الجمعة 10 كانون الثاني (يناير) 2014

“الدولار” وُلِدَ “لِصًّا”!

الجمعة 10 كانون الثاني (يناير) 2014 par جواد البشيتي

إنَّ زمرة من الرجال في عالم المال هي التي جَعَلَت الدولار حاكِمًا ماليًّا عالميًّا مُسْتَبدًّا؛ وهذه الزمرة اتَّخَذَت مجلس الاحتياط الفدرالي مقرًّا لها، وجَمَّعَت في قلعة “فورت نوكس (Fort Knox)” معظم الذَّهب في العالَم.
الدولار، وبتوصية من الرئيس توماس جيفرسون، اعْتُمِد، سنة 1792، عملة قومية، على مستوى الولايات جميعًا؛ وكانت قيمته، بموجب قانون النقد الصادِر في السنة نفسها، 24.75 حبَّة من الذَّهَب الصافي.
سنة 1933، ومن أجل رفع الغطاء الذهبي عن الدولار، سُنَّ قانون يسمح بمصادرة الذهب من البنوك والأفراد في داخل الولايات المتحدة، فسُحِب الذهب (بالقمع والإكراه) من التداول، وحلَّت محله “الورقة الخضراء”، التي ما أنْ بدأ رفع الغطاء الذهبي عنها، وفي هذه الطريقة اللصوصية، حتى شرعت تَصْفَر، وتزداد اصفرارًا.
قبل سنة 1933، كان يُكْتَب على ورقة الدولار عبارة يفيد معناها أنَّ هذه الورقة تستمد قيمتها من محتواها من الذهب. بعد ذلك أصبحت “ورقة قانونية للدفع”، لا قيمة (ذهبية) لها.
سنة 1934، وعلى إثْر الأزمة الاقتصادية الكبرى، خُفِّض معادِل الدولار الذَّهبي؛ وسنة 1973، خُفِّضَت أكثر قيمة الدولار، فأصبحت 42.22 دولار للأونصة الواحدة. ومنذ سنة 1973، هبطت القيمة الحقيقية للدولار 40 مرَّة.
وقَبْل هذا الخفض بسنتين، أيْ سنة 1971، حرَّرت الولايات المتحدة الدولار من قَيْده الذَّهبي، فأعلن الرئيس (الجمهوري) نيكسون أنَّ بلاده لن تدفع بالذَّهب من الآن وصاعدًا. وقال: “من قبل كان يأتينا شخص حاملًا 35 دولارًا، فنعطيه بدلًا منها أوقية من الذهب. كنَّا ملتزمين هذا؛ أمَّا الآن فلا”!
وهكذا تضاعفت الكمية المطبوعة من الدولار بين سنتي 1971 ــ 2000 إلى أكثر من 2000 في المئة؛ فالطبع (الرخيص) ما عاد مشروطًا بغطاء ذهبي؛ ولقد صَدَقَ ديجول، وأصاب كبد الحقيقة، إذ وصف طبع الولايات المتحدة للدولار من دون غطاء ذهبي في خلال حرب فيتنام بأنَّه “سرقة مكشوفة وكبيرة”. وكان ديجول قد دعا الولايات المتحدة إلى أنْ تعطي فرنسا ذَهَبًا بدلًا من أكوام “الورقة الخضراء” في بنكها المركزي، حتى يغدو احتياط الذَّهَب غطاءً للفرنك الفرنسي؛ لكنَّ الدولة العظمى في العالَم، من حيث مخزونها الذَّهبي، والذي كان، في قسمه الأكبر، ثمرة سطو واستيلاء على ذَهَب العالَم، وعلى ذَهَب الأوروبيين على وجه الخصوص، أَبَت ورَفَضَت، مُبْديةً خشية، لها حيثياتها الواقعية، من أنْ تَحْذو دول أوروبية أخرى، وغير أوروبية، حَذْو فرنسا الديجولية.
ومع انفصال الولايات المتحدة من طرف واحد عن “قاعدة الذَّهب”، والذي عَكَسَ، وسَبَّب، انهيار النِّظام النَّقْدي الدولي، أصبح معظم المخزون النقدي العالمي مغطَّى بـ”الورقة الخضراء” غير المغطَّاة بالذَّهَب، والتي تظلُّ ورقة مهما اخْضَرَّت، أو بَدَت خضراء؛ ولولا الحجم الهائل لاقتصاد الولايات المتحدة، التي دَرَأ عنها ذاك الحاجز الطبيعي الجبَّار، المسمَّى المحيط الأطلسي، شرور الدَّمار النازي، لما استطاع الدولار أن يتحرَّر من قيود الذَّهَب.
أوروبا، ومعها اليابان، استعادت عافيتها الصناعية والاقتصادية، وتَراجع، من ثمَّ، الطَّلب العالمي على السِّلَع الصناعية للولايات المتحدة، التي احتَفَظَت بذَهَب العالَم “مُعْتَقَلًا” لديها؛ فماذا تَفْعَل أوروبا واليابان، وسائر العالَم، بهذه التِّلال من “الورقة الخضراء”، التي على اصفرارها المبين ظلَّت تُوْصَف بأنَّها “خضراء”؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165545

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165545 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010