الخميس 26 كانون الأول (ديسمبر) 2013

فلسطين المظلومة

الخميس 26 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par صالح عوض

عندما قال بومدين كلمته الخالدة: “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، كان يعبّر عن صدق الانتماء لعقيدته الوطنية والقومية والحضارية، وظلت هذه الكلمات سقفا لم يستطع أحد أو حزب أو دولة في بلاد العرب والإسلام تجاوزه.
الآن، فلسطين لم تعد في أذهان المرضى إلا عناوين تشير إلى التقسيم، فهناك الضفة الغربية وهناك غزّة وهناك أرض وشعب الـ48، وهناك فلسطينيو الشتات، وعندما يتحدث أحد أولئك المرضى من السياسيين والمثقفين والإعلاميين إنما يتحدث عن الضفة أو غزّة على اعتبار أنها فلسطين، وعندما يتقدم أحد أو حزب أو دولة لتقديم المساعدة إنما يقدمها لهذا الحزب أو ذاك، على اعتبار أنه يقدم لفلسطين، فيما هو في الحقيقة يقدم بناء على معاييره الخاصة، ومزاجه الخاص المتولد عن وجهة نظره نحو فلسطين، ففلسطين لم تعد لدى الكثيرين قضية شعب مظلوم وأرضا منهوبة وعدوانا مستمرا على الأبرياء، إنما هي قضية توجه ما وحسابات إقليمية معينة، وتصبح المساعدات المقدمة تحت غطاء دعم فلسطين أو المقاومة فيها إنما هي لتعميق جنوح جهة على حساب جهة في الساحة الفلسطينية.. ويعضهم يرى أنه يمكن أن يساعد في مكان أو جهة على حساب مكان أخر في فلسطين، أو جهة مما يعزز روح الانقسام والتخريب، فمثلا تجد جهات تساعد هذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك بالمال الوفير، ولكنهم يقفون متفرجين من مئات آلاف الفلسطينيين الذين يتضورون جوعا في لبنان أو سوريا، بل وبعضهم يشارك بصمته أو بما يضمر في خنق الفلسطينيين في لبنان، فيما هم يدّعون دفاعا عن فلسطين والأقصى، وكما قال المرحوم شفيق الحوت، القائد الفلسطيني الكبير: “يحبون فلسطين ويقتلون الفلسطينيين”.
كثيرون هم الذين يعلنون دفاعهم عن فلسطين، فيما هم لا يرون من فلسطين إلا ما ينسجم معهم في الرؤية والتوجه، ويظنون أنهم ببعض دريهماتهم سيشترون ولاءات ودماء الفلسطينيين ومعاناتهم، لعل ذلك ينفعهم في برامجهم وأجنداتهم.
صحيح أن الفلسطينيين يمرون بأسوأ الظروف ولكن كان لابد أن نفهم شيئا ضروريا، إن الفلسطينيين يمتلكون من الكرامة الوطنية والإحساس المرهف بما يمكّنهم تماما من تمييز الصديق الصدوق عن المدّعي صاحب الأجندات، وهنا يتجلى الموقف الجزائري التاريخي نحو فلسطين، ولعلي هنا أسجل قريبا من الصحة بأن هناك من يدفع من المال لفلسطين الآن أكثر من الجزائر، ولكنه لا يحظى بمكانة الجزائر لدى الفلسطينيين، بل أكثر من ذلك بدا من الإشارة أن الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر من قدم مساعدات إغاثة للاجئي الشعب الفلسطيني، إلا أن إدارات الولايات المتحدة تحتل أكثر الأماكن ظلاما في الوجدان الفلسطيني، لأن الشعب الفلسطيني يعرف أنه اللقمة المغموسة بالشر.
إن فلسطين مظلومة من قبل أنظمة العرب والمسلمين وأحزابهم بكل ألوانهم وأطيافهم، وليس لها إلا الله ثم شرفاء العرب والمسلمين وأحرار العالم.

فلسطين مظلومة بشعبها المتروك وحده في مواجهة الكيان الصهيوني المدعوم من الإدارات الغربية،. والفلسطينيون وحدهم في مطحنة الملحمة الكبرى يعضّون بنواجذهم على حقهم، مستمسكين بالله وحقهم في الحياة.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2165924

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165924 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010