السبت 18 كانون الثاني (يناير) 2014

إسرائيل تهاجم أوروبا: متحيّزة ومنافقة

السبت 18 كانون الثاني (يناير) 2014 par حلمي موسى

إذا لم تكن الأزمة بين إسرائيل والإدارة الأميركية في أعقاب تهجمات وزير الدفاع موشي يعلون على وزير الخارجية جون كيري بسبب التسوية كافية، فإنها اكتملت بتصعيد التوتر بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي بسبب الاستيطان أيضاً. فقد أمر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان باستدعاء سفراء عدد من الدول الأوروبية لاتهامهم في وجوههم بأنهم «متحيزون»، كما أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن الاتحاد الأوروبي ينتهج «سياسة منافقة».
وإثر استدعاء عدد من الدول الأوروبية لسفراء إسرائيل لديها للاحتجاج على نشر عطاءات البناء الاستيطاني الأسبوع الماضي، أمر ليبرمان باستدعاء سفراء كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا لإبلاغهم بأن بلادهم تتخذ مواقف متحيزة دائماً ضد إسرائيل. وطلب ليبرمان من وزارة الخارجية إبلاغ سفراء هذه الدول بأن موقف بلادهم ليس مقبولاً ويثير شعوراً بأنهم فقط يبحثون عن ذرائع لتوجيه الاتهامات لإسرائيل.
ومع ذلك فإن الرسالة الإسرائيلية تشير أيضاً إلى أن حكومة نتنياهو تبذل قصارى جهدها لتسهيل استمرار التباحث مع الفلسطينيين، وأن المواقف الأوروبية، عدا كونها منحازة وغير متوازنة، تتجاهل الواقع على الأرض، وتمس جوهرياً بفرص التوصل إلى تسوية بين الطرفين.
ويشكل استدعاء ليبرمان سفراء الدول الأوروبية نوعاً من الرد الذي تتطلبه اعتبارات داخلية إسرائيلية. فليبرمان من أنصار سياسية «القامة المنتصبة»، التي لا تنحني لأحد والتي قادت إلى تدهور العلاقات بين إسرائيل وتركيا. ويؤمن كثيرون في إسرائيل بأن سلوك يعلون مع كيري انطلق أيضاً من قواعد هذه السياسة، التي تهدد بتدهور العلاقات مع أميركا. وليس مستبعداً أن يجر استدعاء السفراء الأوروبيين تدهوراً جديداً في العلاقات الأوروبية - الإسرائيلية.
وكان نتنياهو قد وصف الانتقادات الأوروبية للتوسع الاستيطاني بأنها «منافقة». وقال إن المزاعم بأن المستوطنات تشكل عقبة أمام السلام «مزورة». وبحسب كلامه، فإن الاتحاد الأوروبي استدعى سفراء إسرائيل للاحتجاج أمامهم بسبب «بضعة بيوت»، ولكنه لا يفعل شيئاً إزاء التحريض الفلسطيني. وحسم نتنياهو موقفه قائلاً «حان الوقت للكف عن هذا النفاق. ولكن إسرائيل، وهي تبذل جهوداً جبارة للمحافظة على السلام ومحاربة الإرهاب لمصلحة إسرائيليين وفلسطينيين على حد سواء، تتعرض دائماً للانتقادات».
وجاءت الحملة الإسرائيلية الجديدة على دول الاتحاد الأوروبي بعد احتجاج الأخير رسمياً على العطاءات، التي أعلنتها حكومة نتنياهو الأسبوع الماضي وتضمنت إنشاء 1400 وحدة استيطانية وراء الخط الأخضر، داخل الضفة الغربية والقدس المحتلتين. واستدعت خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا سفراء إسرائيل في هذه الدول لتسليمهم احتجاجات رسمية على هذه العطاءات.
وبحسب مصادر أوروبية، فإن هذه الخطوة كانت منسقة على الأقل بين دول الاتحاد الخمس الكبرى، بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا وأسبانيا. ولم يتم استدعاء السفير الإسرائيلي في برلين للاحتجاج أمامه بسبب قيام وزير الخارجية الألماني فرانك وولتر شتاينماير بإبلاغ إسرائيل بهذا الاحتجاج أثناء زيارته الأخيرة إلى إسرائيل.
عموماً، في الاحتجاج الأوروبي تم الإعراب عن القلق العميق من عواقب نشر عطاءات الاستيطان وأثرها على العملية السياسية. وقال مصدر أوروبي «أوضحنا أن عطاءات كهذه يمكن أن تكون مدمرة وتضر بمحاولات خلق أجواء إيجابية للمفاوضات». ومن الواضح أن الاحتجاج الأوروبي هذا يشكل نوعاً من الضجر من استمرار إسرائيل في تجاهل التحذيرات، التي تزايدت في الآونة الأخيرة، والتي أوضحت أن استمرار الاستيطان يخرّب فرص السلام. وتعاظمت هذه التحذيرات مع وجود مبادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتوصل إلى اتفاق إطار أو حل نهائي.
ومعروف أن الاتحاد الأوروبي يمثل في اللعبة السياسية الأميركية مع إسرائيل العصا والجزرة على حد سواء. فأوروبا هي الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، وهي من تقدم ثاني أكبر قدر من المساعدات الاقتصادية والعلمية لها. والاتحاد الأوروبي هو الداعم المالي الأكبر للسلطة الفلسطينية والمستعد لتقديم رزمة حوافز اقتصادية لإسرائيل إذا ما أبرمت اتفاقية سلام. وهي أيضاً القارة التي تحمل على كاهلها عبء الضغط على إسرائيل، خصوصاً في مسألة الاستيطان تعويضاً عن التخاذل الأميركي. ومؤخراً حققت أوروبا بعض الإنجازات على هذا الصعيد بإجبارها حكومة إسرائيل على قبول «البند الإقليمي» في اتفاقية التعاون العلمي الأوروبي المعروفة باسم «هورايزن 2020». ونص هذا البند على منع وصول المساعدات الأوروبية إلى أي جهة إسرائيلية تعمل أو تتعاون مع جهات تقيم خارج الخط الأخضر.
وتتصاعد في أوروبا حملات مقاطعة إسرائيل عموماً ومنتجات المستوطنات في الضفة الغربية خصوصاً، إضافة للمقاطعات الأكاديمية والثقافية. وكثيراً ما هدد جون كيري الإسرائيليين بأنهم سيتعرضون لغضب أوروبي جارف إذا واصلوا التمسك بمواقفهم وعرقلة التوصل إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين. وفي كل الأحوال هناك سجال واسع في إسرائيل حول أثر المقاطعة الأوروبية على الدولة العبرية. وفيما تعتقد بعض الجهات أن بوسع مقاطعة كهذه أن تقود اقتصاد إسرائيل إلى الانهيار، تُساجل جهات أخرى بأن لدى إسرائيل أوراقاً رابحة وأن التهديد بالمقاطعة مجرد «هراء».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2180652

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2180652 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40