الأحد 26 كانون الثاني (يناير) 2014

قضيتنا الأولى رغم التضليل

الأحد 26 كانون الثاني (يناير) 2014 par صالح عوض

رحم الله هواري بومدين عندما قال إن فلسطين هي الإسمنت المسلح للأمة، عندما نتمسك بها، وإن فرطنا بها كانت القنبلة التي تفجر كل شيء.
لقد أشغلنا القوميون العرب ردحا من الزمن بأن فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية، وصدعوا رؤوسنا بالحديث عن الصهيونية والإمبريالية.. وفي نهاية المطاف، لم نر للقضية الفلسطينية في برامجهم إلا ما يلزم للزينة الأيدولوجية بما يصلح للانقلابات والترويج الأيديولوجي والحروب الداخلية في البلد الواحد أو بين بلدين متجاورين.
وبعد فترة من الزمن، انبرى الإسلاميون للحديث عن القضية الفلسطينية كقضية مركزية للحركة الإسلامية والأمة الإسلامية، وكأنهم اكتشفوا اكتشافا، فذهبوا ينمقون الجمل والعبارات بالحديث الأيديولوجي ويجلبون لأحاديثهم كلاما جدليا كثيرا، ولكننا لم نر حتى الآن برنامجا عمليا في اتجاه فلسطين.
ولقد كان اليساريون العرب يتناولون القضية الفلسطينية على اعتبار أنها ساحة مواجهة مع الرأسمالية والاستعمار الإمبريالي، ولكننا سرعان ما اكتشفنا أنها عبارات لإكمال الكراس الأيديولوجي. وبمجرد انسحاب المعسكر الاشتراكي من مسرح الحياة وإذا باليسار العربي في معظمه يرتمي في أحضان الإمبريالية الأمريكية ثقافيا وسياسيا.
ولم تكن هذه التيارات أصيلة في تبنيها للقضية الفلسطينية التي لم تكن سوى شعارات لتزيين الخطاب السياسي لهذه التيارات.. وبصراحة أكثر، لم تعلن هذه التيارات أن لديها برنامجا لتحرير فلسطين ومحاربة الصهيونية.
وأول الامتحانات أنه لم يتقدم أحد من التعامل الجدي مع القضية التي تتكشف عن أعداء تاريخيين على رأسهم الإدارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية التي صنعت بسلاحها ومالها ونفوذها تحقيقا لمصالحها الباطلة في منطقتنا ووطننا العربي وعالمنا الإسلامي بغرس قوة عنصرية غاشمة في القلب من أمتنا لاستنزافها وتدمير فرص النهضة.
ولقد كان تبني القضية الفلسطينية هو سبيل النجاة للأمة وقواها وأفكارها من الفوضى والتضليل الخطير الذي يصيب الأمة.. فتبني القضية الفلسطينية على اعتبار أنها القضية المركزية والقضية الأولى يعني بوضوح أن نبني اقتصادا حقيقيا، بحيث لن نحتاج إلى الاعتماد على الأعداء، ويعني بوضوح أن نتحرر من الارتهان هنا أو هناك، وأن نصنع محاور لصالح هؤلاء أو أولئك.. ويعني كذلك أن نتجنب الصراعات الداخلية بدفع كل القوى الذاتية نحو معركة الوجود الحضارية.
وعندما لا نجعل فلسطين هدف برنامجنا القطري فإننا نفرغ الساحة لتنامي أفكار هدامة تفسيخية ونسمح بتنامي الاتجاهات العنفية، الأمر الذي يولد الصراعات الداخلية نحو تخريب البلدان والأوطان ونهتك بالمواثيق والعهود.
ما يحصل في سووريا ومصر واليمن وليبيا والعراق وسواها يعني بوضوح أن استبدال القضية الفلسطينية بمشاريع أخرى يعني بوضوح انهيار منظومة الأفكار والقيم والمفاهيم، مما يدفع بنا جميعا إلى التهلكة.
القضية الفلسطينية من خلال فهمها الحضاري ومن خلال إدراكنا لعناصرها، هي الأرضية الفكرية الحاضنة لتولد مشاريعنا الحضارية التي تجعل تاجا لها تحرير فلسطين.. فهي قضيتنا الأولى وقضيتنا المركزية وعلى سبيلها تسير قوافل الأمة لنتجنب صراعاتنا وتناقضاتنا.. كان الله في عوننا، ويتولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 50 / 2178403

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2178403 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40