الأربعاء 22 كانون الثاني (يناير) 2014

“خلافات” أمريكا و“إسرائيل”

الأربعاء 22 كانون الثاني (يناير) 2014 par أمجد عرار

هناك من قد تنطلي عليهم لعبة التوتّر اللفظي بين “إسرائيل” والولايات المتحدة، بعد تصريحات موشي يعلون المنتقدة للوزير الأمريكي جون كيري . ليس المقصود من هذا الكلام تبني وجهة النظر السطحية التي تمسرح أمراً كهذا وتصفه بالحركة التمثيلية . ليس الأمر على هذا النحو، بل من الطبيعي أن تنشأ خلافات، وأحياناً توتّرات، بين الحلفاء والأصدقاء . أحياناً تنشأ خلافات وشد حبال داخل الدولة الواحدة والحزب الواحد .
“إسرائيل” تذهب بعيداً في التعبير عن طبيعتها، وهي في كل سياساتها لا تكترث إلا بنفسها، وهي ببعض الإجراءات والخطوات والتصريحات تسبب الحرج لحليفتها، الولايات المتحدة . قد لا يكون من الحكمة التجاهل التام للتعارضات التي تنشأ أحياناً بين “إسرائيل” وحلفائها، لكن في الوقت ذاته لا تجوز المبالغة بتقدير هذه التعارضات، أو البناء عليها أو تحويلها إلى رهانات . فهي في أفضل الأحوال سحابة صيف عابرة، وما تلبث أن تتفرّق وتعود المياه إلى مجاريها، ذلك أن أساس العلاقة بينهما هو التحالف .
الأمر الأساسي أن ننتبه إلى ما يدور حوله الخلاف، لأنه في مطلق الأحوال لا يلامس سقف المواقف التي تخدم القضية الفلسطينية والقضايا العربية، فليس من الضروري أن يعكس الموقف الأمريكي المختلف مع “الإسرائيلي” مواقف الجانب العربي . عادة ما يدور الخلاف حول قرار استيطاني جديد تتخذه الحكومة “الإسرائيلية”، ويتجلي بانتقاد واشنطن لتوقيت القرار ولا يتناول القضية من حيث المبدأ، في حين أن أي موقف لا يرفض الاستيطان من أساسه لا يمكن أن يخدم ما تسمى عملية السلام، حتى بمعياره هو أو بمعيار ما يسمى المجتمع الدولي .
الموقف المضاد للسياسات “الإسرائيلية” الذي يمكن اعتباره ذا شأن هو ذاك الذي لا يوارب ولا يلتف حول القضايا أو يدوّر الزوايا . هذا الموقف ينبغي أن يفرض على “إسرائيل” إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية، المحتلة عام ،1967 وأن يشمل هذا الإنهاء، التواجد العسكري والاستيطاني وكل أشكال التواجد على البر والبحر والجو، لكي يصار إلى إنشاء دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس، ولكي تعود الأراضي العربية المحتلة في لبنان والجولان، إلى أحضان أصحابها . وأن يحل قضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي رقم 194 الذي يقضي بعودتهم إلى ديارهم التي شرّدوا منها إبان النكبة، وتعويضهم عما لحق بهم من مآسي التشرّد، وكذا الأمر تعويض من لا يرغب في العودة .
إذا نظرنا إلى هذه الثلاثية، القدس والاستيطان واللاجئين، نجد أن الموقف “الإسرائيلي” بشأنها لا يسمح بأية مراهنة على إيجاد تسوية، ف“إسرائيل” تردّد ليلاً نهاراً أن القدس عاصمتها الموحّدة والأبدية، وأن الاستيطان سيستمر، ما يعني أنها متمسّكة بالأساس الصهيوني لمشروعها المبني على نهب الأرض وطرد سكانها الأصليين، وصولاً إلى إقامة “الدولة” التي أسس لها قادة الحركة الصهيونية منذ أواخر القرن التاسع عشر، والممتدة من الفرات إلى النيل . أما اللاجئون، فإن “إسرائيل” ترفض الاعتراف بهم كقضية، وأقصى ما استعدت للحديث عنه هو عودة حفنة منهم تحت عنوان “إنساني”، وليس سياسياً .
عندما تختلف واشنطن مع “إسرائيل” حول تفاصيل آخر قرار استيطاني، وتبقى تدور في فلك التجميد والتعليق، وحين تتناغم معها حول نظرتها للاجئين، يكون الخلاف كعدمه .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165272

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2165272 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010