الخميس 19 كانون الأول (ديسمبر) 2013

قناة البحرين وخطة الأغوار “السلام الاقتصادي”.. والأمن

عبد الرحمن ناصر
الخميس 19 كانون الأول (ديسمبر) 2013

قبل أن تتضح على نحو كامل معالم الصفقة الخاصة بتوقيع ما يعرف باتفاق “قناة البحرين”، بين كل من السلطة الفلسطينية، والحكومة الأردنية، ودولة الاحتلال، سربت صحف عربية معلومات عما قالت إنها خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، التي عرضها على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مشيرة إلى أنها لاقت موافقة من الأخير.
تسارع لافت للانتباه، وهو يجد انعكاساً واضحاً في حركة الوزير الأميركي، الذي كثف من زياراته لفلسطين المحتلة والأردن، وزاد من لقاءاته مع المسؤولين الفلسطينيين والصهاينة، ضارباً مواعيد لاتفاق بين الجانبين، يتم إنجازه مع نهاية نيسان/ أبريل القادم، ومثابراً على الإشارة إلى حدوث تقدم في المفاوضات.
قناة البحرين أساس السلام الاقتصادي
عملياً لا يمكن فصل الاتفاق حول الوصل بين البحرين الأحمر والميت، أو ما يعرف “بقناة البحرين”، عن المفاوضات الجارية بين السلطة الفلسطينية والعدو الصهيوني، حتى مع محاولة تظهير الاتفاق المشار إليه، وكأنه ضمن سياق منفصل عن مسار محادثات التسوية التي ترعاها واشنطن، وتتدخل يومياً من أجل دفعها واستمرارها، فقد تحدثت مصادر السلطة الفلسطينية عما وصفته باتفاق إقليمي، لا علاقة له بمندرجات أوسلو أو حتى المفاوضات الجارية حالياً، ولكن وزيراً صهيونياً تحدث صراحة عن “اتفاق تاريخي”، حيث قال سيلفان شالوم: “هذا اتفاق تاريخي يحقق حلم هرتزل بإقامة قناة البحرين، نحن نتحدث عن مكون جديد للسلام مع الفلسطينيين، هذا يوم عيد، نقوم بتنفيذ الاتفاق الثلاثي، لمساعدة سكان المنطقة لإنقاذ البحر الميت، لتوفير المياه والكهرباء، ولتحقيق تعاون إستراتيجي اقتصادي وسياسي”.
مراكز الأبحاث الصهيونية أبرزت مواقف متطابقة مع ما قاله شالوم، فقد تحدث مدير مركز “دانيئيل إبراهام” “رؤبين بدهتسور” عما اعتبره “أول مشروع شراكة من نوعه بين الأطراف الثلاثة، وله دلالات سياسية مقرونة بمسيرة المفاوضات المتجددة، بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، حتى وإن حمل في ظاهره جدوى اقتصادية ستعود بالنفع على جميع الأطراف”، وأشار مديرو مراكز أخرى إلى “أن هذا النوع من المشاريع والاستثمارات التي يدعمها البنك الدولي، قد تسهم في تحريك عجلة المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية”، واعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري التوقيع على الاتفاق عاملاً حيوياً في التنمية الاقتصادية التي ترى فيها واشنطن، أمراً جوهرياً لإحلال السلام في الشرق الأوسط".
واضح أن توقيت التوصل إلى هذا الاتفاق، لا يرتبط بما تركز عليه المصادر الأردنية مثلاً، لجهة الاحتياجات الخاصة بالمياه وتوليد الطاقة الكهربائية (الاتفاق ينص على إقامة أنابيب بطول 180 كيلومتراً يتم من خلالها جر المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت، وتقام محطة لتحلية المياه في العقبة، ومحطة لتوليد الطاقة الكهربائية)، بل هو اتفاق سياسي بالدرجة الأولى، يشكل أساساً لرزمة من التصورات الأميركية حول ما يسمى بـ“السلام الاقتصادي”، وحسب مصادر متابعة، فإن المشروع الذي جرى الاتفاق عليه، "يتقاطع مع رهان الإدارة الأميركية على التنمية الاقتصادية كجوهر رئيسي لإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ومع جهود واشنطن لاستمرار دوران عجلة المفاوضات.
