ما فتئ الغموض يكتنف الوضع في مصر، ذلك أن من يتابع أنباء مصر لا بد أن يجد ذاته في زاوية افتراض، مفادها سؤال: هل وقعت جماعة الإخوان المسلمين في “فخ” مسبق ومحكم التنظيم والتهيئة لتجد نفسها فجأة “جماعة إرهابية”، بغض النظر عن تاريخ تأسيسها وأهدافها الأولى، جماعة خيرية، تهدف لمساعدة المسلمين ولتقوية أواصر الأخوة الإسلامية. هذا كان، أصلاً، هو المبدأ الذي تأسست عليه الجماعة منذ أن أعلن حسن البنا توقه لتأسيس “خلافة” على أنقاض الخلافة العثمانية التي أنحى بلائمة سقوطها على أوروبا.
مذاك، والجماعة تحاول جاهدة الانخراط في العمل السياسي السلمي والبنّاء، مارة عبر محطات ثقيلة ومثقلة بالاضطهاد والضغط والسجون، درجة التماس رئيس العراق السابق، عبدالسلام عارف، من عبد الناصر إطلاق سراح سيد قطب، مفكر ومنظر الجماعة الأعلى صوتاً. وبرغم ضغط عبد الناصر على الإخوان فإنه استجاب لوساطة عارف، فأطلق سراح قطب كي يعاود الأخير أنشطته الإسلامية في الدعوة.
وإذا كانت الجماعة قد مرت بعدد من المحطات مذاك حتى قبل بضعة أعوام، مروراً بحكومات السادات ومبارك، فإنها قد حسمت الأمر بالانخراط في العمل السياسي السلمي عبر التقاليد الديمقراطية التي حملتها في نهاية المطاف إلى الأعالي حتى ارتقى مرسي سدة الرئاسة. وكانت المرحلة السابقة لذلك قد تميزت بإطلاق أيدي أعضاء الجماعة في المضمار الاقتصادي، الأمر الذي كرس نزوعهم السلمي، خاصة بعد أن استحال بعضهم إلى أفراد من أصحاب الملايين، فعزز ذلك استقلال الجماعة باعتبار اعتمادها التمويل الذاتي للعمل.
لقد كان على العالم العربي والغربي أن يحاولا تكريس نزوع الجماعة إلى التقاليد الديمقراطية وإلى الأنشطة الاقتصادية الحرة بدلاً عن لجمها واضطرارها إلى “سلة الإرهاب” دفعة واحدة، لتجد الجماعة نفسها في ذات الصنف مع القاعدة وداعش وسواهما من المنظمات الإرهابية الدموية المعروفة: أليس في هذا الاستدراج الذي طال الجماعة كي تسقط في فخ “الإرهاب” ثمة خفايا ومناورات بعيدة النظر قادت، إلى الإيقاع بالإخوان المسلمين فيما لم يكن وارداً على بال قياداتهم، حيث وصل الأمر إلى مثولهم في أقفاص الاتهام بالرغم من حثهم كوادرهم العاملة في الشارع على السلمية وعلى اعتماد الأساليب المتحضرة للاحتجاج والرفض.
إن العملية المباغتة التي قادت الجماعة إلى سلة الإرهاب، ليست في صالح الحملة الدولية لمقاومة الإرهاب التي تقودها واشنطن، لأنها، عمليًّا قد أحالت حيادية حركة إسلامية مكونة من ملايين الأعضاء إلى معسكر مضاد، بدلاً عن تشجيعها على الالتصاق بالسلمية. لذا للمرء أن يتوقع ما لن نُحسد عليه في المستقبل، وهو يتراءى اليوم أمامنا على آفاق الأحداث، خاصة وأن المنظمات الإرهابية لن تتوانى في الاندفاع إلى كسب ملايين الإخوان إلى صفوفها وإلى فكرها من أجل تعزيز معسكرها المدمر.
الثلاثاء 31 كانون الأول (ديسمبر) 2013
هل تم استدراج “الإخوان” ؟
الثلاثاء 31 كانون الأول (ديسمبر) 2013
par
أ.د. محمد الدعمي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
26 /
2165891
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
21 من الزوار الآن
2165891 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 21