السيناريو الذي طرحه رئيس ما يسمى “معهد أبحاث الأمن القومي” في الكيان عاموس يدلين، والذي يقترح انسحاباً أحادي الجانب من “معظم” مناطق الضفة الغربية المحتلة، وتأكيده أن على الكيان إنشاء “واقع الدولتين”، حتى من دون موافقة الفلسطينيين، لكن مع الحصول على غطاء من الولايات المتحدة ودول أوروبية، يكشف التمسك الكامل بمبادئ الصهيونية العالمية، وعلى رأسها العنصرية والرؤية الدونية للغير .
الرئيس السابق لاستخبارات جيش الاحتلال “الإسرائيلي” أكد أن سيناريو الانسحاب الأحادي الذي يطرحه يشمل 85% من الضفة، مع التمسك باحتلال المناطق التي تضم الكتل الاستيطانية، وغور الأردن .
وبعيداً عن الهرطقات المعتادة لقادة الاحتلال المشغولين في اختلاق الأكاذيب والدعايات، من خلال تضخيم صراعات على حساب أخرى، وخلق أعداء من العدم، لا يمكن لأي متابع أو مهتم إلا أن يجد نزوحاً “إسرائيلياً” نحو كل ما هو أحادي، وتمسكاً بمنهجية التعنت والعنجهية، وإصراراً على تغييب الطرف أو الأطراف الأخرى، وهذا ما أدى في الماضي وسيؤدي مستقبلاً إلى تعميق الصراع الأساسي مع الاحتلال، من جهة، وسيسهم في خلق صراعات وتوترات جانبية لا أساس لها من جهة أخرى .
لا شك أن كلام يدلين سيصوّر في الكيان على أنه أثار زوبعة انتقادات وتنديد من كل الأوساط سواء المتطرفة منها أو الأشد تطرفاً، وسنسمع تصريحات من مختلف مستويات القيادة في الاحتلال، حول هذا السيناريو، مع أنه قد يكون موضوعاً على الطاولة، أو أنه خاضع للنقاش والدراسة حالياً بالفعل .
وعلى الرغم من ذلك، لا يبدو الأمر مثار قلق لأحد، خصوصاً الفلسطينيين، الذين اعتادوا أن يستيقظوا كل صباح على تغيير من نوع ما، يزيد من استلاب حقوقهم وتجريدهم من إنسانيتهم، ويثبّت مخططات الاحتلال، ويخطو خطوة باتجاه الإجهاز على القضية الفلسطينية، ولا نكاد نسمع غير بيانات الإدانة والتنديد “الخفرة”، التي لا تتخطى أحياناً أبواب الغرف التي كتبت فيها، ولا تترك تأثيراً يذكر على أي كان، بسبب ما تشكله من تراث متراكم للتراجع في مواجهة الاحتلال العنصري الوحيد في العالم .
السيناريو الأحادي مطروح، وليس غنياً عن القول، إن إمكانياته موجودة فعلاً، ذلك أن الوحيد القادر على تثبيت الوقائع على الأرض، معروف مسبقاً، وطالما مارس هذه السياسة، وسيظل يمارسها، ما دام لا يجد رادعاً ولا مقاوماً، وهذا الطرف الغارق في أساطير التفوّق والتميز، لن يعدم وسيلة لمواصلة مخططاته، ولن يجد غضاضة في أن يلبس جرائم سلب الحقوق وفرض الحصار، لباس “الانسحاب الأحادي” .
وفي ظل تعثر التسوية، وتواصل المحاولات الأمريكية لإيجاد مخارج لها، واختلاق “إنجازات” لا تجد لها ترجمة واقعية، فإن المرجح أن نسمع في الأيام المقبلة، نقاشاً لمثل هذا الاحتمال، وأن نتابع تصريحات ومزاعم كثيرة، بين أجنحة الاحتلال ودوائره، وقد يتم التوصل في النهاية إلى اعتماد الخيار الأحادي مجدداً، كونه يوفّر للاحتلال فرصاً كبيرة للاستمرار، ويريحه من “صداع” المفاوضات، ويترك له المجال للالتفات لشؤون وقضايا أخرى .
الخميس 30 كانون الثاني (يناير) 2014
عقلية “أحادية”
الخميس 30 كانون الثاني (يناير) 2014
par
محمد عبيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
41 /
2177894
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
7 من الزوار الآن
2177894 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 7