الثلاثاء 14 كانون الثاني (يناير) 2014

حربٌ بين “داعش” وأخواتها

الثلاثاء 14 كانون الثاني (يناير) 2014 par حسين لقرع

بينما كان العالم ينتظر أن يعقد مؤتمر “جنيف 2” في 22 يناير الجاري لبلورة حلٍٍّّ سياسي للأزمة السورية بين النظام والمعارضة بمباركة دولية، وأن يتحالف الطرفان ضد الجماعات السلفية الرافضة للاتِّفاق، فوجئ الجميع باندلاع حرب شرسة على تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” أو “داعش” على يد نظام المالكي في العراق و“أخوات” داعش في سوريا، من مختلف التنظيمات الإسلامية التي كانت أمس تحارب معها النظامَ جنباً إلى جنب ولو تحت قيادات متفرّقة.
ربما كانت الخلفية هي رغبة أمريكا في تهيئة الأجواء لإنجاح “جنيف 2” وفرض حل سياسي على الجميع، كما يُردَّد هذه الأيام، ولكن يبدو أن جرّ مختلف التنظيمات العلمانية والإسلامية إلى مقاتلة “داعش” في سوريا، ترمي إلى تحقيق أهداف أخرى وفي مقدمتها إنجاز مهمة توحيد المعارضة المسلحة تحت قيادة موحّدة تدين بالولاء المطلق للسعودية ودول أخرى استعداداً لما بعد “جنيف 2”، فإذا كانت نتائجُه غير مرضية لها، أمكن مواصلة قتال نظام الأسد أملاً في إسقاطه بالقوة.
ويبدو أن السعودية قد أقنعت الولايات المتحدة بأن هناك جماعات سلفية متشددة مرتبطة بـ“القاعدة” ينبغي محاربتُها، وأخرى معتدلة لا تشكل خطراً على الغرب ومصالحه، يمكن التعاملُ معها والاستمرار في دعمها بالسلاح والمال والإعلام إلى غاية إسقاط الأسد، ولاسيما إذا رفض تقديمَ أي تنازلات للمعارضة في “جنيف 2” كالإعلان عن عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية في هذا العام والقبول بحكومة انتقالية تنتزع منه أهمّ الصلاحيات؛ إذ أن الأرجح أن تستمر الحربُ في هذه الحالة كما تواصلت بعد “جنيف 1” ولكن هذه المرة بتنظيمات إسلامية تقدّمها السعودية على أنها “معتدلة” مادامت بعيدة عن “القاعدة” ومنها “الجبهة الإسلامية” و“أحرار الشام” وغيرهما..
وتأمل السعودية وأمريكا ودولٌ أخرى أن يتمّ الانتهاءُ من “داعش” قريباً في سوريا والعراق معاً، بغية الانتقال إلى “جبهة النصرة” التي تحظى بتزكية الظواهري، وإعلان الحرب عليها لاستئصالها هي الأخرى مادامت ترفض إلى حدّ الساعة الانخراط في المسعى الأمريكي - السعودي ومقاتلة “داعش” وكذا إعلان قطع أي صلة لها بـ“القاعدة”، وبعدها تتفرَّغ لاستئناف القتال ضد النظام.
لكن المراهنة على سحق “داعش” في أيام قليلة قبل “جنيف 2” يبدو إفراطاً في التفاؤل وهدفاً غير واقعي؛ فإذا كانت أمريكا قد قاتلت هذا التنظيم سنوات في العراق وعجزت عن إنزال الهزيمة به وهي القوة العظمى، فهل تستطيع التنظيمات الإسلامية المتواضعة عسكرياً تحقيق ذلك وقد أصبحت “داعش” الآن في العراق وسوريا معاً أقوى مما كانت عليه قبل سنوات في العراق وحده؟
إذا صمدت “داعش” أشهراً طويلة وتعذّر إنزالُ الهزيمة بها، فسيكون النظامُ السوري أكبر مستفيد من ذلك، فكلما كانت الحرب أطول، تفانى القومُ في المعارك وأثخنوا في بعضهم البعض قتلاً وتنكيلاً، وأضعفوا أنفسهم بأنفسهم، ليقدَّموا بذلك خدمة جليلة للنظام الذي سيمكنه أنذاك إحرازُ تقدّم أكبر وأسرع على الأرض والاقتراب أكثر من حسم الصراع لصالحه عسكرياً.
وإذا افترضنا أن “أخوات” داعش قد قضت عليها، ثم على “النصرة” بعدها، وواصلت الحرب على النظام إلى غاية إسقاطه، فهل صحيحٌ أنها ستفعل ذلك لتمكين الشعب السوري من إقامة الديمقراطية الحقيقية التي يحلم بها منذ بداية ثورته السلمية في 15 مارس 2011 قبل أن تُختطف منه؟ أم أنها ستقيم “دولة إسلامية” وتحكّم الشريعة كما تحلم “داعش” و“النصرة” أيضاً؟ وبمعنى آخر، هل يُعدّ رهانُ السعودية وأمريكا على هذه التنظيمات في محله وهي تعمل لمصلحتهما؟ أم أنها تتبع تكتيكاً معيَّناً وتعمل لمصلحتها الخاصة وستُبدي أهدافها الحقيقية مستقبلاً؟ الإجابة الحاسمة لا يمكن أن تُعرف الآن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 65 / 2176795

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2176795 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40