الاثنين 30 كانون الأول (ديسمبر) 2013

مهزلة الانقسام الفلسطيني

الاثنين 30 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par أمجد عرار

ما أعلنته حركة “حماس” عن اعتزامها السماح لحركة “فتح” بالاحتفال بذكرى انطلاقتها يوحي بنبأ سار بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني بقرب إنهاء الانقسام والعودة إلى وحدة الصف الوطني . بادىء ذي بدء، يتوق كل فلسطيني وعربي شريف لأن يكون هذا الخبر صحيحاً، ومن جهة ثانية يحدونا الأمل ألا يكون هذا التوجه من باب التكتيك، أو تعبيراً عن أزمة آنية واعتبارات لا تخدم الهدف الوحدوي . المسألة لا تتعلق بمجرد فرصة لتمرير احتفال، فمناسبة كهذه لن يكون عدم إجرائها كارثة . لكن ما يهمنا أن يخدم أي توجه من هذا القبيل الهدف الأسمى والأكبر وهو إنهاء مهزلة الانقسام المدمر الذي يفتك بالحلم الفلسطيني ويعرقل مسار الفلسطينيين عموماً، ويحبط الرغبة العارمة في حماية حالة الصمود التي تعد الضمانة الرئيسية لمواصلة التقدم نحو الأمام، وصمام الأمان للثوابت الوطنية والأركان الأساسية التي شكّلت القضية الفلسطينية .
لقد عانى الفلسطينيون مرارة هذا الانقسام على نحو لا يختلف كثيراً عن معاناتهم الاحتلال وسياساته العنصرية وإجراءاته على الأرض . الأعمى فقط هو من لا يرى كيف أن “إسرائيل” قد تمادت كثيراً في غيّها وصعّدت عدوانها بشكل أكبر ومتسارع بعد حدوث كارثة الانقسام، بل إنها وضعت الاستيطان وتهويد القدس على رأس أجندتها السياسية والميدانية، فضلاً عن أنها استغلت الانقسام السياسي والمجتمعي لتكثيف الضغط والابتزاز على القيادة الفلسطينية، بحيث فرضت وأمريكا على هذه القيادة أن تعود إلى طاولة المفاوضات متخلّية عن شرط دام سنوات بعدم العودة للمفاوضات قبل وقف الاستيطان، أو حتى تعليقه .
ندرك تمام الإدراك أن هناك محاولات سابقة جرت واتفاقات وقّعت بين حركتي “فتح” و“حماس” وتم إخراجها على نحو احتفالي، وابتهج بها الشعب الفلسطيني وكل المتضامنين معه من العرب وغير العرب، لكنّها انتهت كما بدأت، وعاد كل إلى خندقه، واستؤنفت الحروب الإعلامية والاتهامات المتبادلة وحالات التصيّد والمزايدات، أي أن الطرفين لم يخلصا لا لمتطلبات إنهاء الانقسام ولا للقضية التي يمثّلانها، لكنّهما اتفقا على شيء واحد فقط، هو الوفاء للمثل الشعبي القائل “عادت حليمة لعادتها القديمة” .
ندرك تمام الإدراك أيضاً، أن مجرد الاتفاق لا يعني تحقيق مضمونه، وأن تحقيق مضمونه لا يعني أن شبراً من أرض فلسطين سيتحرّر، لكن بالمقابل يتأكد يوماً بعد يوم أن الانقسام يشكّل الغطاء الأنسب ويمثّل الحالة الأكثر ارتياحاً ل “إسرائيل” كي تمضي في مشروعها الصهيوني المعد، أمس واليوم وغداً، لكي يكون بديلاً للوجود الفلسطيني نفسه . ومن هذا المنطلق لا ينبغي أن يكون إنهاء الانقسام ووقف هذه المهزلة واستعادة الوحدة الفلسطينية منّة من أحد، بل استحقاقاً فورياً وعاجلاً ومؤشراً عميق الدلالة على الوطنية والإحساس بالمسؤولية وإدراك المخاطر التي لا تتهدّد المشروع الوطني الفلسطيني، إنما وجود الفلسطيني على أرضه .
مرة أخرى، نأمل أن يكون هذا القرار جاداً وفاتحة أمل لرؤية الفلسطينيين يسيرون في اتجاه واحد، فلعلّ وحدتهم تبعث رسالة وحدة لبعض الشعوب العربية التي تغرق في اقتتالات داخلية، وغطست في بحور فتنة عبثية يخسر فيها الجميع، وتمثّل ربحاً صافياً لأعداء الأمة، وفي مقدّمهم “إسرائيل”



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165630

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165630 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010