ألسنة عجائزنا تجود بجميل الكلام وعمق الدعاء ما يصلح ليكون حِكماً ومأثورات خالدة . ثمّة واحد من هذه الأدعية يقع على النفس وقع البلسم إذ يدعو لنا بحسن الختام . دائماً ما يقال إن “الأمور بخواتيمها”، فكيف بمسيرة الإنسان نفسه؟ من الرائع والمريح للنفس أن يدعو لك الآخرون “الله يحسن ختامك” . لكن يبدو أن رجلاً بلغ من العمر عتياً مثل يوسف القرضاوي لا يبحث عن حسن الختام، بل يصر على شطب عقود من سيرته العلمية والدينية .
وإذا نظرنا إلى ما يجري في بعض الدول العربية من فوضى وفتن وشلالات دماء وطوفان تكفيري مدمّر، وإذا ربطنا كل ذلك بالفتاوى المتتالية للقرضاوي وغيره، فإننا نفهم المشروع على حقيقته بلا جهد . ماذا يعني أن يفتي القرضاوي بقتل كل من لا يرون ما يراه من “عسكريين ومدنيين وعلماء وجاهلين”؟ ماذا يعني أن يفتي بقتل رجال دين لمجرد أنهم ليسوا في جوقته؟ ماذا يعني أن يفتي بحرق مركبات الجيش المصري ورجال الشرطة، لدرجة أن المستمع يظنّه يتحدث عن الجيش “الإسرائيلي”؟ ماذا يعني أن يطالب أمريكا ب“وقفة لله”، بأن تقصف وتدمر وتحتل بلاد العرب والمسلمين؟
لا يخفى على أحد أن الأمة العربية والإسلامية تمر بأسوأ مراحلها عبر التاريخ، وفي مثل ظروف كهذه يعوّل على علماء الأمم ومثقفيها أن يكونوا الرافعة وشعاع الأمل بنهوض أمتهم مجدداً وخروجها من الزوايا المظلمة، والعمل لأجل استعادة وحدتها، أو على الأقل تضامنها في وجه التحديات، وهل هناك تحدّ أخطر من احتلال صهيوني لأولى القبلتين وثالث الحرمين؟ القرضاوي لا يرى هذا التحدي، بل راح يطمئن الغرب بأن إسقاط سوريا بيد التكفيريين لا يعني أن هؤلاء سيقاتلون “إسرائيل”، رغم أنه نطق الحقيقة عن مشروع يعرف مداه . القرضاوي لا يرى الخطر “الإسرائيلي” ويجتهد لكي ينسى العرب والمسلمون أن فلسطين محتلة، أو أن وقت المتاجرة بها قد انتهى . الآن يتفرّغ القرضاوي للتحريض على جيش مصر، وهو يعلم أن أكثر الفترات هدوءاً في سيناء كانت في سنوات احتلالها من الصهاينة .
لم يكتف القرضاوي بما فعله تحريضه وفتاواه من تخريب وسفك دماء وفتن في دول العرب، فعاد ليتطاول على الإمارات بسبب دعمها لمصر في أزمتها الراهنة، ويتجاهل عن عمد أن هذا الدعم يذهب للدولة والشعب وليس لحزب أو جماعة، فضلاً عن أن هذا الدعم يتحوّل إلى قوت ووقود وخدمات، وشتان بينه وبين دعم على شكل سلاح يفتك بالناس ويدمر حياتهم
الخميس 6 شباط (فبراير) 2014
لسان الفتنة ومشروعها
الخميس 6 شباط (فبراير) 2014
par
أمجد عرار
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
10 /
2177325
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
21 من الزوار الآن
2177325 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 19