الاثنين 12 تموز (يوليو) 2010

الصهيونية صهيونيتان وفلسطين واحدة

الاثنين 12 تموز (يوليو) 2010 par سعد محيو

تساءلنا بالأمس : أي تأثيرات لـ «الاستسلام» الأوبامي لنتنياهو في فلسطين و«إسرائيل»؟

أول انطباع يمكن أن يخرج به المرء، هو أن هذه الخطوة، وعلى رغم أنها غُلّفت بالدعوة إلى استئناف المحادثات المباشرة، قد تكون المسمار الأخير في نعش خيار الدولتين الفلسطينية و«الإسرائيلية».

وما يلي ذلك، لا يقل عن كونه زلزالاً سيطيح نحو ربع قرن من المحادثات لتسوية القضية الفلسطينية، بدءاً من الاتصالات السرية بين واشنطن ومنظمة التحرير الفلسطينية في الثمانينات، وانتهاء باتفاقات أوسلو وماتلاها.

الخيار الجديد الذي سيحل مكان خيار الدولتين هو السيناريو القديم الذي طُرح منذ العام 1965 : الدولة الواحدة ذات القوميتين العربية و«الإسرائيلية»، كما يقول «الإسرائيليون»، أو الدولة الفلسطينية الديمقراطية كما كانت تدعو أدبيات حركة «فتح» قبل أن تتحوّل من الثورة إلى الثروة والسلطة.

هذا الحدث لن يكون مجرد إحياء لتاريخ مضى، بل هو سيخلق تاريخاً جديداً لكل من «إسرائيل» والفلسطينيين. فبالنسبة إلى الأولى، سيعني ذلك تحوّل الدولة الصهيونية نهائياً إلى دولة عنصرية بالكامل على النمط الجنوب إفريقي، وقد يتضمن ذلك التخطيط لتهجير مليون من فلسطينيي 48 إما إلى الضفة الغربية، وإما إلى الخارج، وإضفاء الطابع الأصولي التلمودي التام على «إسرائيل».

مضاعفات مثل هذا التوجّه لا يمكن التنبؤ بها منذ الآن، لكنها ستؤدي حتماً إلى شطر الصهيونية إلى صهيونيتين : الأولى أصولية دينية متطرفة تقصر التحليلات الصهيونية على التلمود، والثانية صهيونية علمانية تجد نفسها على طرفي نقيض مع لاليبرالية ولاديمقراطية الصهيونية الأولى في كل المجالات : في الفكر كما الثقافة، وفي السياسة كما في الحياة اليومية. وبالطبع، هذا انشطار لايؤدي إلى سوى الحرب الأهلية، أو إلى شكل من أشكالها .

علاوة على ذلك، هذا التحوّل سيرسم المزيد من الأسئلة فوق رأس العلاقات بين يهود «إسرائيل» ويهود الشتات الذين بدأوا أصولاً يُشكلّون منظماتهم الخاصة بهم، والمنفصلة عن المنظمة الصهوينية العالمية (جي ستريت نموذجاً) .

الصورة في فلسطين قد تكون أفضل من الصورة «الإسرائيلية»؛ إذ إن سقوط خيار الدولتين سيعني نهاية «السلطة الوطنية» التي استندت إلى مداميك اتفاقات أوسلو، والتي التزمتها ليس فقط «فتح» بل أيضاً «حماس» حين خاضت الانتخابات وحكمت وفق أحكامها .

خيار الدولة الواحدة، وعلى عكس ماسيجري في «إسرائيل»، لن يقود إلى حرب أهلية فلسطينية، بل ربما إلى وفاق وطني تستعيد بموجبه منظمة التحرير الفلسطينية كل وهجها الثوري السابق، وتعيد بناء اللحمة بين الشعب الفلسطيني وبين الأمتين العربية والإسلامية .

سيتعيّن على «فتح» و«حماس» قريباً التخلي عن وهم السلطة الفلسطينية، والعودة إلى المبادئ الوطنية الفلسطينية الأولى، وهذا لن يحتاج إلى كبير جهد : فمشروع سلام فياض لبناء مؤسسات الدولة في ظل الاحتلال، أثبت أنه حرث في البحر، ومحاولات «حماس» لإقامة نواة دولة في غزة، كانت هي الأخرى قصوراً من الرمال سرعان ما ذرتها أمواج هذا البحر نفسه .

وبالتالي، فإن فضيلة العودة عن هذه الخطيئة الأوسلوية ستكون عملية سهلة، وضرورية، ومطلوبة بإلحاح . إنها ليست المصالحة التي يلهج بها الكل الآن بين «فتح» و«حماس»، بل هي إعادة بناء صرح حركة التحرر الوطني الفلسطيني على أسس جديدة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165282

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165282 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010