الجمعة 7 شباط (فبراير) 2014

مصر.. سباق بين التوتر والانفجار

بقلم: نسيب حطيط
الجمعة 7 شباط (فبراير) 2014

ما زالت مصر وشعبها منذ ثلاث سنوات يعيشون حالة سباق دائم بين التوتر والانفجار للانتقال إلى مرحلة تطوي صفحة ثلاثة عقود من حكم مبارك وبطانته، ولحقها “الإخوان المسلمون” وأذرعتهم بحكم مرتبك وفاشل لم يدم أكثر من عام.

لقد أصيب الشعب المصري بخيبة أمل صادمة أدت إلى تفجير ما يسمى “الإسلام السياسي” بعد تجربة حكم “الإخوان”، الذي لم يصمد بعد “حمل زائف” استمر أكثر من ثمانين عاماً، حيث تمخض “الجبل الإخواني” فولد فأراً سلطوياً هزيلاً لم يستطع الدفاع عن مشروعه، وعندما أزيح عن السلطة تصرف بشكل انفعالي ومرتبك، فبدأ بإحراق مصر دولة واقتصاداً ومؤسسات، وكأنه وصل إلى مرحلة اليأس السياسي، وأدرك أنه لن يعود إلى السلطة فرفع شعار “عليّ وعلى أعدائي”.

يُروى أنه بعد احتلال فلسطين تم تزويد الجيش المصري بأسلحة فاسدة تقتل الجنود الذين يحملونها بدل قتل العدو “الإسرائيلي”، ويتكرر المشهد اليوم، حيث إن الأفكار الفاسدة والمضللة جعلت مسلحي “أنصار بيت المقدس” يفجرون في القاهرة بدل تل أبيب والمستوطنات “الإسرائيلية”، ويقتلون الجنود والضباط المصريين بدل أن يقتلوا الجنود الصهاينة، وتتجه بنادقهم نحو الخلف بدل أن تطلق النار إلى الأمام.. وكل ذلك نصرة لـ“الإخوان المسلمين” للعودة إلى السلطة، تؤازرهم حركة “حماس” على لسان رئيس حكومتها المقالة إسماعيل هنيه، الذي أكد أن “حماس” لن تتخلى عن معينها الفكري المتمثل بـ“الإخوان المسلمين”، وأنها الذراع “الجهادية” للجماعة.

لقد أصيب الشعب المصري المؤمن والمتدين والطيب بصدمة “الإسلام الإخواني”، وجعله يرجع للتمسك بالجيش والحكم العسكري لإنقاذ البلاد من الإرهاب، وقد وضعت مراهقة “الإخوان” السياسية الشعب المصري بين خيارين: العسكر، أو إرهاب “الإخوان”، فلجأ الشعب إلى الجيش ممثلاً بالمشير السيسي لاستعادة الأمن والاستقرار.

لكن هل سقط "الإسلام الإخواني بلا رجعة؟ وهل وصول السيسي هو الحل؟ وهل تمّت استعادة حكم الضباط للأنظمة بعد الحريق العربي كما جرى في الخمسينات بعد إسقاط الملوك؟ وهل الشعوب العربية غير مهيّأة لظاهرة الديمقراطية وحرية الرأي؟ وهل ما زالت القبيلة أو العشيرة هي أساس المنظومة السياسية والاجتماعية للشعوب العربية، حتى لو أخذت شكل الدولة؟

إن السباق في مصر بين بناء الدولة أو “الجماعة”، والخاسر الأكبر هو الإسلام والشعب، ولنفترض أن الشعب المصري انتخب المشير السيسي رئيساً للجمهورية، فهو أمام خيارين:

- مكافحة الإرهاب بالطرق والأساليب العنيفة، وبالقوة، وهذا ما يجعل مصر وشعبها تحت وطأة التفجيرات والقتل والحرائق المتنقلة..

- الدعوة إلى الحوار لاستعادة الهدوء والوحدة الداخلية والشراكة، لكن المشكلة أن “الإخوان” ومن يحرّكهم ليسوا مستعدين للقبول بذلك، فهم يطرحون معادلة “الحكم لنا وليس لأحد غيرنا”.

ويبقى السؤال المخيف: هل نحن أمام تجربة مصرية جديدة على طريقة التجربة الجزائرية التي عُرفت باسم “العشرية السوداء”، والتي بدأت منذ التسعينات بعد نجاح “جبهة الإنقاذ الإسلامية” بالانتخابات ومن ثم إلغاؤها من قبَل الجيش و“جبهة التحرير الوطني”، ما أدى إلى مجازر وفوضى ما زالت الجزائر ترزح تحت وطأتها حتى الآن؟

هل يتعرض الجيش المصري للاستنزاف والانشقاقات والإرهاق؟ وهل ستقوم قطر بتأسيس الجيش المصري الحر بعد تدمير الجيش العراقي واستنزاف الجيش السوري، ليتم إعلان تدمير الجيوش العربية ضد “إسرائيل”، وإن بقيت فستتحول إلى جهاز شرطة يكافح الإرهابيين والتكفيريين والسلفيين و“الإخوان”؟

نداؤنا “للإخوان المسلمين” قبل الآخرين، وهم يرفعون شعار “الإسلام هو الحل”: احفظوا الإسلام قبل غيركم، والزموا شعار “شرف الوسيلة من شرف الهدف”، فلا يمكن إعلاء الإسلام بقتل المسلمين وتفجير شوارعهم ومؤسساتهم، ولا يمكن إحياء الإسلام عبر قتل الناس وتدمير دولتهم.. راقبوا تجربتكم وأنقذوها، ولا تنسوا العدو “الإسرائيلي” الذي يحتل فلسطين، وانصحوا ذراعكم الجهادية “حماس” بأن تولّي وجهها شطر المسجد الأقصى وفلسطين المحتلة بدل القتال في اليرموك وسيناء والقاهرة.

ونداؤنا للشعب المصري ألا يحمّل الإسلام ما اقترفه “الإخوان” من خطايا، ولا تعطوا أحداً شيكاً على بياض في الحكم والسلطة، واجمعوا جيشكم ليقاتل العدو “الإسرائيلي”، فأنتم الذين قاومتم “التطبيع” أكثر من ثلاثين عاماً قادرون بإذن الله أن تقاوموا الإرهاب المضلل، وأن تثبتوا إيمانكم وعروبتكم بمواجهة المحتلين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4 / 2182200

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2182200 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40