الجمعة 10 كانون الثاني (يناير) 2014

مخيم اليرموك.. التحركات و“التهديف الأحول”

بقلم: عبدالرحمن ناصر
الجمعة 10 كانون الثاني (يناير) 2014

[(انتهت إلى الفشل مجدداً، مبادرة أخرى لحل أزمة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سورية، وشهدنا خلال الأيام القليلة الماضية تحركات لمجموعات شبابية فلسطينية، تطالب برفع الحصار عن مخيم اليرموك، وإدخال المواد الغذائية إليه، مع تفاقم الأزمة الإنسانية داخل المخيم.)]

وفق تصريحات السفير الفلسطيني في سورية، محمود الخالدي، فإن المجموعات المسلحة من “داعش” و“جبهة النصرة”، وعصابات أخرى، هي التي أفشلت المبادرة، برفضها التوقيع على اتفاق نال موافقة الفصائل الفلسطينية وعدد من المجموعات المسلحة المنتشرة في اليرموك، ومع ذلك فإن “التحرك الشبابي” حمل المسؤولية لمنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية، مديناً عجزها عن إيجاد حل لمأساة المخيم.

ليس سهلاً، ولأسباب عديدة من بينها ما يحدث في مخيم اليرموك، الدفاع عن منظمة التحرير أو الفصائل الفلسطينية، فجوانب القصور والتقصير متعددة، وتطال مختلف جوانب الدور المطلوب والمأمول من المنظمة والفصائل، لكن في الكثير مما يحدث، سكوت متعمد عن جوانب من الحقيقة، سكوت يفضي إلى ما سماه الكاتب الفلسطيني عادل سمارة: “التهديف الأحول”.

- التهديف الأحول

نستخدم تعبير الدكتور سمارة، كعنوان يمكن أن تدرج تحته جملة من الحقائق المغيبة، والملاحظات التي تجعل التوصيف المشار إليه مطابقاً لواقع الحال، ومما يمكن تسجليه بداية أن هذا التحرك جاء متأخراً سنة كاملة بالضبط.

فقد مضت على اجتياح المخيم من قبل العصابات المسلحة، سنة كاملة ونصف شهر أيضاً، وكان ينبغي أن ينطلق هذا التحرك رفضاً لاجتياح المخيم وتشريد أهله من بيوتهم، إلى المآوي والخيام مجدداً، وحتى إلى ركوب أمواج البحر والغرق هرباً من الجحيم الذي فرضه المسلحون على المخيم وأهله، وكان ينبغي التحرك في مواجهة عمليات النهب والإحراق لبيوت المخيم وممتلكات أبنائه.

ركز من قاموا بالتحرك، وفيهم من يملكون نوايا حسنة، على المخاطر التي تتهدد حق العودة جراء ما يتعرض له المخيم، ومرة أخرى فإن الخطر على حق العودة، وعلى فلسطينيي سورية، إنما بدأ مع اجتياح المخيم، وارتكاب الفظائع فيه، ما أدى إلى تشتيت كتلة أساسية من اللاجئين الفلسطينيين، لطالما كانت ركناً أساسياً في حركة اللاجئين الفلسطينيين، وتمسكهم بحقهم في العودة إلى ديارهم، وعماداً لحركة التحرر الفلسطينية بكل تشكيلاتها.

الشعارات التي رفعها من قاموا بالتحرك، تدور حول المطالبة برفع الحصار عن المخيم، ودخول المواد الغذائية والطبية، وهذا طلب محق، ولكن الشعار الأجدى والأكثر دقة، كان يجب أن يدور حول المطالبة بخروج المسلحين الذين يحتلون المخيم منه، أو حتى الدمج بين الشعارين، ذلك أن المطالبة برفع الحصار ودخول الغذاء والدواء، توحي بأن المخيم محاصر لأسباب انتقامية، أو للتضييق على من بقي من أهله فيه، والحقيقة أن الحصار مفروض بسبب وجود مسلحي العصابات الإرهابية في المخيم، وهم أنفسهم من هددوا بالهجوم على أحياء قريبة من اليرموك، وتقع تحت سيطرة الدولة السورية.

