الأربعاء 15 كانون الثاني (يناير) 2014

دوران في الفراغ . . ولكن

الأربعاء 15 كانون الثاني (يناير) 2014 par عوني صادق

عاد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى فلسطين المحتلة لمتابعة جهوده في إطار المفاوضات الجارية بين الحكومة “الإسرائيلية” والسلطة الفلسطينية، في جولة جديدة هي الحادية عشرة منذ تولى مهامه، وكانت الجولة العاشرة استغرقت أربعة أيام وامتدت محادثاتها إلى عمان والرياض، وانتهت من دون أن ينجح في إقناع أي من طرفي المفاوضات بمقترحاته .
في جولاته العشر، أقنع كيري كل متابعيه أنه يدور في الفراغ، فكان كلما طرح قضية من “قضايا الحل النهائي” انتهى فيها إلى لا شيء، إذا صدقنا التصريحات الصادرة عن طرفي التفاوض . الجهة الوحيدة التي كانت في كل مرة تؤكد أن “تقدماً” تحقق هي كيري نفسه . وفي نهاية الجولة العاشرة، أعلنت الناطقة بلسان الخارجية الأمريكية أن “تقدماً ملحوظاً” قد تحقق! لكن أياً من المتابعين لم يعرف أين حدث وفي أية قضية تحقق هذا “التقدم الملحوظ” .
بدأ كيري أولى جولاته بطرح قضية “الحدود والأمن”، وانتهى بعد أكثر من شهرين إلى ما سماه “الخطة الأمنية” فرفضها الفلسطينيون و“الإسرائيليون” . وطرح قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة ولم ينته فيها إلى شيء، باستثناء أن اللاجئين يستطيعون العودة إلى “الدولة الفلسطينية” عندما تقوم! أما مسألة “يهودية دولة”إسرائيل“”، فلم تكن يوماً من “قضايا الحل النهائي”، فأصبحت جوهر الصراع والمفاوضات والسلام معاً! ولا نقول إن كيري تبنى هذه “القضية”، لأنه قبل أن تبدأ المفاوضات في يوليو/تموز 2013 كان الرئيس باراك أوباما قد خصص في كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2012 فقرة واحدة للصراع العربي- “الإسرائيلي” تحدث فيها عن “دولة يهودية آمنة، ودولة فلسطينية مستقلة”! وكان ما يبدو فشلاً متلاحقاً لكيري، كافياً ليعترف بأن الأشهر التسعة لم تكن كافية، وليبدأ الحديث عما سماه “اتفاق إطار”، اعتبره المتابعون في الجانبين مجرد “تصريح أمريكي غير ملزم” لأحد .
وفي كل مرة كان يطرح فيها كيري قضية من القضايا، كان يثور حولها لغط لا آخر له، يتكشف في النهاية عن لا شيء في موضوع التوصل إلى اتفاق . لكنه كان في الوقت نفسه، يخلق الوهم بأن الأمور “تسير” ولكن ببطء، ويمنح الجانب “الإسرائيلي” وجرافاته وقتاً إضافياً لتوسيع عمليات الاستيطان وهدم المنازل، واتخاذ قرارات مصادرة الأرض . وكان لافتاً أن الإعلان عنها دائماً يتم عشية وصول كيري إلى فلسطين المحتلة . وعشية بدء زيارته الحادية عشرة تم الإعلان عن تقديم عطاءات لبناء (1800) وحدة استيطانية في القدس والضفة! والغريب أن ذلك لم يفت في عضد كيري، أو حتى مؤسسة “الشرعية الدولية”، أو “المجتمع الدولي”، حيث لم تزد ردود الفعل عن تصريح خجول مضلل يفيد بأن الاستيطان “غير شرعي ويعرقل عملية السلام”، لكنه لم، ولا، ولن يستدعي إي إجراء عملي تتخذه تلك الأطراف لوقف الإجراءات “الإسرائيلية” أحادية الجانب، بل يجري التأكيد دائماً على أهمية أخذ “الواقع الجديد” في القدس والضفة الغربية في الاعتبار عند الحديث عن الحدود .
إنه دوران في الفراغ بالنسبة إلى هدف المفاوضات المعلن، وهو التوصل إلى “اتفاق سلام ينهي الصراع” في فلسطين المحتلة، لكنه المطلوب بالضبط لتنفيذ المخطط الصهيوني- “الإسرائيلي” للاستيلاء على كل فلسطين، وتصفية قضية الفلسطينيين الوطنية . ولمن يريد أن يتحقق مما نقول عليه أن ينظر فقط إلى الوقائع التالية: (1) استمرار عمليات الاستيطان ومصادرة الأرض . (2) وضع شرط الاعتراف ب“يهودية”إسرائيل“” . (3) إخراج قضيتي القدس واللاجئين من البحث الجاد . (4) قرار ضم الأغوار فيما يسمى قضية الأمن . (5) وآخر الدواء الكي، الذي تمثل في رفض الكنيست يوم 1-9-2014 مشروع قرار سمي “مشروع حل الدولتين”، وكان يقضي بأن الأراضي التي يسمح فيها لسلطات الاحتلال بأن تسيطر عليها في الضفة وغزة هي تلك التي تنص عليها “اتفاقيات السلام”، وليست الإجراءات “الإسرائيلية” أحادية الجانب .
إن رفض الكنيست لهذا المشروع بأغلبية 44 عضواً مقابل 25 عضواً، والذي تقدم به يهودي صهيوني عضو كنيست، يعني ببساطة أمرين: (1) أن أصحاب القرار في “إسرائيل” يرفضون “حل الدولتين” الذي تقوم عليه ليس المفاوضات فقط التي يقودها كيري وترعاها وتشرف عليها الولايات المتحدة الأمريكية، بل وتقوم عليها كل “عملية السلام” المزعومة . و(2) إنهم يريدون الاستيلاء عملياً على كل فلسطين المحتلة، ولذلك يريدون أن تبقى أياديهم طليقة في مصادرة ما يريدون من الأرض الفلسطينية .
وحتى لا يقول أحد إنه ليس حتمياً أن تكون الكلمة الأخيرة في أمور خطرة كهذه لما يقبله أو يرفضه الكنيست (مع أنه سيكون قولاً خاطئاً)، نذكر أن نتنياهو وعد بعرض أي اتفاق يتم التوصل إليه مع الفلسطينيين على الاستفتاء العام . وآخر استطلاع أجرته جريدة (معاريف)، قبل أيام، أظهر أن مواقف الجمهور “الإسرائيلي” تتوزع على الشكل التالي:
- 80% منه لا يثق بكيري، و 5 .53% لا يرونه وسيطاً نزيهاً (بمعنى أنهم يرونه منحازاً للفلسطينيين) .
- 73% منه لا يؤيد الانسحاب العسكري من غور الأردن، و70% يرفضون الانسحاب العسكري من الغور في أي اتفاق شامل مع الفلسطينيين .
- 53% منه يرفضون سلاماً يقوم على تبادل الأراضي وتقسيم القدس، حتى لو اشتمل على اعتراف ب“”إسرائيل“دولة يهودية” .
أليس ذلك كله دوراناً في الفراغ . . وأي فراغ؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165433

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165433 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010