الاثنين 3 شباط (فبراير) 2014

السباق بين الحكومة والفراغ في لبنان

الاثنين 3 شباط (فبراير) 2014 par غسان العزي

في مايو/أيار المقبل تنتهي ولاية الرئيس اللبناني ميشال سليمان، في غياب حكومة شرعية تنظم الانتخابات الرئاسية . تسعة أشهر من المفاوضات بين السياسيين لم تكف لاستيلاد حكومة جديدة تخلف حكومة نجيب ميقاتي المستقيلة، رغم أن تكليف تمام سلام تشكيلها حظي بأغلبية 124 نائباً (من أصل 128) كانت انعكاساً لتوافق إقليمي .
لكن على خلفية الاتفاق النووي الإيراني-الغربي واحتدام المعارك في سوريا وانتقال شرارتها إلى لبنان، وغير ذلك، فإن التوتر الإيراني-السعودي انعكس عجزاً عن إخراج حكومة متفق عليها في بيروت .
وبعد مفاوضات عسيرة وفي وجود حرص دولي على حماية لبنان من النار السورية أخذت المواقف تتسم بقدر واضح من المرونة فتمت حلحلة كل العقد تقريباً وبات جلياً أن الإشارات الإقليمية صدرت للأطراف اللبنانية بالإسراع في تشكيل الحكومة درءاً للفراغ عشية الاستحقاق الرئاسي في الربيع المقبل . وهكذا بقدرة قادر صار من الممكن أن يجلس تيار المستقبل مع حزب الله في حكومة واحدة . ففي وقت تجري فيه محاكمة المتهمين باغتيال والده في لاهاي أعلن سعد الحريري بأنه يحكّم عقله وليس قلبه عندما يتعلق الأمر بمصلحة البلد لذلك يوافق على تشكيل حكومة جامعة مع حزب الله . ومن جهته وافق الرئيس بري وحزب الله على إجراء مداورة في الحقائب الوزارية وعدم التمسك بمعادلة “الشعب والجيش والمقاومة” التي يرفضها تحالف 14 مارس/آذار، في البيان الوزاري المقبل . كما اتفق الرأي على حكومة 8+8+8 أي ثمانية وزراء للمستقلين وثمانية لكل من تحالفي 8 و14 مارس/آذار، من دون الثلث المعطل الذي تمسك به حزب الله والذي أتاح له فرط حكومة سعد الحريري في بداية العام ،2011 بإيعاز من
دمشق .
لقد أزيحت العقبة الخارجية من درب تشكيل الحكومة، كما أكدت زيارة وزير الخارجية الإيراني أحمد جواد ظريف إلى بيروت مؤخراً، وكما جاءت الإشارات السعودية التي عبر عنها سعد الحريري وهبة الثلاثة مليارات دولار التي قدمها العاهل السعودي إلى لبنان لتسليح الجيش اللبناني، وكما عبر حراك السفراء الغربيين في بيروت وآخرهم الأمريكي هيل . وبذلك باتت الكرة في ملعب اللبنانيين الذين سارعوا إلى فتح بازار تقاسم الحصص الوزارية على الرغم من أن الحكومة المزمعة ليست سوى مؤقتة لأسابيع معدودة ولمهمة محددة هي تنظيم الانتخابات الرئاسية، كما ينص الدستور، وبتعبير أدق دعوة المجلس النيابي لانتخاب من يقع عليه التوافق الإقليمي والدولي .
تم الاتفاق على المداورة في توزيع الحقائب الوزارية، بمعنى أن لا تستمر طوائف معينة في الوزارات نفسها إلى درجة تطييف هذه الوزارات (المالية للسنة والداخلية للموارنة والخارجية للشيعة الخ . .) . لكن العماد ميشال عون رفض “التنازل” عن حقيبة الكهرباء والطاقة، ما أدى إلى تعقيد الأمور مجدداً وإلى خلافات علنية مع الرئيس بري الذي يقود، إلى جانب النائب وليد جنبلاط، وساطة التشكيل وتفكيك العقد .
والأكثر من ذلك فإن عون يتمسك بحقيبة الكهرباء . والمشكلة أنه، في الصف المسيحي (سمير جعجع على سبيل المثال)، من يهدد بمقاطعة التشكيلة الحكومية إذا خضعت للابتزاز العوني .
على الأرجح أن ترى الحكومة الجديدة النور قريباً بفضل التوافق الخارجي . لكن البحث الطويل والمعقد عنها برهن، مجدداً، كم أن النظام السياسي الطائفي هو مصنع للتعقيدات والأزمات، وكم أن الطبقة الحاكمة تفتقد لحس المسؤولية إلى درجة الاستعداد للتضحية بالاستقرار على مذبح مصالحها الرخيصة في ظل انهيار اقتصادي واجتماعي وشيك ومليون نازح سوري ينوء تحت أعبائهم هذا البلد الصغير الذي تتهدده التفجيرات الإرهابية والانتحارية والاغتيالات على خلفية فتنة مذهبية قد تطيح بوجوده .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2165424

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165424 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010