الخميس 23 كانون الثاني (يناير) 2014

“إخْصْ”.....

الخميس 23 كانون الثاني (يناير) 2014 par عبدالشافي صيام العسقلاني

تاريخ الأمة العربية لم يشهد فترة أكثر ذُلاً ومهانةً ووضاعةً ، ومستوىً متدنياً في كل المستويات من “الساس للراس” أكثر مما تمر به الأمة في العقود الثلاثة الأخيرة ، وما وقعت فيهما من أحداث وتحولات أدت في النهاية إلى تفجّر الأوضاع واندلاع ثورات شعبية درجت تسميتها بالربيع العربي ، إذ انطلقت في البداية من تونس فأطاحت بالنظام ، وامتدت إلى ليبيا ، وانتقلت إلى مصر ومنها إلى اليمن وسوريا ، وبشكل جزئي إلى البحرين وربما إرهاصة هنا وإرهاصة هناك .

ففي ليبيا سقط نظام العقيد القذافي ، لكن الثورة لم تصل إلى مرحلة الحسم النهائي وبناء نظام جديد . وفي مصر سقط نظام حسني مبارك البوليسي القمعي ، ونجحت القوى الإسلامية في الوصول إلى السلطة ممثلين في القوة الرئيسية “الإخوان المسلمون” لكن الدولة الدفينة في أزقة المتعة استطاعت بالسراويل القصيرة التسلل إلى مخادع الشعب ، وقبول المحامل الخارجية من جهات مشبوهة همها الرئيس إعادة العجلة السوداء للدوران بعكس مطالب الجماهير الشعبية المغلوبة على أمرها بقوة قوىً مضادة للثورة يحركها ضباط المتعة الذين عاشوا عقوداً ضمن مظهرية الوجود يمارسون السلب والنهب والابتزاز ، ويحرسون “شيخ البلد الشِرّيب” ، شيخ سارقي الأمة وعرّاب المواقف والصفقات المشبوهة وكبير السُرّاق في تاريخ مصر ، والمتاجر بالقضية الفلسطينية والمتآمر عليها مبارك المخلوع .

ثلاث سنوات أو تزيد قد مضت على ثورات التغيير والخلاص من أنظمة القمع ، ولم يصمد في ميادين المواجهة من هذه الثورات سوى الثورة التونسية ، أما البقية فهي تعاني من مواجهة الثورات المضادة ، والأكثر خطورة وانتكاسة سلبية فهي الثورة المصرية التي خطت وبسرعة ونظمت انتخابات ديمقراطية دستورية وقانونية . لكن أعداء مصر من بعض الأعراب وأعدائها من غير الأعراب نجحوا عبر فلول وشراذم النظام المنهار السابق في الانقضاض على التجربة الديمقراطية الوليدة على أرض فيها مساحة الأخلاق “المتصحرة” واسعة ولها امتدادات خارجية على علاقة بقوى الهيمنة الأمريكية والغربية ، والعدو الصهيوني ، والقوى العلمانية الرخيصة التي رأت في وصول القوى الإسلامية إلى سدة الحكم تهديدا لوجودها ومصالحها ، وقد استغلت ـ للأسف ـ بعضَ القوى الإسلامية المزيفة والمصنعة في مواخير الفساد الأمني لدعم تآمرها على الأمة .

الجيش المصري ممثلا في قيادة مرتبطة وغير نظيفة نجح في القفز إلى واجهة المشهد السياسي بعد أن ضمن وقوف القوى الخارجية لدعم تحركه ضمانا لمصالحها وما تمليه على ضباط لم يعد أمامهم إلا الانغماس في اللعبة حتى قعر البئر .
فكانت مؤامرة الانقلاب على الشرعية الدستورية التي بدأت بخلق العقبات والمشاكل في وجه الرئيس الشرعي المنتخب وافتعال أزمات ، ما زالت مفاتيح التحكم وأدوات تحريكها بأيدي فلول النظام السابق وما سَمّوهُ ثورة 30 يونيه (والادعاء بخروج 30 مليون رافضين للنظام القائم ومطالبين بانتخابات ودستور جديد ) ، بطريقة لصية واضحة وتآمر أمريكي صهيوني وأطراف خليجية للأسف أعلنت موقفها بصراحة ودون مواربة فيما يمكن أن نسميها صبيانية سياسية ما كنا نرضاها للبعض ، ونسجل على لوحة الأحداث بأن “الكأس المصري” سيشرب منه الجميع اليوم أو غداً .

