الأحد 9 شباط (فبراير) 2014

سوريا: هل سيبدأ العد التنازلي؟

الأحد 9 شباط (فبراير) 2014 par هاشم عبد العزيز

إذا لم تكن طرأت مفاجآت على موعد التئامه غداً تبدأ الجولة الثانية من مؤتمر “جنيف-2” في شأن الأزمة السورية، والسؤال: هل سيبدأ العد التنازلي لهذه الأزمة التي وصفت في مؤتمر الأمن الدولي المنعقد منذ أيام ب“الكارثة”؟
بالطبع الإجابة عن هكذا سؤال تبقى أسيرة الاحتمالات والافتراضات والتكهنات والتوقعات لغياب ما يمكن البناء عليه من تطورات .
فمع أن التئام مؤتمر “جنيف-2” الذي جمع السوريين سلطة ومعارضة اعتبر بارقة أمل لمواجهة هذه الأزمة المتفجرة بمأساتها على الشعب السوري والمتداعية إلى أبعد من هذه المنطقة، إلا أن الجولة الأولى التي استمرت عشرة أيام متواصلة كانت أقرب إلى مباراة شد الحبال، إذ تم توصيف المواقف ب“التصلب” والخلافات “حادة” وما بين الطرفين “هوة واسعة” .
والمفارقة أن قضايا المعاناة الإنسانية الطاحنة والقاتلة للسوريين جراء الحرب والعملية السياسية المطلوبة باتجاه انتقال سوريا إلى المستقبل، والإرهاب بفداحة أضراره المباشرة ومخاطره القادمة ومؤسسات الدولة والمعتقلين والمختطفين وغيرها من القضايا كانت حاضرة وتتردد بأصوات عالية، إلا أن الطرفين دخلا في متاهة الخلاف على الأولويات، وبدا كل طرف كما لو أنه يريد من الطرف الآخر التسليم وليس المشاركة، وهذا ما لا يتفق مع مبادئ الحوار وقواعد المفاوضات ولا مع حقيقة أن كل القضايا أولويات سوريا ملحة وجادة وإن الغائب الحقيقي هو الثقة المتبادلة .
وإذا ما أضفنا إلى هذا أنه وفي غضون أيام الدورة الأولى من “جنيف-2” كانت الحرب متواصلة، وحسب المعلومات زاد عدد القتلى على 2000 قتيل، إضافة إلى الجرحى والمشردين وما يلحق من دمار مرعب في المدن والقرى التي باتت بمبانيها ومرافقها ومنشآتها ومزارعها والأهم بسكانها في مرمى القذائف المدمرة وأمزان الرصاص القاتلة .
الواضح أن لا شيء تحقق لا في الميدان ولا في قاعة المفاوضات ولا حتى في الغرف المغلقة، وهذا ما عبّر عنه المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي الذي أبقى الأماني على إحراز تقدم في الجولة المرتقبة، وما كان لافتاً أن الإبراهيمي تجنب إعلان الفشل دلالة على أن النتيجة على هذا النحو كانت متوقعة وهي تعود إلى أسباب متعددة لعل في أبرزها غياب التوافق الإقليمي والدولي عن مسار هذه العملية، وغياب عديد أطراف من المعارضة لرفضها المشاركة ورفض بعض الأطراف دعوة أطراف أخرى من المعارضة الداخلية، وضعف الإعداد والاستعداد من المشاركين . وهذا ما كان مكشوفاً لا من الخلاف على الأولويات فقط بل والدخول في تفسيرات مختلفة لبيان “جنيف واحد” . إضافة إلى غياب الثقة المتبادلة ما يعني أن ما جرى كان بدء أعمال المؤتمر من دون أن تكون الأوساط المعنية والمهتمة في حال انخراط وجهود مشتركة للوصول لنتائج مثمرة .
ومن هذه الوضعية يمكن القول، إنه إذا لم تحدث معجزة يلتقط من خلالها السوريون سلطة ومعارضة فرصة هذا اللقاء لمواجهة الكارثة المتداعية بسوريا وهي تحتم إرادة واعية ومسؤولية عالية، فإن الأمور مفتوحة على احتمالات متعددة ومن بين هذه الاحتمالات:
- الاستمرار في المفاوضات المفتوحة على شراء الوقت تبقى خلالها خطابات الأسقف المرتفعة والمطالب والشروط المتكررة والاتهامات المتبادلة .
إن هذا النفق لن يؤدي إلى إهدار الوقت وهو غال على السوريين لما يعانوه من خطف لأمنهم وأمانهم وزهق لأرواحهم وآلام حرمان في معيشتهم وقهر وإذلال في تشريدهم وحسب بل سيكون ضياع فرصة التسوية السورية .
- الاحتمال الثاني، أن توازي لعبة ضياع الوقت لعبة خفية من الصفقات، وهذا ما كان تردد من جانب وسائط إعلامية متعددة تحدثت عن عقد لقاءات سرية موازية ل“جنيف-2” تجمع أطرافاً دولية وسورية وفي مثل هذا الحال فإن أولوية الدول هي مصالحها، وفي الوضع الراهن الأولوية إنقاذ سوريا .
- أما الاحتمال الثالث أن توازي دورات “جنيف-2” عملية التفافية من خلال تجزئة القضايا، واستصدار قرارات أممية بشأنها كما بدا متداولاً في شأن القضايا الإنسانية بإيصال الأغذية والمواد الطبية للمناطق المحاصرة لتفضي إثر ذلك إلى تسوية دولية بما سيترتب عنها تجاه خيار السوريين وسيادة سورية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165265

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165265 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010