الأحد 16 شباط (فبراير) 2014

اليمن . . الانتصار لا الانتظار

الأحد 16 شباط (فبراير) 2014 par هاشم عبد العزيز

في العاشر من الشهر الجاري أعلن في العاصمة اليمنية صنعاء أن لجنة تحديد الأقاليم التي شكلت لهذه المهمة برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي أقرت “أقاليم الدولة الاتحادية على أساس ستة أقاليم” اثنان في الجنوب وأربعة في الشمال ويتكون كل إقليم من عدد من الولايات (المحافظات) وأعطى القرار مدينتي صنعاء وعدن أوضاعاً خاصة، على أن تكون الأولى مدينة اتحادية غير خاضعة لسلطة أي اقليم ويتم وضع ترتيبات خاصة بها في الدستور لضمان حياديتها واستقلالها، والثانية مدينة إدارية واقتصادية ذات وضع خاص في إطار إقليم عدن وتتمتع بسلطات تشريعية وتنفيذية مستقلة تحدد في الدستور الاتحادي .
ومع أن القرار وضع نهاية للاحتمالات والتوقعات في شأن شكل الدولة اليمنية القادمة الذي ستأخذ به اللجنة لكنها بقرارها لم تسدل الستار على مشهد الخلافات في شأن هذه القضية داخل مؤتمر الحوار الذي انفضّ بعد عشرة أشهر من الانعقاد من دون التوصل إلى قرار، وهذا ما تكشفه خارطة ردود الأفعال على هذا القرار .
أشارت اللجنة في تقريرها إلى أنها استضافت “عدداً من الخبراء المحليين في عدة جوانب اقتصادية وإدارية واجتماعية ذات علاقة بتكوين الأقاليم الاتحادية على أسس التكامل والاستقرار الاقتصادي” وأنه “تم استعراض تجارب العديد من دول العالم الاتحادية وإبراز نقاط القوة والضعف والدروس المستفادة منها في مجال توزيع عائدات الثروة والسلطة” .
وأكدت أنها اعتمدت “على المبادئ التي تم التوافق عليها في وثائق مؤتمر الحوار الوطني الشامل وهي: تمتع المواطنين اليمنيين بكافة الحقوق والواجبات بما يحقق المواطنة المتساوية، التنافس الإيجابي بين الأقاليم، التكامل الذي يضمن توظيفاً كفؤاً لموارد كل إقليم مع الأقاليم الأخرى، التجانس لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ولتلبية احتياجات الشعب في حياة كريمة وأن يتمتع كل مستوى من مستويات الحكم في الدولة بصلاحيات تحدد في الدستور في إطار الدولة الاتحادية” .
إلا أن ردود الفعل لم تكن في مستويات متفاوتة القبول، كما كان في شأن وثيقة الحوار الوطني ووثيقتي “الضمانات” و“المخرجات” فخارطة ردود الأفعال كانت من رافضين لمخرجات لجنة تحديد الأقاليم، وهذا ما عبر عنه المجلس السياسي ل“أنصار الله” المعروفين بالحوثيين الذي “اعتبر قرار تحديد الأقاليم أهم وأخطر القرارات التي لا يجوز بحال من الأحوال أن يخضع لأي تحيزات أو مساومات سياسية أو مكايدات حزبية”، معتبراً أن الخلل في المخرجات “سيؤسس لخلل في بناء النظام السياسي ذاته” .
كما رفض الحزب الاشتراكي اليمني القرار، وأكد أن صيغة لجنة تحديد الأقاليم “لا تقدم حلاً للقضية الجنوبية التي تشكل جوهر الأزمة الراهنة وعاملاً رئيساً في تحديد شكل الدولة”، كما أوضح أن “هذه الصيغة الخاصة ب 6 أقاليم جرى فرضها بنية وإخراج مسبقين ولم يتح للخيارات الأخرى أن تتبلور وتعبر عن نفسها بصورة متوازنة وبالذات خيار الإقليمين، حيث لم تتح الفرصة ذاتها من المناقشة المتوازنة وفقاً لقرارات مخرجات الحوار” .
مجدداً تمسك الحزب الاشتراكي بوجهة نظره حول شكل الدولة الاتحادية على أساس إقليم في الشمال وإقليم في الجنوب، مؤكداً ان هذا التصور يمثل حلاً واقعياً لأزمة الوحدة ومخلفات حرب ،1994 ويحقق في الوقت ذاته الحفاظ على وحدة الجنوب ووحدة الشمال والوحدة اليمنية عموماً، مشدداً على أهمية احترام إرادة الجنوبيين في بناء الجنوب إقليماً موحداً .
وإذا كان الرفض والمعارضة لقرار لجنة تحديد الإقليم ارتدى أيضاً طابعاً غير سياسي كما في شأن محافظة ذمار؛ فمن اللازم القول إن أعداداً غير قليلة من أوساط سياسية تعتبر أن قرار لجنة تحديد الأقاليم إنجاز كبير ومخرج رحب لحل كافة مشاكل اليمن .
لكن ما هو جدير بالإشارة إليه أن البعض بدأ يطلق صيحات ابتهاجه وأفراحه لا لانتصار اليمن الذي لا يمكن أن يقوم إلا على مشروعات تاريخية وشراكة توافقية، بل لحسابه أن إقرار شكل الدولة على ستة أقاليم هو انتصاره على غيره في استمرار لاستجرار دوامة الصراع السياسي، وهذا ما أعلنه أحد المشائخ القبليين الذي قال إن “تحديد الأقاليم قضى على المزايدين الذين لا يرون إلا الجانب المظلم وأن الحراك الجنوبي أصبح قديماً ولم يؤت أكله للجنوب” .
لقد كانت قضية شكل الدولة بكيانها ومكوناتها من أبرز القضايا التي تصدى لها مؤتمر الحوار الوطني وخاض في شأنها نقاشات مطولة، لكنه انتهى دون حسمها جراء قلة المشروعات الاستراتيجية التي قدمت ولم تجد سوى من يرفضها من دون اطلاع في مواقف سياسية أدخلت المؤتمر في متاهة التحالفات المتصادمة مع طبيعته الائتلافية والوفاقية وقضاياه الرفيعة عن لعبة المصلحة الصغيرة .
في أي حال مازال الوقت مبكراً للحكم على كل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، لكن الانتظار في ظل أزمات اليمن الطافحة والطاحنة مفتوح على شتى الاحتمالات؛ فهل تبدأ مسيرة الانتصار لليمن بحياة كريمة وسعيدة للإنسان؟
هذا سؤال اللحظة الذي ستتوقف الإجابة العملية عنه إن كان اليمن في تقدم إلى الأمام أم إلى الانحدار؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2165543

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165543 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010