خطة كيري ومواعيده
جهود الوزير الأميركي لم تتوقف عند دفع الأطراف الثلاثة إلى توقيع الاتفاق، فقد عاد مسرعاً إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي جعبته تفصيلات حول خطة كان عرضها بعناوينها الأولية في زيارته السابقة، ولم يعلم على وجه الدقة في حينه، ما إذا كانت حظيت بموافقة الطرفين أم لا.
في زيارته التاسعة منذ توليه منصبه، والتي فصلتها عن زيارته السابقة أيام فقط، حمل وزير الخارجية الأميركي، ما قالت صحف عربية و“إسرائيلية” إنها خطة “أو (مشروع اتفاق) نال عليها موافقة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو”، بحسب صحيفة “القدس العربي”.
الخطة أو (مشروع الاتفاق) وفق ما جاء في الصحيفة نفسها، تنص على “بقاء السيطرة الإسرائيلية على المواقع العسكرية الحالية في غور الأردن لعشر سنوات قابلة للتجديد، بدلاً من العشرين سنة التي أعلن عنها سابقاً، وإقامة محطات للإنذار المبكر على قمة جبل العاصور في الضفة الغربية، وهو ثاني أعلى قمة بعد جبل الشيخ، واحتفاظ”إسرائيل“بحق الرفض والمساءلة بشأن أي دخول أو عبور من خلال المعابر مع الأردن، إضافة إلى تسيير دوريات مشتركة على طول نهر الأردن”، وتتحدث الخطة عن تدويل البلدة القديمة من مدينة القدس، ومد حدود السلطة الفلسطينية إلى مناطق “ب” و“ج” المحددة في اتفاق أوسلو، مع تبادل للأراضي المتفق عليها على جانبي الجدار العازل، الذي يشكل الحدود الدائمة بين الدولتين.
وفي الخطة نص يمكن أن يوصف بالالتفافي على الاعتراف الفلسطيني المطلوب “إسرائيلياً” بـ“يهودية دولة إسرائيل”، حيث أشير إلى “أن لإسرائيل الحق في التسمية التي تريدها هي لدولتها أسوة بغيرها من الدول”.
كما يتحدث مشروع الاتفاق عن “تجميد المشاريع الاستيطانية المتعلقة بعدد من البؤر المقرة من قبل الحكومة الإسرائيلية، ولا ينطبق هذا الإجراء على المشاريع القائمة في التجمعات الاستيطانية الكبرى الواقعة في محيط مدينة القدس وغور الأردن، بما فيها مستوطنات معاليه أدوميم وزفعات جئيف وهارحوما وجيلو ونيفي يعقوف ورامات شلومو ورامات ألون وكريات أربع، وكذلك المستوطنات ذات الكثافة السكانية”.
وفيما يتعلق بموضوع اللاجئين، يدور الحديث “عن السماح لبعض العائلات الفلسطينية بجمع الشمل في الضفّة ورفح وغزّة، ويمنح اللاجئون حق التعويض أو الهجرة، بحيث تفتح الدول العربية - خصوصاً الخليجية ذات الوجود الفلسطيني فيها - أبوابها لتسهيل ذلك وإعادة تأهيلهم أو تجنيسهم مع مناشدة عدد من دول الخليج كالسعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر تمويل صندوق”حق العودة المتعلق بذلك".
بعد وقت قصير من نشر هذه المعلومات، عن خطة كيري، نقل مسؤولون فلسطينيون عن رئيس السلطة رفضه أي وجود عسكري للاحتلال في غور الأردن، وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول: “إن الموقف الفلسطيني هو رفض بقاء أي جندي إسرائيلي على الحدود الشرقية لدولة فلسطين”، مؤكداً تعرض القيادة الفلسطينية لضغوط كبيرة للقبول بالخطة الأميركية التي حملها وزير الخارجية الأميركي جون كيري"، وطلب من الفلسطينيين الموافقة على الشق الأمني منها، وأشارت مصادر فلسطينية إلى تقديم السلطة الفلسطينية أفكاراً بديلة، وفيما تحدث الوزير الأميركي عن اتفاق ينجز في نيسان/ أبريل القادم، تستبعد المصادر الفلسطينية إمكان الوصول إلى اتفاق قريب، بسبب مواقف حكومة الاحتلال.
