الثلاثاء 11 شباط (فبراير) 2014

رواية ثانية عن اعتقال ساباتاي

الثلاثاء 11 شباط (فبراير) 2014 par وليد الزبيدي

في تلك الأثناء ظهر شخص آخر اسمه كوهين ادعى أنه المسيح أيضاً، وكان منافساً لساباتاي وبعد أن وجد سمعة الأخير قوية وان له الكثير من الاتباع وتم منحه لقب (ملك الملوك)، فقد ذهب كوهين وقدم شكوى ضده لدى القصر السلطاني قال فيها إن ساباتاي يعد العدة للقيام بتمرد بهدف إقامة دولة يهودية في فلسطين، وصدر أمر بإلقاء القبض عليه وتم احضاره إلى القصر، حيث تشكلت لجنة للتحقيق معه بخصوص ذلك وكانت اللجنة برئاسة نائب الصدر الأعظم وعضوية كل من شيخ الاسلام وواحد من كبار العلماء، ولأنه لم يكن يتكلم اللغة التركية مثل غالبية اليهود الذين وصلوا من اسبانيا وبعض الدول الأوروبية فقد احتاجوا إلى مترجم من الاسبانية ليتم استجوابه، وما كان من ساباتاي إلا أن انكر الادعاءات التي قدمت ضده.
وعندما أعلن إسلامه أرسل نشرة إلى اتباعه قال فيها “جعلني يهوه مسلماً، انا اخوكم محمد، هكذا امرني فأطعت” ثم قدم اخوه التوضيح الاتي “كيان ساباتاي القديم صعد إلى السماء، وبأمر من يهوه، ترك ملكاً يستمر في كونه المسيح ولكن تحت جبة وعمامة”.
وتؤكد الموسوعة البريطانية أنه على الرغم من أن اعتناق الإسلام لم يكن مفروضاً على أهالي البلاد المفتوحة، فقد دخل الكثير من المسيحيين وعدد قليل من اليهود في الدين الإسلامي ليضمنوا مكانتهم في الامبراطورية الجديدة، ومارس معظمهم معتقداته الدينية السابقة من دون تقييد.
وهذا الرأي لا نعتقد أنه التفسير الذي يمكن أن يعتمد، بل إننا نرى أن كل ما حدث لـ (ساباتاي) كان مدروساً من قبل اليهود، وأنهم قد خططوا لخلق شخصيته وابرازها، ومن ثم اثارة الانتباه حولها في الأوساط اليهودية والإسلامية.
وذلك بعد أن وصل إلى ذروة الشهرة ووصل صيته إلى أغلب يهود العالم، وكان يريد أن يجعل من اليهود طبقة فوق الآخرين، وانتبه إلى طروحاته علماء المسلمين ورجال الدولة، واصبح مثار اهتمام الجميع، عند ذاك حان الوقت ليبدأ المرحلة الجديدة، وهي الدخول في الدين الاسلامي، وابتداء مرحلة جديدة وخطيرة ونبني رأينا هذا على الأسس التالية :
أولاً : إن ما اثير من أن السلطان محمد الرابع قد وضعه بين خيارين إما الإسلام أو الموت، لا يمكن أن يكون صحيحاً، لأن الدين الإسلامي المعروف بسماحته لا يجبر احداً من الديانات السماوية الأخرى على دخول الإسلام، وما يردده البعض من أن الإسلام قد أدخل الكثيرين في الإسلام واجبرهم على اعتناقه غير صحيح، حيث إن اليهودية ديانة سماوية يحترمها الإسلام ويفتح أبوابه أمام من يرغب بالدخول فيه، ولا يفرض ذلك على احد اطلاقاً.
وطبقاً لما ذكرته (The Catholic Encyclopedia) فإنه اثناء فترة الوجود اليهودي في تركيا ظهر ساباتاي زيفي ولم تتخذ السلطات هناك أية خطوات لمعاقبة اليهود.
ثانياً: إن مراحل اعداد ساباتاي وتركيز الأضواء عليه والتي يلاحظها الدارس للتاريخ، يجد أن هناك ما يختبئ وراء تلك (الصناعة) التي برع اليهود بها واتقنوها وعلى مرّ العصور والازمان.
ثالثـاً: أن تفسير الكثير من الأحداث التاريخية التي تكون غامضة في حينها أو مبهمة أو تحمل بين طياتها بعض التشويش والضبابية قد يبدو أكثر سهولة بعد ظهور النتائج اللاحقة لتلك الأاحداث، واذا عرفنا ان (يهود الدونمه) الذين هم اتباع (ساباتاي) قد لعبوا دوراً خطيراً وواسعاً في صناعة احداث وتغيير مسار التاريخ سواء كان للدولة العثمانية ام حتى للمنطقة العربية، فإننا لا يمكن ان نعد ظهور (ساباتاي) مصادفة أو انه جزء من الأحداث الطبيعية التي تحصل في التاريخ ولمختلف الطوائف والأديان.
رابعاً: لو كان دخول ساباتاي زيفي الاسلام اجباريًّا، كما أشيع للتخلص من الموت، لما افضى ذلك إلى دخول اتباعه الدين الإسلامي، خاصة أن التعصب اليهودي لديانتهم معروف بشدته، ولكن الذي حصل وخلال عشر سنوات، دخول الكثير من اتباعه الإسلام، وتحول من مخيرّ بين الموت والحياة إلى (داعية) إسلامية تدعو اليهود إلى الإسلام، ولم يكن ذلك سريعاً بل حصل على مراحل، ففي المرحلة الأولى، تظاهر ساباتاي بتعمقه في الدين الإسلامي، ومن ثم عكس ذلك (التعمق) على شكل تعظيم وتبجيل للسلطان ولرجال الدولة العثمانية ومن ثم وصل به (حب الإسلام) والانجذاب إليه إلى درجة أنه طلب من السلطان السماح له بدعوة اليهود لدخول الإسلام، وحصل أن تدفق اليهود ليدخلوا الاسلام، وكانت تلك المرحلة هي امتداد لطروحاته وافكاره التي بدأ بها والتي قال فيها كما ذكرنا سابقاً (أنا سليل سليمان بن داود حاكم البشر، واعتبر القدس قصراً لي). (وكان ساباتاي أول صهيوني يبشر بعودة بني اسرائيل المشتتين إلى فلسطين).
وكان يقول لاتباعه أنه كالنبي موسى اضطر أن يبقى مدة من الزمن في قصور الفراعنة.
يستند ما ذهبنا إليه في دراسة المراحل التي عاشها ساباتاي، إلى ما نقل من أقواله وتعليماته لاتباعه، وما ظهر من سلوكياتهم وأفعالهم اللاحقة والتي وثقها التاريخ واستمرت دعواته السرية تلك حتى وفاته عام 1676.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165415

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165415 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010