الأربعاء 5 شباط (فبراير) 2014

مصيبة . . ومصيبة أعظم

الأربعاء 5 شباط (فبراير) 2014 par د. فايز رشيد

أن يبدي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس استعداده لإلقاء خطابٍ في الكنيست الصهيوني فتلك مصيبة، وأن يُعلن جاهزيته لدعوة نتنياهو لإلقاء خطاب في المجلس التشريعي الفلسطيني فهنا المصيبة أعظم . جاء ذلك في مقابلة أجرتها معه جريدة “يديعوت أحرونوت” ونشرتها (الاثنين 27 يناير من العام الحالي) .
جرت قراءة المقابلة أيضاً في ندوة بمعهد الأمن القومي “الإسرائيلي” التابع لجامعة تل أبيب والذي يعقد مؤتمره الدوري لهذا العام في مدينة هرتسيليا . أيضاً وفقاً لصحيفة هآرتس (الثلاثاء 28 يناير) فإن عباس قال ذلك أيضاً في مقابلة إذاعية روسية أُجريت معه من قبل . عباس أيضاً قال في المقابلة نفسها مع الصحيفة الصهيونية “إن السلطة الفلسطينية تتعاون بالكامل مع الأجهزة الأمنية”الإسرائيلية“لمنع قيام أية عمليات عسكرية فلسطينية ضد”إسرائيل" .
عباس للأسف وأمام الرفض الصهيوني للحقوق الوطنية الفلسطينية، جملةً وتفصيلاً، يقوم بتوجيه هذه الدعوة للفاشي نتنياهو الذي لسان حاله يقول: “إنه لو يصحو صباحاً ويكون الفلسطينيون قد اختفوا من على وجه البسيطة” .
تأتي دعوة عباس لنتنياهو في الوقت الذي يتسارع فيه الاستيطان “الإسرائيلي” بمستويات غير مسبوقة، وفي الوقت الذي يرفض فيه نتنياهو حق عودة اللاجئين الفلسطينيين ويقوم بتهويد القدس واعتبارها “العاصمة الأبدية الموحدة ل”إسرائيل“”! عباس يقوم بتوجيه الدعوة للجزّار رئيس الوزراء الصهيوني (الذي هو أشدّ أعداء الفلسطينيين والعرب والإنسانية جمعاء) ذي التاريخ الحافل بمساهمته الفاعلة في العدوان على الفلسطينيين والعرب، وفي تهجير الفلسطينيين فهو يُنكر وجودهم من الأساس (كما كتب في مؤلفه: مكان تحت الشمس) وأنه يتعامل معهم اضطراراً ولمتطلبات سياسية، وهو الذي يصادر الأرض الفلسطينية صباح كل يوم . وهو الذي سيُبقي التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية وتحت إشراف “إسرائيلي”، ويطالب بإبقاء جيش الاحتلال في المناطق الفلسطينية في الغور على الحدود مع الأردن .
نتنياهو من القادة “الإسرائيليين” الذين ارتكبوا المجازر ضد الفلسطينيين والعرب، وسقف التسوية بالنسبة إليه هو حكم ذاتي، وأن الضفة الغربية هي “يهودا والسامرة”لأنها“أرض”إسرائيلية“وهو الذي يطالب الفلسطينيين بالاعتراف”بيهودية “إسرائيل”"! هذا غيض من فيض تاريخ نتنياهو،ورغم ذلك يقوم رئيس السلطة الفلسطينية بتوجيه دعوة إليه لإلقاء خطاب في المجلس التشريعي الفلسطيني(!!) هل ينسى عباس تاريخ وواقع نتنياهو؟ هل قرأ كتابه الذي يُطبّق ما كتبه فيه من سياسات؟ هل دقّق في شروط نتنياهو للتسوية؟
عباس يتعامل مع نتنياهو كصديق وكرئيس وزراء لدولة صديقة، لها تاريخ حافل بتأييد الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية، ولذلك يبدي استعداده لإلقاء خطاب صداقة في المؤسسة التشريعية لهذه الدولة، ويوافق على دعوة رئيس وزراء هذه الدولة لإلقاء خطابٍ في المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي لم يجتمع لمرة واحدة بعد الانقسام ليبحث في الشأن الفلسطيني وفي الهموم الوطنية الفلسطينية؟
لقد استنفد هذا المجلس فترته القانونية كما رئيس السلطة منذ سنوات طويلة، ولكن من أجل “عيون” نتنياهو و“تكريماً” له سيتم عقد جلسة خاصة ليقرأ فيها رئيس وزراء الكيان الصهيوني العدو (لتذكير عباس) خطاباً له رغم انتهاء مدة صلاحيته . عباس يبدي استعداده لإلقاء خطاب في الكنيست .المقطع الأخير يُذكر بواقعتين: الأولى زيارة السادات للكيان وإلقاؤه خطاباً في الكنيست، وقد أسفر عن اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة، التي أخرجت الدولة العربية الأقوى والأكبر من الصراع العربي-الصهيوني، والتي أدت إلى هذا التراجع السياسي الذي نشهده حالياً، والذي ترك بصماته السلبية على مجمل الصراع مع الكيان الصهيوني .
الواقعة الثانية: هي عقد المجلس الوطني الفلسطيني لدورة طارئة في غزة عام 1996(بعد اتفاقيات أوسلو المشؤومة)، بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون . وقد أسفر ذلك عن إلغاء كافة المواد المتعلقة بالعداء مع “إسرائيل” والأخرى التي تتعلق بالكفاح المسلح . هذا الذي أدى إلى تراجع المشروع الوطني الفلسطيني عقوداً إلى الوراء، والذي أدى إلى تنازلات رسمية فلسطينية متدرجة عن الحقوق الوطنية . وأدى إلى كارثة حقيقية ما زال شعبنا الفلسطيني يحصد نتائجها السلبية .
من زاوية ثانية فإن عباس يجهل مؤتمرات الأمن القومي “الإسرائيلي” المعروفة باسم “مؤتمرات هرتسيليا”، التي تعتبر توصياتها السنوية إحدى الخلفيات المهمة للسياسات “الإسرائيلية”، فهذه المؤتمرات تُعقد سنوياً بحضور استراتيجيين “إسرائيليين” وأصدقاء من دول العالم، وقادة عسكريين وسياسيين “إسرائيليين” وغيرهم . هذه المؤتمرات هي التي أوصت بالتخلص من السكان العرب في منطقة ال،48 وهي التي تناولت الخطر الديموغرافي العربي على “يهودية إسرائيل”“، وهي التي أوصت بأهمية تطبيق شعار”يهودية“الكيان الصهيوني وغيرها وغيرها من التطبيقات السياسية الصهيونية . في مؤتمرات سابقة أرسل عباس وفوداً رسمية فلسطينية إليها، ومن بين الفلسطينيين الذين حضروا بعض هذه المؤتمرات،”رئيس الوزراء السابق سلام فياض وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبدربه وغيرهما . هذه المرة يشارك رئيس السلطة بقراءة خطاب تضمن الدعوة ذات الرائحة الكريهة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2180714

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2180714 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40