مرة جديدة توقف مخابرات الجيش اللبناني أشخاصاً في طريقهم إلى تفجير أجسادهم أو سيارات مفخّخة في الأسواق أو المساجد في هذه المنطقة اللبنانية أو تلك . في أكثر من مرّة يتبيّن أن بين المقبوض عليهم فلسطينيين من اللاجئين في المخيمات . ظاهرة مؤسفة وخطرة وتؤشّر إلى مرض في الوعي لدى هؤلاء وبيئاتهم الفكرية الحاضنة، إذ لا ينبغي لفلسطيني أرضه محتلة منذ سبعة عقود، وأبناء شعبه يقتلون ويعتقلون وينكّل بهم، وتدنّس مقدّساته كل يوم، أن ينسى كل ذلك ويفكّر في القتال في أي مكان آخر أو يدس أنفسه في قضايا الآخرين .
لقد سبق أن انخرط فلسطينيون في مجموعات تكفيرية عربية تمترست في نهر البارد، وقتلت أفراداً من الجيش اللبناني، فكان أن تسببت بتدمير المخيم، ولولا بعض الحكماء اللبنانيين والفلسطينيين، لحدث شرخ عميق في وشائج العلاقة اللبنانية الفلسطينية . حتى لا يحدث مثل هذا الشرخ، ينبغي على الفصائل الفلسطينية كلها التي تكن الاحترام للبنان وسيادته، وتحفظ له ايواءه للاجئين منذ النكبة، أن يعملوا مع الدولة اللبنانية لاستئصال شأفة هذه الظاهرة البغيضة، فهي تدرك بحكم التجربة الطويلة أن هناك قوى وجهات فتنوية عنصرية تتصيّد وتتحيّن الفرص لإشعال فتيل الفتن والحروب الأهلية، ولا يجب أن يساهم أحد في منح هؤلاء الذريعة والأجواء الملائمة، ومن يتذكّر التاريخ يعرف أن هؤلاء قاتلوا مع “إسرائيل” ضد اللبنانيين والفلسطينيين .
أياً كانت الظروف، من المستحيل أن تنجح محاولات حرف البوصلة عن فلسطين، لا بالنسبة إلى أبنائها ولا إلى الشرفاء العرب، وهؤلاء الذين يبيعون أنفسهم أو يتعرضون لمسح الدماغ، سيبقون حالات منفردة ولن يمثّلوا الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات الذي بقيت بوصلته تتجه نحو فلسطين والقدس مهما اشتدت المحن والمؤامرات . نتذكّر أن الذي يحمل هؤلاء الممسوحين دماغياً اسمه، ترك الجهاد في وطنه فلسطين وذهب ل“يجاهد” في أفغانستان، ثم قتل على أيدي زملائه “المجاهدين”، وها هي أفغانستان مضرب مثل لكل دولة فاشلة .
سبق أيضاً أن ارتكب الفلسطينيون، كفصائل، أخطاء في بعض الدول العربية، لكنّهم نقدوا التجربة واستفادوا منها ونبذوا معظم السلوكيات والممارسات التي أساءت للنضال الفلسطيني . وليس من الحكمة أن يعيد أحد التجارب السلبية، لا من خلال التدخّل في شؤون مصر الداخلية، ولا من خلال حرف البوصلة الجهادية والنضالية وإبعادها عن فلسطين والقدس إلى لبنان وسوريا أو أي مكان آخر . ولقد بات واضحاً أن كل هذه “الفوضى غير الخلاقة” إنما هي من صنيعة من يريدون إخراج الصهاينة من معادلة الصراع التاريخي، وابتداع معادلات صراع أخرى من شأنها تأبيد الاغتصاب الصهيوني لفلسطين، حيث باتت “إسرائيل” منذ ثلاث سنوات أكثر المناطق هدوءاً وأمناً في العالم ومنذ إنشائها في بدايات المؤامرة الدولية .
وبالعودة إلى لبنان، البلد الذي يؤوي العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين، ثمة مهمّة ملحّة تقع على عاتق الفصائل الفلسطينية، وهي أن ترفع الغطاء عن أي فلسطيني يشارك في إلحاق الأذى بلبنان أو سوريا، وأن تتعاون مع الدولة اللبنانية في محاكمة كل من يخرق القوانين اللبنانية ويخدش العلاقات التاريخية مع الشعب اللبناني، وليتحمّل كل ضال عن السبيل نتائج أفعاله ولا يعكسها على الفلسطينيين وقضيتهم المقدّسة .
الجمعة 14 شباط (فبراير) 2014
الفلسطينيون وأمن لبنان
الجمعة 14 شباط (فبراير) 2014
par
أمجد عرار
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
11 /
2181936
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
20 من الزوار الآن
2181936 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 16