الأربعاء 8 كانون الثاني (يناير) 2014

خيار «الأمر الواقع» يعني زحف الفراغ إلى الرئاسة الأولى

بقلم: شادي جواد
الأربعاء 8 كانون الثاني (يناير) 2014

تسعة أشهر وثلاثة أيام مضت على تكليف الرئيس تمام سلام تشكيل الحكومة وما تزال المشاورات لهذه الغاية تأخذ طابع المدّ والجزر وسط أمواج عاتية تحول دون وصول التوليفة الحكومية المطلوبة إلى شاطئ الأمان.
وإذا كانت عجلة هذه المشاورات تسارعت في غضون الأسبوعين الماضيين في ظل كم كبير من التسريبات حول ما آلت إليه الاتصالات فإن بعضاً من هذه التسريبات وصل إلى حد تحديد اليوم والساعة التي سيوقع فيها رئيس الجمهورية مرسوم الحكومة التي وصفت بأنها ستكون حيادية أو حكومة أمر الواقع.
وبالرغم من أن المشهد الحكومي بات واضح المعالم للوسطين السياسي والشعبي والذي يوحي بأنّ هناك من همس في أذني رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بأنْ أقدما على خطوة التأليف في ظل المناخات الضبابية التي تسيطر على المنطقة بشكل يؤدي إلى تحقيق الهدف الذي يبدأ باستبعاد حزب الله عن تركيبتها وينتهي بإحداث شرخ كبير بين اللبنانيين يؤدي بدوره إلى زعزعة الاستقرار وجرّ حزب الله إلى معركة جانبية تجعله باعتقادهم ينكفئ عن المشهد السوري بعد أن تلقت العصابات المسلّحة ضربات موجعة على الرأس تقول السعودية إنه كان للحزب دور بارز في حصول هذا الأمر فإن فريق 8 آذار ومعه النائب وليد جنبلاط قد استشعرا الخطر الذي قد يتأتى من تأليف أي حكومة لا يتم التفاهم حولها وقاما بخطوات استباقية منسّقة أدت إلى تراجع الرئيس سليمان وسلام عن خيار «حكومة الغفلة» التي كانت تنطوي بحسب مصدر وزاري على ملء الفراغ الرئاسي في حال تعذر انتخاب رئيس جديد في الموعد الدستوري متجاهلين مقدمة الدستور وضاربين اتفاق الطائف عرض الحائط بكل مندرجاته.
صحيح أن لبنان على مستوى استحقاقاته الداخلية قد دخل في سباق مع الوقت لا سيما وأن الانتخابات الرئاسية باتت على الأبواب وأن عدم تأليف الحكومة سينعكس بالتأكيد على الاستحقاق الرئاسي وهذا يعني أن الفراغ سيزحف إلى الكرسي الأول ومنها إلى كل مفاصل الدولة التي هي في الاساس تعاني ما تعاني من فراغ قاتل. غير أنه وبالرغم من الوقت الداهم فإن شيئاً لم يتغير بعدُ على خطّ التأليف ففريق الرابع عشر من آذار يتمسك حتى الموت بمطلبه «السعودي الأصل» استبعاد حزب الله عن أي تشكيلة حكومية ويقابل فريق الثامن من آذار هذا التعنت بالإصرار على الحكومة السياسية الجامعة ورفض خيار العزل لأي فريق سياسي فكيف إذا كان هذا الفريق الذي يريدون إقصاءه هو مكوّن أساس في العملية السياسية وبذل دماء غالية في سبيل وحدة واستقرار هذا البلد.
هذه المعادلة تعني أن ولادة الحكومة التي دخلت شهرها العاشر ما تزال متعسرة وعالقة بالشباك السعودي القائم على الكثير من الكيدية والثأر تجاه حزب الله وسورية وإيران على حد سواء وأن الذهاب بخيار حكومة الأمر الواقع لن يكون بالأمر السهل بعد أن أُطلق عليه الرصاص من كل حدب وصوب حتى أن بكركي أسقطت الحرم على مثل هذا الخيار. وقد أدت هذه الأمور مجتمعة إلى إعادة النقاش حول التأليف إلى السكة الصحيحة من دون التمكن من الانتقال من المربع الأول حيث أن المشاورات التي جرت على خط بعبدا المصيطبة ـ عين التينة ـ المختارة ـ بكركي أوحت وكأن النقاش في شكل الحكومة ما زال في اليوم الأول من عُمْر التكليف.
في رأي مصادر سياسية متابعة أن هذا الأسبوع سيشهد تفعيلاً ملحوظاً للحراك السياسي في ما خصّ تأليف الحكومة من دون بروز أيّ معطى إيجابي من شأنه أن يذلل العقبات التي ما تزال تعترض سبيل التأليف بالرغم مما يحكى عن تجاوز صيغة الـ6 9 9 وإعادة صيغة الـ 8 8 8 على مشرحة النقاش معدّلة حيث يُقال إن الرئيس بري يعكف بالتنسيق مع جنبلاط على تدوير زوايا هذه المعادلة بالشكل الذي يؤدي إلى تفاهم كل الأفرقاء على التشكيلة الحكومية التي ستبصر النور نتيجة ذلك.
وتلفت المصادر النظر إلى أن «الاستدراك» الذي حصل في شأن تأليف حكومة أمر واقع قد فتح مجدداً شهية الاتصالات التي غابت لأسابيع عدة في سبيل تقريب المسافات وقد تتظهر صورة هذه الاتصالات مع نهاية هذا الأسبوع بفعل الوقت الذي بدأ يضغط على الجميع من دون أن يعني ذلك أننا سنشهد الدخان الحكومي الأبيض يخرج من مدخنة القصر الجمهوري في وقت قريب كون الأمور معقّدة أكثر مما يتصوره البعض لا سيما في ما يتعلق بالعامل الإقليمي المؤثر على هذا الاستحقاق. فطالما أن خطوط التواصل مقطوعة بين طهران والرياض فإن حظوظ التأليف تبقى متدنية خصوصاً وأن الانشطار السياسي الموجود يشكل عاملاً سلبياً أيضاً نتيجة تمسك كل طرف إقليمي بموقفه.
وتخالف المصادر رئيس الجمهورية بالرأي القائل أنّ المسألة الحكومية منفصلة عن الاستحقاق الرئاسي وهي تقول: هل في حال ذهبت الأمور إلى تأليف حكومة حيادية ستسير عملية انتخاب الرئيس الجديد بصورة طبيعية؟ حتماً الجواب لا لأن مسألة العزل ستؤدي بالمعزول إلى عزل نفسه عن أية جلسة انتخاب في البرلمان وهذا سيؤدي حتماً إلى فراغ رئاسي وهو أمر ستقف بكركي بالمرصاد في مواجهته فهل سيكون باستطاعة أحد تحمّل الحُرْم الكنسي ومقاطعة بكركي له في هذا الظرف السياسي الدقيق والخطير؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2178892

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2178892 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40