شر البلايا ما يضحك.. سرقوا فلسطين وطردوا أهلها ولاحقوهم بالمجازر والكوارث والحصار تلو الحصار والإغلاق والتضييق وتهديم مقدساتهم وتعذيبهم في السجون وتأليب الرأي العالمي ضدهم.. ولازالوا يحتلون الجولان السوري ويمنعون مصر من سيادتها على سيناء ويقصفون في العراق ويقتلون علماءه ويغتالون في طهران ويؤلبون عليها ويقصفون في السودان.. وبعد هذا هاهم يطالبون بتعويضات مالية بمئات المليارات ويكون هذا مضمنا في مقترحات أمريكية رسمية ستقدم إلى الحكام العرب قريبا.
الأمريكان سيفتحون ملف التعويضات التي يطالب بها اليهود جراء ما لحقهم في البلاد العربية.. وهذا الملف ضخم للغاية.. كيف لا وهو سيبدأ من موقعة خيبر وسواها من تلك الواقعات التي تعرض فيها اليهود لعمليات إجلاء من المدينة المنورة.. إنهم سيطالبون بمحكمة للإمام علي كرم الله وجهه وسيعقدونها في إحدى العواصم الغربية وسينبري لمقاضاته كبار القضاة الدوليين وسيضطر المسلمون وخاصة إيران إلى تقديم أموال سنوية لإسرائيل وإلا فعليها التخلي عن التشيع لعلي وحينذاك عليها ما على سواها من الدول الإسلامية، لا سيما السعودية من مبالغ تقدر الآن بأكثر من 250 مليار دولار.. وعلى العراق أن يدفع مبالغ طائلة على ما فعله بإخراج اليهود منه عقب نكبة 1948 والأمر نفسه سيلاحق الجزائر ومصر وسواهما وقد لا ينجو إلا تونس لأن رئيسها الأسبق كانت تربطه علاقات حميمية مع اليهود وقد سبق أن دافع عنهم سرا وعلنا..
وهكذا بقدرة قادر تنقلب القضية إلى واقع آخر.. فبعد أن أصبحت فلسطين دولة يهودية أو دولة لليهود وأصبح الأمريكان في غير الوارد أن يتنازلوا عن هذا الشرط أصبح لا بد من مقاضاة العرب على ما انتهجوه ضد اليهود.. ولعله سيأتي يوم قريب لمقاضاة العرب عن حروبهم الفاشلة مع إسرائيل وعن ما تسببوا فيه من إزعاج للدولة اليهودية وسيدفعون ديات من قتل من اليهود حتى ولو كان بغير عمد..
نعم إننا في مرحلة العجائب وكما قال السابقون: “عش رجبا تر عجبا”.. فكل الدنيا تعرف أن اليهود في الوطن العربي تعرضوا لأبشع عملية مطاردة من قبل المنظمات الصهيونية الإجرامية التي لم تألُ جهدا عن تفجيرات في التجمعات اليهودية في العراق ومصر وتوريط اليهود في أزمات خانقة وقلمت أجهزة الأمن التابعة للعصابات الصهيونية بإرعاب اليهود العرب ودفعهم بحجج وإغراءات جنونية للرحيل نحو فلسطين..
الصهيونية التي مزقت النسيج الاجتماعي لشعب فلسطين وألقت بالشر والحقد بين مكونات المجتمعات العربية من مسلمين ومسيحيين ويهود تقف اليوم لتحاسب العرب بأثر رجعي.. وهي لن تتوقف عند حد وكما ألقوا على ألمانيا قنابل العنصرية والابتزاز سيجدون فرصة في ظل العجز العربي والخور العربي ليلقوا علينا منطق ابتزاز عنيف.
لن نقول إن اليهود لم يعيشوا فترة فيها رفاه وسعادة وراحة بال كما عاشوا في حضن الحضارة العربية الإسلامية ولكن نقول أكثر من ذلك إن اليهود لم يجدوا ناصرا ومغيثا إلا العرب والمسلمين مرة من محاكم التفتيش الإسبانية في غرب أوروبا ومرة من الملاحقات لهم في اليونان.. يعرف المنصفون من اليهود أن الغرب العنصري هو من لاحقهم وعذبهم وقتلهم وطاردهم ويعرفون أن العرب والمسلمين هم من حموهم وأحسنوا إليهم وفتحوا لهم كل الأبواب.. ولكنها الحركة الصهيونية المشروع الغربي الاستعماري فهل نفيق.. هل نعتبر.. هل ننهض لكرامتنا.. تولانا الله برحمته.