فالإخوان المسلمون هم من وقفوا إلى جانب كثير من الأنظمة عندما كان العالم مقسما بين معسكرات شرقية وغربية ورجعية وتقدمية ، وسيأتي اليوم الذي سينوح ويجوح فيه من وقفوا ودعموا “كلاسين المتعة” في زمن اهتزاز المبادئ وتداعي القيم .

لا نعتقد أن مرحلة من مراحل التاريخ شهدت ما نشهده الآن من تدنٍ لمستويات الحكم في العالم .. الغرب قبل الشرق ، والشرق قبل الغرب أحيانا .

لماذا الناس ينسون ؟

أو ليسوا هم المعنيون بما يجري في العالم الأكذوبة ، وقد يستغرب البعض ، ألم يشهد الكثيرون منا انهيار مؤسسات مالية عملاقة تقدر رؤوس أموالها وحجم تبادلاتها بآلاف المليارات من الدولارات . وكيف أن هذه المؤسسات تنهار خلال دقائق لا تزيد على عدد أصابع اليد .

فإذا كانت هذه المؤسسات التي يديرها خبراء وأهل علم وكفاءة تنهار بهذه السرعة رغم حصانات التأمين والحمايات المالية الضخمة ، فكيف بقــادة الدول وارثي الجهل سيكونون مؤتمنين على مقدرات شعوبهم ، وهي ذات الشعوب التي تصفّق لهؤلاء القتلة والسارقين .

العالم يسير في طريق الجنون ، وطريق القتل والدمار وتطوير الأسلحة الفتاكة المبيدة للبشرية . والدول تتسابق للحصول على السلاح الأكثر فتكاً وقتلاً . والإعلانات الأكثر رواجاً وترويجا تلك التي تقول لقد تم تدشين حاملة طائرات جديدة مزودة برؤوس نووية قادرة على تدمير العالم .. فإذا كان الأمريكان يملكون تلك ، والروس يملكون تلك , والصينيون يملكون تلك , والفرنسيون يملكون تلك , والبريطانيون يملكون تلك , إلى آخر مُلاّك الدمار . فكم كوكباً مأهولاً بالبشر غير كوكبنا المجاور لقمر حتى نمارس عليه لعبة التدمير ؟

ألا يستحق عالمنا أن يصحو على خبر يقول : لقد تم تدشين حاملة أزهار بدلا من حاملة طائرات ، وتدشين حاملة أدوية وطعام للجوعى والمحاصرين على وجه هذه الأرض ، بدلا من حاملة صواريخ كروز وتوما هوك .

لماذا يغضب ضابط بدأ حياته العملية وهو يرتدي التاج السلطاني في وظيفة إصدار تراخيص للعاهرات وعجائز الليل إذا أدانته دولة بأنه يمارس الرذيلة في الاتجاهين ؟

ولماذا ينبري مخصيّوا الأخلاق بإطلاق حملة تهديدات ضد قطاع غزة ، وأن “حشود مصر” تتحفز لإبادة قطاع غزة وسكانه الإرهابيين .

نعتقد أن مراجعة كبيرة يحتاجها العالم وعلى وجه السرعة لضبط إيقاعات الأحداث ، ولا نلتفت لمرددي تحشيد الحشود ، ونكتفي بالقول لهم أن يغسلوا سراويلهم .

ولا نزيد في القول أكثر من عنوان هذا الكلام .. إخْــــصْ .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2165762

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165762 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010