الأحد 19 كانون الثاني (يناير) 2014

كتلة استيطانية “رابعة”

الأحد 19 كانون الثاني (يناير) 2014 par أمجد عرار

لو افترضنا جدلاً أن “إسرائيل” أوكل إليها تعيين قيادة فلسطينية، فإن القيادة التي ستعينها لن تستطيع الاستجابة للمطالب “الإسرائيلية” في المفاوضات . وما ليس مستغرباً أيضاً أن الإدارة الأمريكية تبنّت هذه المطالب وأصبحت مهمة وزير الخارجية المكوكي جون كيري متمحورة حول مسألتين هما الاعتراف بيهودية “إسرائيل”، والتسليم بالاستيطان كأمر واقع، من خلال الصمت على التصعيد الاستيطاني اللافت، وأيضاً اقتراحاته التي تنزع السيادة الفلسطينية عن منطقة الأغوار المحاذية للأردن .
مسؤولون في السلطة الفلسطينية ردوا على هذه الوقائع غير المفاجئة لكثيرين بأن اتهمت رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو بفرض جدول أعمال في مفاوضات التسوية غير ذلك الذي كان سائداً منذ مفاوضات أوسلو والاتفاقات التي انبثقت عنها . لكن المتابع لمسار هذه العملية منذ البداية، لم يفاجأ من هذا المآل، لاسيما وأن “إسرائيل” من خلال عدم موافقتها على أية مرجعية واضحة للمفاوضات، كانت ترمي لجعل العملية تدور في الهواء فيما تواصل هي فرض الوقائع على الأرض، ومن هنا فإن اتفاق أوسلو وملحقاته لم توقف الاستيطان، ولم توقف تهويد القدس والمقدّسات، ولم توقف اعتقال الفلسطينيين على نحو شبه يومي، ولم توقف القتل وهدم الممتلكات وفرض قيود خانقة على الحركة في الضفة الفلسطينية، في حين تطلق العنان للمستوطنين المدجّجين بالسلاح كي يمارسوا سياسة الترهيب ضدهم .
اتفاق أوسلو يمثّل المرآة التي يستطيع أي فلسطيني أو عربي أن يكتشف من خلالها منهجية عملية التسوية، من حيث أنها لم تتضمن أي حل ولو لعقدة رئيسية واحدة في حبل ممتد منذ ستة وستين عاماً هي عمر الاغتصاب الرسمي لفلسطين الذي صادقت عليه الأمم المتحدة في قرار التقسيم .
عندما تجري المفاوضات ويجري التوصّل إلى اتفاق لا يتضمن حدوداً، فهذا يعني أن الحدود سيرسمها سلوك دبابات الجيش “الإسرائيلي” وجرافاته . وحين تترك قضية اللاجئين من دون حل، فإن أكثر القضايا حساسية ومشروعية يراد لها أن تلقى في غياهب التهميش والتبخير، إذا لم يحصل اتفاق يلغيها من خلال الاعتراف الفلسطيني والعربي بيهودية “إسرائيل” في ظل المشروع الجاري حالياً لتقسيم المنطقة على أسس دينية .
إضافة لمئات المستوطنات المنتشرة في الضفة الفلسطينية وفق خريطة مرسومة من الجو لتلعب دوراً أمنياً، هناك ثلاث كتل استيطانية كبرى هي “ارييل” شمال الضفة، على أراضي محافظة سلفيت، و“معاليه أدوميم” شرقي القدس و“غوش عتسيون” جنوب القدس والضفة . هذه الكتل التي يريد القادة “الإسرائيليون” ضمّها للكيان ويتشبثون بهذا الطلب في كل جولة مفاوضات، يريد نتنياهو إضافة كتلة استيطانية رابعة إليها، وهي كتلة “بيت إيل” شرقي رام الله والبيرة، ولمن لا يعرف من الأشقاء العرب، فإن “ارييل” هذه تتداخل مع الأحياء الشرقية لمدينتي رام الله البيرة .
هذا المخطط يفضي إلى وضع تتقسّم فيه الضفة الفلسطينية إلى أربعة أقسام ولا يمكن لها أن تكون صالحة لإقامة دولة أو ما هو أقل منها، وهو مخطط تتعمّد “إسرائيل” تنفيذه على إيقاع المفاوضات المستمرة بما يشبه طحن الهواء . وطالما أن الفلسطينيين منقسمون، والعرب مقتتلون وليس ثمة ما يمنع “إسرائيل” من الاستمرار في مخططها، هي تضم الكتلة الاستيطانية الرابعة، وبعضنا حوّل التحرير إلى تفاوض، وآخر يناكف بشعار “رابعة” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165992

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2165992 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010