الأربعاء 25 كانون الأول (ديسمبر) 2013

منظمات الإرهاب . . الباب الخلفي للقوى الأجنبية

الأربعاء 25 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par عاطف الغمري

بعد أن كان السلاح هو وسيلة المواجهات وإشعال الصراعات الإقليمية المسلحة، في سنوات الصراع على النفوذ في العالم الثالث بين القوتين العظميين، فقد تعدلت الوسيلة بعد انتهاء الحرب الباردة، إلى استخدام المنظمات الإرهابية سلاحاً، لضرب الدول التي تنتمي إليها هذه المنظمات، وبحيث تأتي الضربات من داخلها وليس من خارج الحدود .
وفي السنوات الأخيرة تضاعف اهتمام المؤسسات الدولية المتخصصة بدراسة ظاهرة انتشار وتطور التنظيمات الإرهابية في العالم، وشمل هذا الاهتمام ما حدث من تطور في أساليب مكافحة الإرهاب، ومن أهمها:
* أولاً: اختراق هذه المنظمات بعملاء مستترين يكون دورهم دفع التنظيم للقيام بعمليات تبدو وكأنها تخدم أهدافاً تخصهم، بينما يكون النتيجة النهائية لعملياتهم، خدمة مصالح قوى أجنبية .
* والثاني: نقل معلومات عن التنظيم إلى مخابرات القوى الأجنبية، تستخدم في توجيه ضربات للتنظيم وقياداته، إذا كانت مصالحها تقتضي ذلك عندئذ .
آخر هذه الدراسات، تلك التي أعدتها مؤسسة “راند”، وهي من أهم مراكز الدراسات السياسية في الولايات المتحدة، والتي تكلف أحيانا من وزارة الدفاع، والقوات المسلحة، بإعداد دراسات خاصة تحتاج إليها . وقد شاركها في هذه الدراسة المعهد الأمريكي لمنع الإرهاب .
والدراسة الثانية أعدها البروفيسور ديفيد تاكر، عضو مركز أبحاث الشؤون العامة وأستاذ التحليل العسكري بالجامعات الدفاعية .
دراسة مؤسسة راند ركزت على الأسباب وراء نجاح جهود استئصال وإنهاء وجود منظمات إرهابية في الفترة بين 1998-،2006 بينما لم تحقق النجاح بالقدر نفسه في السابق جهود مكافحة تنظيم القاعدة .
ووجدت أن النجاح في الأولى، راجع إلى توسيع نطاق مواجهة الحركات الإرهابية، باستخدام قوات الأمن الداخلي والمخابرات في جمع المعلومات الكاملة عن هذه المنظمات، بحيث أمكن معرفة كل شيء عنها .
أما بالنسبة إلى القاعدة، فقد تركز التعامل بدرجة كبيرة على استخدام القوة العسكرية، وإن كان هذا التعامل - كما ذكرت دراسة تاكر- قد تطور فيما بعد، بتركيز أجهزة المخابرات، على اختراقها، واستخدام أفراد من داخلها كعملاء، ويقول: كنا محظوظين بما فيه الكفاية، حين وجدنا أعضاء في منظمات إرهابية يتطوعون للعمل معنا .
إن دراسة راند ترسم صورة واضحة لخريطة هذه المنظمات استندت إلى جمع المعلومات عنها وتحليلها وتقول:
في الفترة من 1998-،2006 كانت هناك 648 منظمة إرهابية نشطة منتشرة في العالم، تم القضاء على وجود 268 منظمة منها في تلك الفترة، وحدثت انشقاقات داخلية في 136 منظمة، بحيث تفتت إلى منظمات أصغر حجماً، بينما استمرت 244 منظمة في نشاطها الإرهابي، ووجد الدارسون أن 40% منها، تم اختراقها من داخلها وتصفيتها، وأن 43% توصلت إلى مصالحات مع حكوماتها .
وتضيف أن تنظيم القاعدة ظل فاعلا في عام ،2008 واجتمع أعضاؤه على هدف الاستيلاء بالقوة على الحكم في كل الدول الإسلامية، والقتال ضد أنظمة الحكم في هذه البلاد، وهو ما جعل من المستحيل التوصل إلى أي تفاهم بين القاعدة وهذه الدول .
ويتفق الخبراء المختصون على أن الطريقة المثلى لحصول أجهزة المخابرات على المعلومات التي تحتاجها عن الإرهابيين، هي إتباع وسائل إدخال رجال يعملون لحسابها داخل المنظمات الإرهابية .
وقد رصدت المخابرات المركزية الأمريكية، أثناء تحليل المعلومات المتوافرة لديها، أن كثيراً من المنظمات الإرهابية، التي يقوم تكوينها على علاقات عرقية، أو قبلية، أو عائلية، يصعب اختراقها، أما في حالة تنظيم القاعدة فإن الوضع مختلف، لأن تنظيم القاعدة لا يقوم على أساس وحدة اللغة، لكن على فكرة أو فهم قاموا بصياغته للإسلام، وخضعوا لتفسيراتهم له . وهذا التشكيل الواسع للتنظيم سهل اختراقه من خارجه .
وتقول دراسة تاكر: في مثل هذه المنظمات، فإن المعلومات المهمة التي تحتاج إليها المخابرات المركزية، تتوافر لدى الدائرة الضيقة لقيادات التنظيم، ونكون محظوظين حين نصل إلى عميل يكون قريباً من هذه الدائرة، ويتم ذلك بالاعتماد على من تربطه بالقيادات، روابط عائلية أو عرقية .
وتتفق هذه الدراسات على أن القاعدة أصبحت تنظيماً متطرفاً، يدار بطريقة لا مركزية، فهناك منظمات تتحدث باسمه، وإن لم تكن مرتبطة به تنظيمياً، لكنها تحمل أفكاره المتطرفة والدموية نفسها .
ومن وقت لآخر تحدث داخل خلايا إرهابية صغيرة، انقسامات، بخروج أعضاء ينضمون إلى خلايا غيرها، ويكون أسلوب اختراقها معتمدا على جمع معلومات كافية عنها وعن أعضائها .
وتنتهي هذه الدراسات إلى أن اختراق القاعدة، والمنظمات الإرهابية الأخرى في العالم، هي أمر حيوي واستراتيجي لمصالح الولايات المتحدة .
إن هذه الظاهرة التي قام فكرها وعضويتها، على العداء للدولة التي ينتمي إليها أعضاء هذه المنظمات، ورفضهم مفهوم الوطن والانتماء له، جعلها بلا أي أساس من الوطنية، وهو ما يسهل قيام جسر من وحدة المصالح، بينها وبين المخابرات الأجنبية، حتى ولو لم يكن بينهما، أي اتصال أو اتفاق، وحتى لو استحوذ على هذه المنظمات وهم التصور، بأنها هي المحركة للأحداث المتورطة فيها .
وقد بدأ هذا التحول يتبلور عقب انتهاء الصراع الأمريكي السوفييتي في أول التسعينات، وسهل على المخابرات الأجنبية استخدامها، تكاثر المنظمات الإرهابية، الخارجة على الوطن، والمعادية له، فصار الإرهاب السلاح المتطور، والذي يدار عن بعد بمخططات أجهزة المخابرات الأجنبية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165441

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165441 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010