مخيم اليرموك، يقع على أرض سورية، والدولة السورية تفرض الحصار على الأماكن التي يوجد فيها المسلحون القتلة، لمنع تمددهم خارجها حاملين معهم الموت والدمار، كما يحدث في كل مكان يصله هؤلاء، والتعامل مع اليرموك يجري على ذات القاعدة، بمعنى أن إدخال الغذاء والدواء إلى مكان يحتله المسلحون، يعني تقديم عوامل قوة لهؤلاء، وهذا ليس منطقياً على الإطلاق.

عليه، وإنصافاً للحقائق كما هي، يجب القول إن المخيم محتل من قبل المسلحين، وهؤلاء هم من شرد أهله ودمر وأحرق بيوتهم، ويجب أن يخرجوا من المخيم، حتى يتم إدخال الغذاء والدواء إليه، ليكون الغذاء للناس من أهل المخيم، والدواء لهم كذلك.

وكان يجب ملاحظة أن كل المبادرات التي جرى البحث فيها، وبمشاركة منظمة التحرير (بصرف النظر عن ملاحظات كثيرة حول المنظمة ودورها وما تريده من التحرك الآن) إنما بنيت على فكرة أساسية صحيحة وهي: خروج المسلحين من المخيم، وهنا يتم الحديث أيضاً عن فئتين من المسلحين، فئة من خارج المخيم، وهؤلاء يتوجب خروجهم منه فوراً، وفئة أخرى من قاطني المخيم أصلاً، يمكنهم الخروج، أو تسوية أوضاعهم بعد تسليم سلاحهم.

أفشلت المجموعات المسلحة كافة المبادرات الرامية إلى حل مشكلة المخيم، وتوفير المزيد من المعاناة على أهله، وفي كل مرة يتقدم فيها البحث، ويتم الاقتراب من إنفاذ اتفاق محدد تتولى مجموعة من المسلحين إفشاله، وكانت جماعات “داعش” و“النصرة”، وراء إفشال الاتفاق الأخير، حسب تصريحات السيد محمود الخالدي، السفير الفلسطيني في سورية.

- بنود الاتفاق وآلية تنفيذه

وفق مصادر فلسطينية مطلعة، فإن مشروع الاتفاق الأخير، وهو يشبه مشاريع اتفاقات سابقة، جرى إحباطها، تضمن في المبادئ الأساسية بنودا تقضي بـ:

1- خروج المسلحين نهائياً من المخيم، وضمان عدم عودتهم.

2- تموضع المسلحين الفلسطينيين والفصائل الفلسطينية الموافقة على هذه المبادرة في محيط مخيم اليرموك، لمنع دخول السلاح والمسلحين.

3- تشكيل هيئة شعبية موسعة من وجهاء وفعاليات فلسطينية وسورية، ومن الفصائل الموافقة على هذه المبادرة لقيادة مرحلة مؤقتة، إلى حين عودة أجهزة ومؤسسات الدولة.

4- بعد التأكد من خلو المخيم من السلاح والمسلحين، وإغلاق كل الطرق الرئيسية والفرعية بين المخيم وجواره، تقوم الجهات المعنية والرسمية (بلدية - محافظة) على إعادة تأهيل المخيم، وإزالة الحواجز الداخلية والركام، والبدء بصيانة وترميم البنية التحتية.

5- عودة أهل المخيم إلى منازلهم وممتلكاتهم، وفتح الطرق للإمداد بالأغذية والمواد الأساسية.

6- تسوية أوضاع من يرغب من المسلحين.

7- يحق لمكاتب الفصائل الفلسطينية الموجودة في المخيم، بحيازة 3 إلى 5 بنادق للحراسة.

