الخميس 23 كانون الثاني (يناير) 2014

دول عربية تتعهد تنفيذ “خطة كيري”

الخميس 23 كانون الثاني (يناير) 2014 par نافذ أبو حسنة

يتزايد الحديث عن الدور العربي المباشر والكبير، الذي تريده واشنطن لعدد من الدول العربية في تنفيذ خطة وزير الخارجية “جون كيري”، كما تكثر المؤشرات عن انخراط فعلي، تلبية للمطلب الأميركي، وبما يتجاوز حدود ما هو مطلوب أحياناً، ويروي مقربون من أوساط السلطة الفلسطينية في رام الله، أن رئيس السلطة محمود عباس، أبلغ الوزير الأميركي بعدم قدرة السلطة على التجاوب مع مطلب “الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، دون غطاء عربي”، فعاد كيري إلى رئيس السلطة بموافقة سعودية، حصلها وزير الخارجية الأميركي خلال زيارته الخاطفة إلى الرياض، وأرفق ذلك بالحديث عن وعود بالاعتراف تلقاها من دول أخرى، وذلك قبل أن يحط “وفد رسمي” من حكومة الاحتلال في أبو ظبي للمشاركة في مؤتمر دولي حول الطاقة.

“الحبل على الجرار” على ما يرويه المقربون، وهم يتحدثون عن تنفيذ للمبادرة العربية معكوسة، فالمبادرة تحدثت عن تطبيع يلي “اتفاقاً سياسياً لحل القضية الفلسطينية”، وما يجري الآن هو مباشرة للتطبيع، تمهيداً للحل السياسي، الأمر الذي يعني تحولات كبيرة في المواقف العلنية ستشهدها الأسابيع القادمة.

محطات

يحكى عن تاريخ حافل من الاتصالات السرية بين رسميين ودول عربية، وبين الصهاينة حتى قبل قيام دولة الاحتلال على أرض فلسطين، وبالطبع كثيراً بعد قيامها، ويمكن لمن يريد التعرف على تفاصيل هذه الحكاية الطويلة، من خلال كتب ومذكرات سياسية، وضعت لهذه الغاية، ما يعنينا هنا يتعلق بالمحطات المعلنة، والتي بدأت مع إصدار قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين عام 1947، في ذلك الحين كان واضحاً قرار الحكومات العربية بدفع الجيوش إلى فلسطين من أجل تنفيذ قرار التقسيم، وصولاً إلى إقرار حدود الاحتلال المتجاوزة لما حدده القرار.

بعد عدوان حزيران 1967، برز تعارض بين المشروع العربي الذي تحدث عن “إزالة آثار العدوان” والمشروع الثوري الفلسطيني في حينه، والذي تحدث عن تحرير فلسطين، ثم تدحرج الموقف الفلسطيني، ليتطابق والموقف العربي، بعد إقرار منظمة التحرير الفلسطينية برنامجها المرحلي عام 1974، بطلب من دول عربية، وحلفاء دوليين، حسب ما يقول قادة فلسطينيون، وكل ذلك قبل أن تتم الثورة الفلسطينية العشرية الأولى من عمر كفاحها المسلح، ومشروعها الثوري للتحرير.

استغرق الأمر أقل من عشر سنوات، تخللها توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين نظام السادات، ودولة الاحتلال الصهيوني، لبدء الدخول الرسمي العربي، على الخط المباشر والعلني في جهود التسوية، عبر طرح “مبادرة فهد بن عبد العزيز”، التي تحولت إلى خطة عربية في قمة فاس بنسختها الثانية عام 1982، وتسارعت بعد ذلك التحولات في البرنامج الفلسطيني، عبر تقديم صياغات متكيفة مع الطروحات الأميركية ثم العربية فالصهيونية في آخر المطاف.

