السبت 8 شباط (فبراير) 2014

مقدمات “جنيف 3” وتوابعه

السبت 8 شباط (فبراير) 2014 par د. خليل حسين

كما كان واضحاً أن “جنيف 2” لن يكون سوى بداية إعلانية لتوابع مستقبلية، فإن “جنيف 3” لن يكون أيضاً سوى محطة أخرى في سياق مفاوضات متعددة الأطراف والأغراض، بمعزل عما هو معلن بشأن خصوصية الأزمة السورية ومآلات مشاريع حلولها . وبصرف النظر عن التوصيفات التي أطلقت لجهة منسوب النجاحات والفشل في الثاني، فإن الموضوعية تقتضي الاعتراف بأن الثاني قد وضع أطراف الأزمة المباشرين أمام استحقاق لا بد منه وهو اللقاء أولاً، بعيداً عن الأفكار والمواقف المسبقة لجهة الإلغاء أو الإقصاء لأي طرف من الاطراف .
وإذا كان “جنيف 2” انطلق على مضض سياسي مقرون بتحد أمني عسكري للأطراف السورية، فإن ما جرى منذ انتهاء جولة التفاوض لا تبشر بمتغيرات فارقة في موازين القوى الداخلية وبطبيعة الأمر الإقليمية من خلال بعض ملفات الأزمة السورية المتفرعة، ما يعني أن “جنيف 3” لن ينطلق من جديد محدد، سوى التمحور حول نقاط “جنيف 1”، والعودة إلى المربع الأول حول الحكومة الانتقالية واسعة الصلاحيات لا وجود وازن للنظام فيها، في مقابل طروح محاربة الإرهاب . وفي ظل هذين المتناقضين ليس واضحا كيف يمكن للراعي الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي أن يوازن دفة التفاوض ويجتهد في تدوير الزوايا المطلبية الاستراتيجية لكل الأطراف . ما يعني أن ثمة مسائل من الصعب أن تجد لها طريقاً إلى الحل في اللقاء المقبل .
ومن الواضح أن بيئة أية تسوية مفترضة يمكن الاتفاق عليها لاحقاً هي بالضرورة نتاج توافق مصالح أطراف إقليمية ودولية متداخلة، وبالتالي إن البحث في كنه هذه الجولة يستدعي النظر بما يجري في الخطوط الخلفية للمفاوضين . في الشأن الدولي الأمريكي الروسي ثمة توافق مضمر ومعلن حول بعض القضايا، أولاها أن أي بيئة حل للقضايا الأساسية في المنطقة والتي من المفترض أن تراعي مصالح أطراف اقليميين ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، فمن جهة يعد اتفاق الإطار بين إيران والغرب نقطة ارتكاز في التعاطي مع مسائل المنطقة الأساسية والفرعية، وهي خاضعة الآن لشد وجذب كبيرين من الصعب حسم ملامحها قبل يوليو/ تموز القادم، وبالتالي ثمة مزيد من الوقت ليس ل “جنيف 3” وإنما الرابع والخامس، كما أن الملف الكيمائي السوري الذي تدرج بمرونة واضحة في البداية، لكنه يشهد الآن عثرات واضحة استدعت رفع اللهجة الدولية ومن بينها الأمريكية “الإسرائيلية” .
وبموازاة ذلك ثمة أذرع فرعية للأزمة القائمة تمتد على مساحة المنطقة من العراق إلى لبنان والعديد من المواقع ذات التأثير الضئيل ربما، لكنها مرتبطة بشكل أو بآخر في سياق الضغوط على جدول التفاوض القادم . وعلى الرغم من محاولة كل الأطراف الإقليميين إعادة خلط أوراقها والتلميح بنسج خيوط جديدة لها دلالاتها كما حصل بين إيران وتركيا مؤخراً، علاوة على الهجمة الاقتصادية والمالية الاستثمارية الأوروبية على إيران، جميعها توحي بشكل أو بآخر إعادة النظر في بعض صيغ وأوجه التفاوض التي يمكن أن تعزز فرضية على حساب فرضيات أخرى .
وعلى الرغم من محاولة الأطراف السورية تكريس وقائع أمنية عسكرية في محاولة لتحسين أوضاعها التي ستكون غير وازنة في المحصلة النهائية، يبدو أن لعبة تقطيع الوقت هي السائدة التي اقتنع بها الأطراف المباشرون وغير المباشرين في عملية التفاوض، بهدف إتاحة الوقت لنشوء ظروف أخرى في الأشهر المقبلة تعيد تنظيم أوضاعها مجدداً .
وفي ظل ذلك الوضع المعقد سياسياً، يبدو أن بيئة الإرهاب المنتشرة في غير بلد عربي قد وجدت طريقها للتموضع والانتشار بأشكال وأساليب مذهلة، مستفيدة من الاستفادات المتبادلة لنتائجها الكارثية . فالإرهاب ابتلع معظم النظم العربية ومجتمعاتها بحيث باتت العمليات الإرهابية وسيلة فضلى للتعبير عن الرفض لبعض المشاريع والرؤى السياسية، وباتت أداة مثلى للضغوط الممارسة ضد أي طرف يعارضها . وبالتالي كيف سيكون مآل بند كيفية محاربة الإرهاب في “جنيف 3”، وهل بالتالي سيحجب البنود الأخرى المواجهة؟ ثمة الكثير من المعطيات والوقائع التي تشي بأن أفق “جنيف 3” سيتمدد في غير اتجاه بانتظار غربلة وفرز مصالح القوى النافذة في المنطقة وليست بالضرورة روسية وأمريكية فقط!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2178053

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2178053 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40