الجمعة 3 كانون الثاني (يناير) 2014

ابتعدت دمشق عن القدس كثيرا

الجمعة 3 كانون الثاني (يناير) 2014 par صالح عوض

في سورية.. لا يجد المرء وهو يتجول في مدنها اليوم، إلا الخراب والموت والأشباح. ولا يسمع إلا صوت القنابل والقذائف.. قطعت الأوصال ومزقت الطرق ودمرت المدن. وسويت بالأرض البيوت. وهاجر المواطنون من بلدة إلى أخرى داخل القطر الواحد أو خارجه تحت طائلة الجوع والخوف.. تشتت العائلات ودمر النسيج الاجتماعي لمجتمع تميز بالاستقرار والتقاليد الراسخة.

ما الذي جرى في سورية؟ من أجل ماذا تشبث المتشبثون بمواقفهم؟ أمن أجل القدس وفلسطين والعروبة والإسلام والسيادة والكرامة.. أي العناوين المقدسة التي تسكن وجدان الشعب والأمة؟

بسبب عدم توفر التوازن الاستراتيجي والذي لم يحققه النظام كانت المسافة بين دمشق والقدس بعيدة وعصية.. والنظام لا يرى سبيلا للحرب فيما انسحبت مصر من الصراع العربي الإسرائيلي.. وترك الفلسطينيون وحدهم منذ1974 يواجهون حالة الانهيار العربي ومعهم الشرفاء من أبناء الشعب اللبناني في صمود استمر ثماني سنوات حتى جاء صيف 1982 ليتم نزعهم من كل المواقع المجاورة لفلسطين وقام النظام السوري بإكمال المهمة فشردهم من آخر المواقع.

أما اليوم بعد أن دخلت جحافل “المجاهدين” في سوريا فاشتركت مع النظام في صناعة واقع سوريا الرهيب أصبحت المسافة إلى القدس أكثر بعدا.. فلقد انهزمت روح التجانس في المجتمع ودبت شروخات عميقة في الروح والعقل والبنية الأساسية للمجتمع ومؤسساته.. وحل الدمار والتجروؤ على القتل والتخريب.

إن القدس اليوم بعيدة تماما عن دمشق، بمعنى أكثر وضوحا، إن دمشق أبعدت كثيرا عن القيام بدورها في قضيتها الأساسية: فلسطين.. وعلاقة دمشق بفلسطين لا تدانيها علاقة بلد بآخر أبدا.. ولهذا فلا منتصر في سوريا إلا المخطط الصهيوني والأمريكي.

إن تدبر الأسباب لما حصل في سورية يكشف لنا بوضوح حجم فراغنا الفكري والروحي على المستوى الرسمي وعلى مستوى قوى المعارضة.. كما أنه يشير إلى عدم إدراكنا السياسي على المستوى الرسمي والحركات المعارضة.. لقد كان بمقدور النظام أن يقدم “تنازلات” للشعب على مستوى الحريات السياسية والتناوب السلمي على السلطة. كما أنه كان من المفترض عليه أن لا يجمد جبهة المقاومة والقتال ضد العدو الصهيوني. وكان بمقدور المعارضة أن لا تقترب من السلاح والقتل. كما أنه ما كان ينبغي بأي حال من الأحوال ربط معارضتها المحقة والمشروعة بأجندات الأمريكان والفرنسيين والأعداء..

ثم، أليس من العيب الكبير على السوريين السياسيين في المعارضة كانوا أم في النظام جعل أرضهم مسرحا لتصفية الحسابات بين الدول؟ أليس من العيب أن يستنجد كل طرف بقوة خارجية ليدخل الوضع في حالة من التعفين السياسي ولتنفتح جبهات قتال في الأمة في كل مكان ولتتمدد روح الثأر والانتقام على أسس عنصرية في المنطقة؟؟

إن نتيجة كل حرب أهلية في أي بلد عربي أو فتنة داخلية تتجسد في ابتعاد القدس عن المنال وفرض وقائع صهيونية جديدة على أمتنا.

جمع الصف الوطني وتكامل الكل القومي وتضامن الجمع الإسلامي خطوط حمراء لا ينبغي العبث بها مهما كانت الأهداف، لأنها جميعا دون هدف الوحدة. فهل حان الوقت ليدرك النظام السوري أنه لا يصلح لقيادة سوريا نحو القدس؟ وهل حان الوقت ليدرك المسلحون المقاتلون في سوريا أن ما يقومون به إنما هو من مصلحة إسرائيل والغرب فقط، ولن يقبله الشرفاء في الأمة.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165248

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165248 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010