته لانه كان “ينوي” الانشقاق والانتقال واسرته الى قبرص، واستأجر بيتا بالفعل في ليماصول، بعد ان ضمن حق اللجوء السياسي من السلطات القبرصية اليونانية عبر وسيط.
تسخين الجبهة الجنوبية، واقامة منطقة حظر جوي تعني توسيع دائرة الصراع، بحيث تشمل الاردن وربما العراق، وتشديد الخناق على دمشق لابما يدفع موسكو التي حذرت امريكا بشدة من اغتيال الرئيس الاسد، الى التدخل لحماية حليفها بطريقة او بأخرى، ولو كانت مسألة اقامة حظر جوي فوق درعا مسألة سهلة لاقامتها امريكا فعليا قبل ثلاث سنوات على غرار ما فعلت في العراق قبل غزوه واحتلاله.
الرئيس اوباما يريد ارضاء المملكة العربية السعودية وقيادتها وهو والذي يعتزم زيارتها الشهر المقبل، والحديث عن الحل العسكري مجددا يصب في هذا المضمار، فالرئيس الامريكي يدرك خيبة الامل السعودية المزدوجة والصادمة التي جاءت بفعل اسقاطه الحل العسكري ضد العدوين اللدودين للسعودية وهما ايران وسورية.
تسخين الجبهة الجنوبية خطوة على درجة كبيرة من الخطورة لانها قد تؤدي فعلا الى زعزعة استقرار النظام وعاصمته دمشق، ولكن مقابل ثمن باهظ وخطير وهو اشعال فتيل حرب ساخنة بين واشنطن وموسكو، ولكن هذا التسخين من الصعب ان يؤدي الى تحقيق الهدف المعلن منه اي دفع النظام الى الذهاب الى جنيف مرة اخرى حاملا كفنه بين يديه، ومسلما السلطة الى السيد احمد الجربا، وهذا اذا ظل على رأس الائتلاف حتى ذلك الحين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2177806

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2177806 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40