وقد تميز مشروع الاتفاق هذا بوضع آلية تنفيذ محددة، تضمن إمرار كافة بنوده وفق تدرج زمني، تبنى فيه كل خطوة، على ما جرى تحقيقه في الخطوة السابقة، وتتحدث الآلية عن خروج المسلحين، وتعيين أماكن التموضع، في محيط المخيم، ودخول اللجنة الشعبية من الفعاليات التي ستؤكد خروج المسلحين، تليها وحدات هندسة لنزع الألغام والمتفجرات، ثم دخول الجرافات لإزالة الحواجز والمتاريس، وتنفيذ إحصاء للعائلات الموجودة في المخيم، بغية تنظيم العمليات الإغاثية، حيث سيتم إدخال المواد الغذائية وتوزيعها على العائلات.

وتتولى القوة المنتشرة في محيط المخيم منع المسلحين من الدخول إليه، ويمنع على أي مسلح التجول بسلاحه في المخيم، وعند تنفيذ المرحلة الأولى في اليرموك، ينتقل العمل إلى الجزء الثاني من المخيم، والمسمى شارع فلسطين.

وصفت العديد من الفصائل الفلسطينية مشروع الاتفاق بالشامل والنموذجي، واعتبرت أنه يضمن تحييد المخيم عن الأزمة السورية، وقد وقعت عشرة فصائل فلسطينية أساسية على هذا المشروع، وهي:

1- الجبهة الشعبية - القيادة العامة.

2- حركة فتح.

3- حركة فتح- الانتفاضة.

4- منظمة الصاعقة.

5- جبهة النضال الشعبي.

6- حركة الجهاد.

7- جبهة التحرير الفلسطينية.

8- حزب الشعب.

9- الجبهة الشعبية.

10- الجبهة الديمقراطية.

وقد وقعت مشروع الاتفاق أيضاً مجموعات مسلحة وإطارات إغاثية، ومن بين الموقعين: أبو صالح فتيان، أبو هاشم زغموت، العقيد خالد الحسن، وخليل أبو سلمى عن المؤسسات الإغاثية، ومنسق شبكة دعم المخيمات، وإسماعيل أحمد عن الحراك الشعبي، وأبو هاني عن العهدة العمرية، وأبو تمام، وعن الفرقة الثانية أبو توفيق السوري.

كما يلاحظ فقد غابت توقيعات مجموعات مسلحة أخرى، ومن بينها عصابات “داعش والنصرة”، الأمر الذي أبقى مشروع الاتفاق مجرد مشروع، وأبقى على معاناة أهل اليرموك، سواء أولئك الذين تأخذهم العصابات المسلحة رهائن داخل المخيم، أم الذين جرى تشريدهم منه، ويكابدون الأمرّين جراء ذلك.

هذه العصابات لا تريد اتفاقاً، ولا تريد تحييد المخيم، وليس يشغلها سوى مشروعها الإرهابي التكفيري، وتريد البقاء في المخيم موظفة معاناة أهله في خدمة مشاريعها، وهذا أمر يجب التنبه إليه لدى مقاربة مأساة المخيم.

مصادر فلسطينية، وفي ضوء إصرار الجماعات المسلحة على إفشال كل مشاريع الاتفاقات، عادت لتداول فكرة تقضي بالبحث في إيجاد ممر آمن للمدنيين الذين بقوا في المخيم، لخروجهم بعد توفير أماكن ملائمة لهم، وكي لا يبقوا رهينة بيد المسلحين، ويعانون الجوع وعدم توفر الدواء.

بالعودة إلى التحركات التي حملت شعار: أنقذوا اليرموك، فمن المتوجب استمرارها، ولكن تحت شعار ينسجم أكثر من الواقع، يقول الحقيقة كاملة كما هي، ويشير بوضوح إلى المسؤولين عن مأساة المخيم وأهله، ويحقق للمخيم وأهله في الوقت نفسه، ما هو مطلوب حقاً، ليكن الشعار: اخرجوا من مخيم اليرموك أيها القتلة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2178390

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2178390 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40