الأحد 2 شباط (فبراير) 2014

فرح طرابلسي لأحزان الهرمل

الأحد 2 شباط (فبراير) 2014 par زهير ماجد

علينا أن نتفاهم على مفهوم المواطنية وعلى الشراكة في الوطن، فما يحصل في بعض لبنان معيار لتفشي مرض الرفض لأية شراكة أو احساس بأن ابن الوطن هو شريك له في مسيرة البلاد كيفما كانت.
يسقط شهداء في الهرمل نتيجة انتحاري قرر ان يحترق في الدنيا والآخرة، فيفرح بعض اهل طرابلس، يطلقون النار في الهواء ابتهاجا ويوزعون الحلوى .. اما المتضرر ابن الهرمل، فلا ينسى في احلك ظروف الموت التي نالت من ابنائه ان يطالب بمزيد من الوحدة الوطنية.
كل الأوطان تنادي بتلك الوحدة، ليس من وطن يقوم على التعدد الا ان يكون ملاذه في وحدة وطنية جامعة تحمي البلاد والعباد. لكن لبنان، على صغر مساحته، وصل الأمر في بعضه إلى ان يكون صغير الحجم ايضا، ان يفرح في مقابل مأساة اصابت اخاه في الوطن. كأنما هذا الوطن مجرد شقة سكنية، او انها فندق .. فهل حقا نحن امام سكان ولسنا امام شعب كما يقول الشاعر جورج جرداق (!) ..
المواطنية ان تكون شريكا في وطن واحد يتقاسم اهله السراء والضراء، يعيشون على حلم الألفة ويمارسونها، يطمحون ان تظلل حياتهم سعادة مشتركة ليس بينها غريب ينغص عيشهم .. اذا ما جاع احدهم هب الآخر لإطعامه، واذا ما بكى احدهم مسح الآخر دموعه، واذا ما احس احدهم بمشكلة تم احتضانه قبل الوقوع فيها.
قد لا تصدق شعوب أخرى تعيش الشراكة في الوطن، المعنى الفادح لتصرف بعض مرضى النفوس في مدينة طرابلس اللبنانية. هل هي محنة عربية صرفة كما يعتقد البعض في هذا الزمن الرديء الذي كل ما فيه صار مخضبا بالدم، قائما على النكايات، منقسما على ذاته، مؤهلا لأن تنقسم حتى قسمته تلك وان تتجزأ. فعنوان المرحلة جهنم على الجميع، طالما ان القتل مباح، والحلال صار مفهوما حراما، والقداسة صارت نجاسة، والإنسانية تحولت إلى حيوانية، بل كما قال احدهم وهو يؤشر الى بعض العرب، كأنهم فصيل بشري لا قرابة فيه للبشر الحقيقيين.
مفزع ذلك الإحساس المستشري في عالمنا العربي، وقد صارت المواطنية ضميرا مستترا إلى حد التلاشي .. كيف يمكن لمواطن في بلد واحد أان يفرح من مأساة مواطن من بلاده .. جميع اوطان العالم تعيش اختلافات بين مواطنيها، لكنها تتوحد على الوجع العام، أليس تفجير مدينة الهرمل البقاعية هم عام اصاب لبنان كله وليس طائفة أو مذهبا، وليس حالة خصوصية ..!
نجحت الفتن المتنقلة في تقسيم ما هو مقسم، وتجزيء ما هو مجزأ، صار لتلك الخطط الحظ في النجاح طالما ان هنالك عوامل مساعدة لها، واعتقد ان تلك الأحاسيس التي نشأت اليوم لم تكن جديدة، هي ابنة زمن متربص بالعرب يعمل على تفتيتهم بكل أناة وتمهل كي لا يشعروا به الا وقد اصابهم، وها قد تحققت الإصابة، فكيف لهم ان يهربوا منها أو يتهربوا من استحقاقها.
لا بد من اعادة فهم المواطنية على حقيقتها وتفهم معنى المشاركة في الوطن، هذا اذا اردنا مفهوم المصلحة في ذلك، اما الحقيقة الأعم والأهم، فهي الانصهار بين مكونات الوطن إلى الحد الذي تتلاشى فيه المذاهب والطوائف، بل حتى يصبح الدين وكأنه ايضا مفهوم عام يضم الجميع بين جناحيه أكانوا مسلمين أو مسيحيين ، سنة أو شيعة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 58 / 2165640

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165640 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010