السبت 25 كانون الثاني (يناير) 2014

مخاطبة “الكنيست” و”التشريعي”

السبت 25 كانون الثاني (يناير) 2014 par أمجد عرار

ماذا لو ألقى بنيامين نتنياهو كلمة في المجلس التشريعي الفلسطيني وألقى محمود عباس كلمة من على منبر “الكنيست”؟ هذه الفكرة تحلّق الآن في فضاء عملية التسوية بين الجانبين “الإسرائيلي” والفلسطيني، وهي منذ انطلقت في مدريد عام 1991 تدور في فلك الشكليات . ليس السؤال إن كان نتنياهو سيتحدث أمام المجلس التشريعي، إنما يتعلق الأمر بمضمون كلامه .
من حيث المبدأ لا ينبغي لممثلي شعب محتل أن يسمحوا لرئيس حكومة الكيان الذي يحتلهم بأن يخاطبهم من على منبرهم . لكن مع ذلك يبقى الأمر الأهم أن نتساءل: هل يمكن لنتنياهو أن يقدّم أمام المجلس التشريعي ما لا يقدمه خارجه؟ . لكن قبل ذلك، يجب التذكير بأن اتفاق أوسلو لا يعترف بأن المجلس الذي يجري الحديث عن احتمال توجّه نتنياهو إليه، مجلس تشريعي، بل يسميه الاتفاق “المجلس الفلسطيني المنتخب” .
كل حرف يمكن أن يقوله نتنياهو بات معروفاً قبل أن ينطق، ولذلك لن يختلف موقفه في خطابه المفترض أمام المجلس التشريعي، عن مواقفه في “الكنيست” أو في الأمم المتحدة أو “دافوس” أو في أي عاصمة . في آخر خطابات نتنياهو، في مؤتمر دافوس الاقتصادي، اعتبر أن القضية الفلسطينية ليست لب الصراع في الشرق الأوسط . هنا مربط الفرس، حيث إن الكيان الصهيوني، بكل حكوماته ومعظم أوساطه السياسية والإعلامية والثقافية، لا يعترف بوجود قضية فلسطينية، وإذا لم تعترف بمشكلة فلن تبحث لها عن حل . القضية بالنسبة لنتنياهو هي برنامج إيران النووي، وهذا ما خاطب العالم للتركيز عليه ونسيان قضية الشعب الفلسطيني، والقفز عن احتلال “إسرائيل” لفلسطين والجولان وأجزاء من لبنان، وعدم الالتفات لجرائم التهويد وتزوير كل ما يتعلق بهوية القدس وتاريخها ومقدّساتها .
ماذا إذن لو أتى إلى المجلس التشريعي وهو أصلاً مجلس معطل منذ الاقتتال بين حركتي فتح وحماس في غزة؟ . هل سيطلب منه المفاوضون الفلسطينيون، على الأقل، أن يفرج عن النواب المعتقلين في سجون الاحتلال، ومنهم أحمد سعدات ومروان البرغوثي؟ حتى وإن فعلوا فإن نتنياهو لن يستجيب، ولدينا السابقة التي حدثت بعد اتفاق أوسلو إذ عادت رموز قيادية فلسطينية وأنشأت السلطة، مع بقاء آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وما زال معظمهم يقبع فيها بعد عشرين عاماً من توقيع الاتفاق، ورغم المفاوضات التي لم تتوقف إلا في بعص الفترات .
لو أتى نتنياهو إلى المجلس التشريعي سيمطر المستمعين إليه بالمطالب والاشتراطات، ولن يعرض شيئاً مما ينهبه كيانه . سيطالب النواب بالاعتراف بكيان الاغتصاب “دولة للشعب اليهودي”، وسيتحدّث كثيراً عن “الإرهاب”، مع أن “إسرائيل” مصنعه وماركته المسجّلة، وسيطالب بوقف “التحريض” الفلسطيني في وسائل الإعلام، وخصي المناهج التعليمية الفلسطينية لتصبح بلا روح وطنية وبلا أي عمق قومي، وتفصيل من منهج ديني جديد يخلو من أية إشارة للجهاد مثلاً .
ليست الأمكنة ما يحدد مسارات حل الأزمات والقضايا، على افتراض أن القضية الفلسطينية “أزمة” أو “نزاعاً” أو “مسألة”، في حين أنها قضية صراع . ثمة اتفاقات في التاريخ تم التوصل إليها تحت شجرة . لكن قبل أن يفكر رئيس السلطة الفلسطينية في الذهاب إلى “الكنيست” ربما يتذكّر أول زيارة لزعيم عربي للكيان، وقد مضت أربعة عقود على خطاب السادات في “الكنيست”، ومن يومها لم تكف مسيرة العرب عن التدهور



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2180601

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2180601 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40