الالتزام بـ“أمن إسرائيل”
ترسم الإدارة الأميركية خطواتها تجاه التسوية، وكما هو معروف ومتوقع، وفق متطلبات دولة الاحتلال الصهيوني، فالصهاينة هم من تحدث عن “السلام الاقتصادي”، والأميركيون يتبنون هذا التصور كاملاً، وتصريحات كيري المتعددة تبين ذلك على نحو جلي، كما أن الصهاينة هم من تمسكوا على الدوام ببقاء قواتهم في غور الأردن، وها هو الوزير الأميركي يقدم “خطة” أو مشروع اتفاق يحمل الموقف الصهيوني كاملاً.
والوزير الأميركي لا يترك مجالاً لتوقعات أخرى، هو يقول صراحة: “أتفهم التحدي الأمني الذي تواجهه إسرائيل، وأضم صوتي إلى صوت الرئيس أوباما في التعبير عن التزامنا العميق بأمن إسرائيل، والحاجة لإيجاد السلام الذي يعترف بإسرائيل كدولة يهودية، يمكن أن تدافع عن نفسها وبقائها الذاتية”.
العبارة الأخيرة تعني الموافقة الأميركية على بقاء قوات الاحتلال في غور الأردن، بعد أن رفض نتنياهو اقتراحاً أميركياً سابقاً بنشر قوات دولية في الغور، وأصر على أن كيانه يريد بقاء جيشه في هذه المنطقة، وهنا يمكن أن نتخيل شكل الاتفاق الذي يتحدث كيري (واثقاً) عن التوصل إليه في نيسان/ أبريل القادم.
ضد الانتفاضة
جدد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، موقفه الرافض لأي انتفاضة مسلحة في الأراضي الفلسطينية، ففي حوار مع “سكاي نيوز عربية”، ورداً على سؤال عن تصريح سابق قال فيه إنه سيعمل على منع قيام “انتفاضة ثالثة”، أكد رئيس السلطة الفلسطينية على موقفه، مبرراً ذلك بأن الانتفاضة المسلحة ليست لمصلحة الفلسطينيين، وأوضح أن الانتفاضة المسلحة التي اندلعت عام 2000 ضد الجيش الإسرائيلي تسببت في خسائر هائلة للشعب الفلسطيني ودمار كبير، مشيراً إلى تدمير مقرات السلطة في رام الله وغزة، وإذ أضاف قائلاً: “إن القوة العسكرية الإسرائيلية تفوق قدرات الفلسطينيين”، فقد أكد عباس “حق الشعب الفلسطيني في الخروج بمظاهرات سلمية للمطالبة بحقوقه التي تنتهكها إسرائيل”.
حصة الاحتلال في ميزانية الحرب الأميركية
أعلن مشرعون في الكونغرس الأميركي عن إجماع جارف على ميزانية الدفاع للعام 2014، والتي تصل إلى 552.1 مليار دولار، والتي ستعرض للمصادقة عليها في الأيام القريبة، ونقلت “يديعوت أحرونوت” النبأ، مشيرة إلى أن ذلك “يعني بالنسبة لإسرائيل المصادقة على المساعدة الخاصة لإنتاج وتطوير أنظمة دفاعية مضادة للصواريخ، والتي تصل قيمتها إلى نحو 400 مليون دولار، ليست مشمولة ضمن المساعدات الأمنية السنوية لإسرائيل والتي تصل إلى 3.1 مليار دولار”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “المساعدة في تطوير وإنتاج أنظمة دفاعية مضادة للصواريخ هي مساعدة خاصة، ومرتبطة بميزانية الدفاع الأميركية، ورغم التقليصات التي أجريت على الميزانية، فإن إسرائيل ستواصل الحصول على المساعدة الأميركية السخية لحماية أجواء إسرائيل”.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4 / 2178308

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2178308 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40