السبت 25 كانون الثاني (يناير) 2014

جيل حائر.. واللحظة حاسمة

السبت 25 كانون الثاني (يناير) 2014 par صالح عوض

بعد أن فعل الاستعمار البريطاني الغاشم والاستعمار الفرنسي المجرم ما فعلاه في أمتنا من تدمير لثقافتها وعجلة حياتها الاقتصادية والاجتماعية، ها نحن نتخبط فيما أورثنا الإستعماريون الإنجليز والفرنسيين.. فالجريمة أساسها العدوان والأنانية والاستحواذ ممثلا في الإدارات الإستعمارية الغربية، فهل من سبيل إلى النجاة؟

أي أيام كتبت لأبناء هذا الجيل العربي المسلم؟ وأية بداية فصل قاسية سيكتبها التاريخ هذه الأيام الحواسم؟ وكأننا إزاء عواصف تثير الزوابع شرقا وغربا وتبعثر أوراقنا بعيدا كلما حاولنا تجميعها.. انه جيل حائر لا يستقر أمره على شي،ء فهو على اكثر من صعيد مضطرب تلقى أمامه الحلول المتناقضة وتجره الرغبات المشتتة، فبعد ان دفعوا به في مسارب الديمقراطية الخادعة وأساطيرها الكاذبة ها هم يمزقونه على خيارات تفتت البلاد والعباد..

جيل حائر.. يأتي بعد أن تجرع سابقه الغصص والنكبات، فقد ضاعت من سابقه فلسطين والعراق والسودان والصومال ودمرت لبنان وشرد كثير من المسلمين وتفجرت نيران الحروب بين أقاليم العرب والمسلمين وشهدنا فيه حروبا طاحنة، حرب العراق ايران الفضيحة وحرب العراق في الكويت المسخرة وحرب امريكا على العراق الكارثة، ولكن رغم كل تلك الحروب الطاحنة كان جيلنا يتوهم او يتأمل ان بعد كل حرب سنصل إلى فلسطين.. ألم يقل لنا صدام حسين انه بعد ان يقضي على الثورة الاسلامية في ايران سيتحول بجيشه إلى فلسطين ليحررها؟ ثم ألم يقل لنا بعد غزوه للكويت انه لن ينسحب منها الا بعد انسحاب اسرائيل من فلسطين؟ ألم يقل لنا الحاكم السوري انه يدخل بجيشه إلى لبنان ويقضي على المقاومة الفلسطينية حتى نستطيع حماية لبنان والتقدم لتحرير فلسطين؟ ألم يوقد حرب الموت بين الإخوة في فتح من اجل فلسطين؟ ألم ينقلب القذافي على الملك من اجل الوحدة العربية والحرية ومحاربة الاستعمار؟ ألم يقاتل عبد الناصر في اليمن من اجل الوحدة العربية واستقلال اليمن؟ ألم .. وألم؟

كنا نعيش على الأمنيات الخادعات، كنا نصدق ان وحدة عربية ستأتي بعد حرب اليمن، وكنا نصدق ان تحرير فلسطين سيأتي بعد القضاء على الإخوان المسلمين، وأن نهضة عربية ستتحقق عندما يوجه سلاحنا لتطهير الشعوب الأخرى.. كنا نسير خلف زعماء اسطوريين وخطابات اسطورية.. كنا كمخدرين، لكننا لم نكن حائرين بمعنى على الأقل كنا نذهب إلى حتفنا باسمين..

الآن لا رأسمالية ولا اشتراكية ولا وحدة ولا فلسطين ولا نهضة ولا تقدم.. غابت الشعارات كلها وغابت الشعارات المضادة، غابت مصطلحات الرجعية والتخلف والعملاء والبورجوازية.. وحضرت لدينا مصطلحات فارغة المعنى تدور حول الديمقراطية والحريات والتداول على السلطة.. الآن وسائل اخرى، الآن الفايسبوك والتويتر والأشكال المستحدثة من التواصل يقف الجيل الحالي مشتتا ممزقا بعد ان اكتشف ان اللعبة السابقة كانت خديعة كبرى.. فسقطت مشاريعنا القومية والتحررية والنهضوية.. سقطت احزابنا القومية وصارت تعمل بالوكالة عن منظمات اجنبية وسقط اليسار والنظريات الاجتماعية إلى أنماط مسخة في التفكير والسلوك.. وتيبست أحزابنا من روحها وتحنطت شعاراتها واصبحت عبارة عن خشب مسندة أصناما يعبدها اصنام.

وعلى الصعيد الاسلامي لم تعد كلمة صحوة ودعوة ومواعظ وتفاسير ودروس هي مجال النشاط، انما التغالب والتصارع والاشتباكات والحراك في الشارع والتقاسم والمحاصصة.. فغابت رونقة الدعوة ونية العمل الصالح ومحبة الأخوة والتواضع والنصح ونظر الخير وتقديم المساعدة لتسفر الوجوه عن شقوتها والقلوب عن فساد نيتها والأنانية عن حقيقتها من جهة وحرب اعلامية جنونية على الاسلام والمسلمين والاسلاميين فأصبحت تهمة الارهاب تلاحق الجميع ونشطت اجهزة الأمن الدولية مغطاة بأجهزة الاعلام الغربية والتابعين لها بأكبر عملية تشويه وتزييف للواقع فكل من يحاول الحديث عن الاسلام بعيدا عن النمط التقليدي او ان يتحدث عن فلسطين بعيدا عن النمط السياسي المسموح به فهو ارهابي مرفوض له ان يعيش على وجه الأرض..

واذا بنا ندخل بجيل الشباب الحالي دوامة الفساد المادي والفساد الروحي وغياب الآمال وغياب القادة التاريخيين على الأقل في أذهاننا وغياب الأهداف.. نحن الآن نرى جيل الشباب يفتح عينيه على واقع خيبات الجيل السابق وعلى مستقبل يُشهر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 49 / 2165239

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165239 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010