الأربعاء 18 كانون الأول (ديسمبر) 2013

موتوا بغيظ غزة

الأربعاء 18 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par صالح عوض

قبل شهر تقريبا كتبت في هذه الزاوية من صحيفة الشروق العامرة أحذر فيه من موت غزة ولم أكن أطلع على الغيب، ولكني كنت أرى كيف يتناوب الكثيرون على خنق غزة وقتلها.. وفيما كنت أدخل بوابة مقر الصحافة هتف لي أشخاص لا أعرفهم على التعيين: “أن غزة لن تموت”.. حصار وخنق وانقطاع كهرباء وفقدان كل شيء كل شيء، لا أولادها يوظفون كما هو حال أبناء المناطق تحت إدارة السلطة ولا أبناءها يحترمون من قبل بعض من سفارات فلسطين التي ابتليت بأناس أنانيين يحرمونهم حتى من أوراقهم الثبوتية ويضعون أسماءهم كقوائم سوداء على بوابة السفارات ممنوع دخولهم وممنوع تمكينهم من حقوقهم كونهم فلسطينيين، هذا فيما تحرمهم الطائرات المتوجهة إلى القاهرة، ثم غزة من الركوب.. وعلى بوابة قطاع غزة الأساسية في معبر رفح يقف آلاف المواطنين المرضى بالسرطان والكلى والطلبة وذوي الإقامات في الخارج والحوائج في السفر يقفون ينتظرون لعل الأخ الشقيق يمن عليهم برحمته ويرفع الحاجز أمام بعضهم..
قديما كان بدر شاكر السياب يكتب قصيدة بعنوان المخبر ويتكلم بلسانه فيشتم نفسه بأقذع ألفاظ السباب والشتم.. لكن الذي كان غائبا عن بال السياب أن المخبر الذي قصده لم يشمل مخبرين رديئين يقومون بمهمات رديئة مرسمة.. ومن هنا كانت ملاحقة كل من يدافع عن أهله وشعبه وبلده ليصبح الحصار على غزة مقننا وبخطوط حمراء لمنع أبناء غزة من الصراخ دفاعا عن أهلهم.
أجل.. جاء الإعصار على غزة، وغرقت بعض شوارعها بمياه وصل عمقها مترين أو ثلاثة، وفرك البعض يديه وكأن نبوءة رابين تحققت في غرق غزة.. غزة بلا كهرباء.. غزة بلا ماء.. غزة بلا دواء.. غزة بلا تدفئة.. أجل يعني أن غزة تموت.
غزة لا تموت ولكنها تميز غيظا.. انتفضت غزة كأروع ما تنتفض الحياة تعاونا وتعاطفا وتساندا.. انتفضت غزة لتصنع الحياة كما صنعت المقاومة، وكما انتصرت في امتحان المقاومة، وقصفت تل أبيب اللعينة، ها هي تنتصر في معركة الحياة رغم فقدان وسائلها وتثبت لملايين العرب والمسلمين أنها تنوب عنهم في إثبات ان الأمة قادرة متى أرادت ان تحيا وتنتصر.
غزة هي عود يقلع أعينهم العوراء ونارا تفتت بكبد الأنانيين الفاسدين المخربين للنسيج الوطني الواحد.. وغزة رافعة المشروع الوطني هي رافعة مشروع الحياة وستنفخ بغيظها فتجعلهم هباء منثورا لن يجديهم نفعا كل ما تدثروا به من متاع الدنيا الرخيص.. وتعيد جبر الحب السري بين مدن الوطن وقراه ومخيماته.. وطنا واحدا لشعب واحد.
وفي الحين نفسه لابد من الإشارة إلى نهوض أهل الخليل ورام الله وجنين ونابلس وطولكرم وقلقيلية نجدة لغزة.. لابد من استشعار الحرص الذي دفع بالقيادة الفلسطينية في هذه اللحظات الصعبة إلى التحرك لتقديم ما يمكن لمساعدة غزة على الخروج من الكارثة.
اجل ان غزة العرب والمسلمين تجدف ضد الموت بأشكاله العديدة فاقطعوا كل الأيادي التي تريد بها وبأهلها سوءا.. لتظل غزة رمز العزة للعرب والمسلمين.. تولاها الله برحمته التي وسعت كل شيء.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2181141

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2181141 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40