الخميس 13 شباط (فبراير) 2014

ريادة في الموت ومؤخرة في الحياة؟

عبد الناصر
الخميس 13 شباط (فبراير) 2014

عندما باشر الإمام عبد الحميد بن باديس، مشروع النهضة الكبير الذي جعل الجزائر تحتفل بذكرى قرن من احتلالها بطريقتها العلمية الخاصة، أصرّ على أن يسمّي كل المدارس التي كان يلقّن فيها تلامذته القادمين من كل مكان، بمدارس التربية والتعليم، وأصرّ على أن يجعل التربية تسبق التعليم، وكانت أصوات كثيرة قد طالبت منذ سنوات بإدراج التربية المرورية ضمن المقرّر الدراسي وحتى الجامعي، على أمل أن تتوقف كوارث المرور التي جعلت الجزائر تحتل المركز الريادي في عدد القتلى، بدليل أن ما شهدته الجزائر من حوادث موت يومي الجمعة والسبت خاصة في خنشلة وقسنطينة، نافس في حصيلته ما تسجله بعض البلدان خلال العام كله، وعاد السؤال عن الدور الحقيقي للمدرسة سواء العائلية أو التربوية أو الخاصة بالسياقة..

فلو كان كل مدرسي السياقة متشبعين بالأخلاق الكريمة، ويخافون العقاب الإلهي والدنيوي ما منحوا رخص السياقة بأثمان مادية بخسة، ولو كان السائق يعلم ويؤمن بأن حريته تنتهي عند حدود حرية الآخرين، ما سار بالسرعات الجنونية التي نراها في طرقاتنا التي هي أصلا غير سيّارة، ولو كان رئيس البلدية والمقاولون يحفظون ويؤمنون بمقولة الفاروق عن بغلة العراق التي يحاسبهم الله على سقوطها بسبب الطريق، ما تقاعسوا عن إصلاح هاته الطرق التي تحوّلت إلى مقابر، ولو كان المتاجرون بقطع الغيار ومستوردوه من الخارج يؤمنون أن من غشّ الأمة فليس منها، ما قتلت هاته السيارات الحديثة في شكلها والمغشوشة في مضمونها آلاف الجزائريين، فكانت التربية الإسلامية وغيرها من العلوم داعما للتربية المرورية التي يحتاجها الجزائريون حتى لا يبقوا في ريادة الموت ومؤخرة الحياة.

وحتى ما يقدم في مادة التربية الإسلامية، والأساتذة والمعلمون المختارون لها يحتاج إلى مراجعة شاملة، لأن الأساتذة الذين طالبوا الدولة بالمرتبات وبالترقية وذاك من حقهم، من حق المجتمع أيضا أن يسألهم عن سرّ فشلهم في إيصال القيم الإسلامية السمحاء التي تدعوا لمكارم الأخلاق والتفوّق العلمي للطالب، بدليل أن العنف بلغ مشارف المدرسة، وصار نطح أستاذ أو ركل مدير من الأخبار العادية في مدارسنا التي يقال إنها تقدم التربية الإسلامية، لأن المشكلة ليس في أن نقرأ الزبور، وإنما أن نعرف كيف نقرأه وعلى من نقرأه؟ حتى لا يبقى الجدل التعليمي مجرد تغيير مواقع أو تجديد نفس، كما يحدث في الحقائب الوزارية في الجزائر، حيث تتغير الأسماء ويتبادل الوزراء الحقائب والهمّ واحد.

قد يحفظ السائقون كتاب المرور عن ظهر قلب، ومع ذلك في أول قيادة لسياراتهم يرتكبون حادثا مميتا، وقد يحفظ الطلاب القرآن الكريم، عن ظهر قلب، ومع ذلك في أول اختبار حياتي يزلّون ويغشون، ويبقى الحل الوحيد هو أن نقرن التربية دائما بالتعليم بقوانين لا يتجاوزها أحد مهما كانت رتبته .. رغم أن الكثيرين مقتنعون أن لا تربية بقيت ولا تعليم... ولا قانون؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2178132

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2178132 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40