خلال السنوات التالية كان الدور الأردني إلى جانب الفلسطيني حاضراً بقوة، من خلال سلسلة اتصالات وتحركات، فطرح مشروع الكونفدرالية، وخطة التحرك المشترك، قبل أن ينفض سامر اللقاء على خلاف، ثم عودة إلى التوافق في إطار العمل الثنائي من أجل التسوية، وصولاً إلى الوفد المشترك في مؤتمر مدريد، وجولات واشنطن التفاوضية، قبل أن تشق المنظمة مساراً سرياً خاصاً، انتهى بتوقيع اتفاق أوسلو عام ثلاثة وتسعين، تلته اتفاقية وادي عربة، وبالتزامن انطلق قطار تطبيعي لتظهر مكاتب تجارية ومكاتب رعاية مصالح لدولة الاحتلال في عدد من الدول العربية، فضلاً عن السفارتين في القاهرة وعمان، لا يزال بعضها قائماً حتى الآن سراً وعلناً، وبرز في هذه المرحلة الدور المصري، في ترتيب الاتصالات وجولات التفاوض التفسيرية والتنفيذية لاتفاق أوسلو.

عام 2002، وفي أجواء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، قدّم آل سعود مجدداً، خطة للتسوية، حملت هذه المرة اسم مبادرة السلام العربية، والتي تحولت برنامجاً سياسياً عربياً عبر التأكيد المتجدد على التمسك بها من قبل جامعة الدول العربية، والدول التي سوقتها وتبنتها، وشكلت بصفتها هذه مرجعية للمفاوض الفلسطيني الذي اتكأ عليها في تسويق تصوره، وطلب العون من دولها لتمرير تنازلات خطرة.. خطرة جداً، والتفاصيل منذ إقرار المبادرة كثيرة جداً، ويضيق بها المقام هنا.

الدور المتجدد

الآن يقوم كيري باستخدام المبادرة العربية على نحو كبير، حصل بداية على تغطية وموافقة على خطة تبادل الأراضي، خلال الزيارة الشهيرة لوفد دول المبادرة برئاسة وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم، إلى نيويورك، وخلال خمسة لقاءات مع مجموعة المبادرة العربية في مناطق عدة، فضلاً عن اللقاءات مع ملكي الأردن والسعودية، رسم الوزير الأميركي الدور المطلوب من الدول العربية، والذي يتراوح بين التغطية السياسية لخطوات السلطة الفلسطينية، وبين الانخراط المباشر في التعامل مع مفردات الخطة الأمنية والاقتصادية الأميركية للتسوية.

في موضوع التغطية السياسية يتردد أن كيري حصل على موافقة سعودية على الاعتراف “بإسرائيل دولة يهودية” وسيكون لهذه الموافقة مفاعيلها في التأثير على مواقف الدول الدائرة في الفلك السعودي، وبالتأكيد على موقف السلطة الفلسطينية، والمسألة الأخرى التي يطلب الأميركيون فيها إعلان موقف عربي، هي مستقبل القدس، وهنا يدور الحديث عن تعزيز الإشراف الأردني على المقدسات في المدينة، وتعيين واحدة من ضواحي القدس القريبة من رام الله، عاصمة للدولة الفلسطينية.

وفيما يتعلق بالانخراط المباشر، فهو موزع على ثلاث قضايا أساسية: التغطية الاقتصادية لخطة كيري، الخطة الأمنية في الأغوار، ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين، وإذ يبدو من السهل تقديم تمويل للشق الاقتصادي من الخطة، والذي جرى تأجيله، فثمة انعكاسات كبرى للتدخل في موضوعي الأمن في الأغوار، واللاجئين المراد إعادة تهجيرهم وتوطينهم، حسب ما تسرب من مفردات خطة الوزير الأميركي، ويحكى هنا عن دور أساسي للأردن والسعودية أيضاً، رغم الكلام الكثير عن مخاوف أردنية يسعى الأميركيون إلى تبديدها.

تدور المفاوضات والترتيبات بسرية كبيرة، ويبدو من الواضح أن دولاً عربية تتقدمها السعودية، قد انتقلت من تقديم النصوص والمبادرات، والتعامل معها، إلى تقديم الأموال والحلول والتعهدات باستيعاب انعكاسات التصفية.

يتحدث الكثير من المتابعين عن اتفاق إطار، وعن حلول مؤقتة، وتمديد للمفاوضات لسنوات، ومثل العادة فإن العدو الصهيوني يؤسس على التنازلات التي يحصل عليها، للمطالبة بتنازلات جديدة، وهذه المرة بتغطية عربية مباشرة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2177767

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع نافذ أبو حسنة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2177767 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40