الأربعاء 29 كانون الثاني (يناير) 2014

أي اتفاق إطار؟

الأربعاء 29 كانون الثاني (يناير) 2014 par أمجد عرار

مفهوم “اتفاق الإطار” ليس من بنات أفكار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ووزارته أو إدارة رئيسه، بل هو اختراع “إسرائيلي” بامتياز تخلّل الخطاب السياسي والإعلامي للقادة الصهاينة منذ أن اقترب استحقاق مفاوضات الوضع النهائي في بداية السنة الثالثة من السنوات الخمس التي حدّدت كفترة انتقالية وفق اتفاق أوسلو الموقّع عام 1993 . أي أن مفاوضات المرحلة النهائية كان يجب أن تنتهي في ،1998 بمعنى أن ستة عشر عاماً انقضت كان يجب أن تكون عمر الحل النهائي . لكننا الآن نتحدّث ونكتب ونقرأ، ربما، في نفس اللحظة التي تحاصر قوة من جيش الاحتلال بناية ما في مدينة أو بلدة أو مخيم في المناطق الفلسطينية المصنّفة وفق الاتفاقات مع الكيان كمناطق “أ” التي يفترض أن تخضع أوسلوياً للسيطرة الأمنية للسلطة الفلسطينية، وذلك قبل أن يدوس الاحتلال بدباباته وجرافاته العملاقة مناطق الأبجديات كلها في اجتياحات ،2001 ويسحق بقايا ما يعوّل عليه البعض في اتفاق أوسلو .
الآن يعود كيري للحديث عن “اتفاق إطار” قد يعلن عنه قريباً، ومن خلال التصريحات المتكرّرة التي أدلى بها في جولاته المكوكية، يمكن استشراف مبادرة كيري . فهو دعا مراراً وتكراراً إلى الاعتراف بيهودية “إسرائيل”، وإلى إبقاء جيش الاحتلال أو من ينوب عنه (قوات أمريكية) في منطقة الأغوار المحاذية للأردن، مع بقاء الكتل الاستيطانية الكبرى .
هناك من يتحدث عن إحياء اقتراح ورد في وثيقة جنيف الفلسطينية “الإسرائيلية” التي قيل إنها غير رسمية، وهو تبادل أراض فلسطينية محتلة عام 48 بأراض محتلة عام ،67 بل وتبادل سكان بحيث ينقل فلسطينيون من منطقة المثلث إلى الضفة .
الكلام عن دولة فلسطينية لا يعني شيئاً في ظل الاشتراطات والمحددات المحيطة بمفهومها، إذ إن كياناً مفترضاً تمزّقه كتل استيطانية كبرى وتحده جدران في الشرق والغرب، وتتسلّم معابره جهة أخرى، ولا سيادة له على الأجواء، ولا حق له بالتسلح أو إنشاء جيش وطني، ولا يسمح له بإبرام معاهدات عسكرية مع جهات تصنّفها “إسرائيل” معادية لها، لا يمكن أن يكون دولة ولا حتى شبه دولة .
لن يتحدث كيري في اتفاقه الإطاري عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الأمم المتحدة، بل سيعيد طرح الاقتراح “الإسرائيلي” حول إعادة بعض اللاجئين إلى الضفة التي سيسميها الاتفاق “دولة فلسطينية”، وتحت عنوان “حالات إنسانية”، أي شطب اللاجئين كقضية سياسية وحقوقية . كما أن الاقتراح الأمريكي لن يعالج قضية القدس بعيداً عن مقترحات بيل كلينتون في “كامب ديفيد” الثانية، حيث حاول استنساخ أبجديات التقسيم الجغرافي للضفة على المسجد الأقصى، في الداخل “أ”، وفي الباحة “ب”، وتحته “ج”، مع ممر آمن للصلاة، وباقي القدس تبقى تحت الاحتلال .
إذاً الحديث يتعلّق بمواصفات تسوية تدور في الحلقة ذاتها منذ بدئها في مدريد وأوسلو . والحلقة تتّسع وتضيق حسب المقاس “الإسرائيلي” بدعم غير محدود وغير مشروط من “الراعي” الأمريكي . خلاصة الأمر أن هناك عملية وليست سلاماً، دوراناً في حلقة مفرغة، واجتراراً لنهج تحول إلى علكة منذ عقود، ولن تقود مثل هذه “العلكة” إلى أي شيء حتى لو أفضى إلى كيان يحمل مسمى “جمهورية فلسطين العظمى” . فليكن إذاً اتفاق “إطار”، لكن من دون الهمزة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2178241

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178241 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40