الجمعة 27 كانون الأول (ديسمبر) 2013

احتلال ما زالت تداعياته مستمرة

الجمعة 27 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par أحمد صبري

مرت قبل أيام الذكرى الثانية لرحيل الاحتلال الأميركي عن العراق، الذي أسدل الستار عن قصة دامية بدأت بغزو هذا البلد عام 2003.بدأ غزو العراق بالصدمة والترويع وانتهى بأكوام من الخردة تركتها القوات الأميركية خلفها وهي تنسحب من آخر قاعدة لها في جنوب العراق.
هكذا هي أحوال العراق بعد رحيل قوات الاحتلال التي تركت وراءها عراقا متداعيا ومدمرا وحكومة غير متجانسة، وشعبا يحتاج لعقود حتى يتجاوز فظائع الحرب وويلاتها.
وحتى نعطي جلاء الاحتلال الأميركي عن العراق الذي استذكره العراقيون هذا العام أهميته فإن القوات الأميركية أمضت في العراق (3175) يوما في احتلالها للعراق الذي ابتدأ في العاشر من أبريل عام 2003 خدم خلالها في الجيش الأميركي أكثر من مليون أميركي كما قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، إضافة إالى أكثر من نصف مليون من المتعاقدين وإفراد الشركات الأمنية.
أما خسائر القوات الأميركية في العراق فالغموض ما زال يلفها؛ إذ تقول البيانات العسكرية الأميركية إن خسائرها لم تصل الخمسة آلاف قتيل، في حين يؤكد محللون أنها تجاوزت ذلك الرقم بكثير.
وأولى المدن التي تعرضت للقصف الأميركي بعد الاحتلال كانت مدينتا النجف والفلوجة عام 2004 وأولى فضائح التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان ظهرت في العام نفسه في معتقل أبو غريب.
إن الولايات المتحدة التي احتلت العراق تحت ذريعة امتلاكه أسلحة الدمار الشامل لم تعثرعلى أي دليل يثبت وجود مثل هذه الأسلحة، كما أنها فشلت في بناء تجربة جديدة في هذا البلد، كما روج المحافظون الجدد الذين كانوا من أكثر المتحمسين لغزو العراق، بل على العكس فإن الأميركيين غادروا العراق وهو في أسوأ أحواله والعراقيون يعيشون بلا كهرباء ولا مياه صالحة للشرب ورعاية صحية.
وفي ظل حقبة الاحتلال الأميركي تراجعت مكانة العراق ليصبح من الدول الأكثر فسادا في العالم وصنفته منظمة الشفافية الدولية بعد الصومال وأفغانستان، ومدينة بغداد تصدرت عواصم الدنيا باعتبارها الأسوأ في العالم.
لقد حصد العراقيون الكثير من الآلام والمآسي خلال سنوات الاحتلال الأميركي، فقد قتل العلماء والأطباء وأساتذة الجامعات والضباط والصحفيون ورجال أعمال وتشرد الباقون في بقاع الدنيا، وسقط أكثر من مليون عراقي بين قتيل ومعوق بأسلحة الاحتلال الأميركي أو بسببه.
وعلى وقع الفوضى العارمة والقتل والاختطاف هاجر ما يقارب أربعة ملايين عراقي داخل العراق وخارجه.
وتتحدث منظمات المجتمع المدني عن مليون أرملة وثلاثة ملايين يتيم في العراق، وسجلت الأوضاع الصحية والمعاشية والبيئية والتعليمية تراجعا مخيفا.
ومع قتامة هذه الصورة الحزينة التي خلفتها سنوات الاحتلال الأميركي فإن العراق بثروته النفطية وبعقول أبنائه وإرادتهم قادر على نفض غبار سنوات الاحتلال رغم قساوة التجربة ومرارتها، إلا أن ما يسجل لأبناء العراق أنهم تغلبوا على كل المحاولات التي أرادت إدخال العراقيين إلى احتراب داخلي تحت لافتات الطائفية والعرقية والمناطقية.
والعراقيون الذين تنفسوا الصعداء بطي صفحة سوداء برحيل آخر جندي أميركي عن بلادهم قبل سنتين فإنهم ما زالوا تحت وطأة الصفحات التي بقيت مفتوحة خصوصا الأمن والمصالحة الوطنية، ومحاربة الفساد والحفاظ على ثرواتهم، وتجنيب العراق محاولات إضعافه وتقطيع أوصاله.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 29 / 2165997

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165997 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010