السبت 10 تموز (يوليو) 2010

ماذا بَعْدَ «استسلام» أوباما؟

السبت 10 تموز (يوليو) 2010 par سعد محيو

«لو كانت هناك ذرّة أمل واحدة في الشرق الأوسط، فإن قمة أوباما - نتنياهو قد بددتها . ولو كان ثمة برقع واحد يُخفي خلفه المسؤولان مواقفهما الحقيقية، فقد سقط هذا البرقع في قمة واشنطن . والآن يقولون لنا إن محادثات السلام المباشرة ستستأنف، لكننا نعلم أنهما يعلمان أنها محادثات لن تقود مجدداً سوى إلى لامكان».

لا . لسنا نحن من يقول ذلك، بل «الإسرائيليون» أنفسهم (هآرتس- 8 -7-2010) .

«تمكّن أوباما ونتنياهو من إرضاء أهدافهما السياسية قصيرة الأمد خلال قمتهما الأخيرة، وهي الإظهار لناخبيهما بأن الحرارة دبّت مجدداً في العلاقات بينهما . وهذا ما كشفت عنه الابتسامات العريضة، وحرص أوباما على تشييع نتنياهو (وبشكل غير اعتيادي بروتوكولياً) حتى موقع سيارته».

لا مجدداً . لسنا نحن من يقول ذلك، بلـ «نيويورك تايمز» (6-8-2010).

وهكذا، فإن كلاً من «هآرتس» «الإسرائيلية» و«نيويورك تايمز» الأمريكية برّأتنا من تهمة الموقف السلبي الدائم من كل مايفعله الرئيس الأمريكي الشاب .

بالطبع، كلنا كان يود أن تكون الصورة غير ذلك، وأن نسمع من البيت الأبيض الأوبامي كلاماً شجاعاً يُخيّر «إسرائيل» بين السلام مع بليون ونصف البليون مسلم وبين العزلة الدولية الكاملة . لكنه لم يفعل، كما أشرنا أمس الأول، وفضّل مصالحه الانتخابية الآنيّة والمتوسطة على المصالح الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة .

وهكذا، ترتسم الآن الصورة التالية في الشرق الأوسط: استراتيجية أوباما مثلثة الرؤوس في الشرق الأوسط، أي حل الدولتين الفلسطينية و«الإسرائيلية» وإقامة جسور التفاهم مع العالم الإسلامي عبر بوابتي اسطنبول والقاهرة وتهدئة حروب العراق وأفغانستان، ستوضع من الآن فصاعداً في ثلاجة الأبدية . وما سيحل مكانها، لن يكون على الأرجح سوى نسخة غير منقّحة من سياسات الرئيس بوش التي كان الرئيس أوباما تعهّد بتغييرها .

وللتذكير: سياسات بوش كانت تُختصر بجملة واحدة: «أسرلة» (من «إسرائيل») السياسة الأمريكية برمتها، ودعم كل الحروب التي تنوي «إسرائيل» خوضها في المنطقة (ماعدا إيران في الوقت الراهن على الأقل) .

هذا في المضمون . أما في الشكل، ففي وسع الرئيس الأمريكي الأسمر، الذي أثبت أنه ينتمي أيضاً بجدارة إلى المدرسة الماكيافيلية في طبعتيها الكيسنجرية والبريجينسكية، أن يستأنف ما انقطع من ممارسة السياسات والصفقات السرّية في الشرق الأوسط .

كيف؟ عبر تنحية وزارة الخارجية الأمريكية جانباً، ومنح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (السي . آي، اي) شيكاً على بياض لإدارة شؤون المنطقة وشجونها . وهذا يُفترض أن يضمن له الخروج من الطريق المسدود الراهن الذي ارتطمت به السياسة الأمريكية في فلسطين والعراق وأفغانستان ولبنان وحتى في مصر وتركيا .

لكن، هل يمكن لخطط «السي . آي . اي» السرّية أن تُحقق ولو بعض التوازن والاستقرار في الشرق الأوسط؟

كلا . لا بل الأرجح أن يؤدي نهج السرية إلى تأجيج الصراعات في المنطقة بدل تهدئتها، الأمر الذي سينقلب في خاتمة المطاف لغير صالح المصالح الأمريكية .

لقد حقق أوباما، باسترضائه نتنياهو، مصلحة انتخابية وسياسية فورية، لكنه خسر كل أو معظم الفرص لإشادة صرح جديد من العلاقات مع العالمين العربي والإسلامي . وكل الجهود الجديدة، السرّية وغير السرّية، التي يتوقع أن يبذلها، لن تغيّر من هذا الواقع شيئاً .

ماذا الآن عن مضاعفات هذا «الاستسلام» الأوبامي على فلسطين و«إسرائيل» ولبنان؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2166088

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2166088 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010