الأربعاء 18 كانون الأول (ديسمبر) 2013

لا لإعادة تأهيل «حماس» وطنيّاً

الأربعاء 18 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par د. إبراهيم علوش

كان «ربيعاً» مشؤوماً حقاً. غير أنّ من مآثره ما جرى من فرزٍ للألوان ضمن كلّ من التيارات والأهم فرز القوميين والوطنيين واليساريين ككتلة عن الإسلامويين. ولا يجوز أن نقبل بإعادة خلط الأوراق بعد كل ما بذل من تضحيات ودماء.
من الواضح أن «صحوة» «حماس» المتأخرة حصلت بعدما انهار المشروع القطري بفضل صمود سورية تحديداً وبعد الإطاحة بمرسي في مصر ومشروع «الإخوان» في الإقليم عامة فما هي إلاّ محاولة لشراء الوقت والحفاظ على السلطة ولا علاقة لها بأيّ مشروع وطنيّ فلسطينيّ من قريب أو بعيد... ثانياً إذا كانت ثمة معارضة حقيقية في «حماس» لخط قيادتها فالعلاقة تكون مع تلك المعارضة فحسب وليس مع القيادة نفسها التي ارتكبت موبقات التعاون مع حلف الناتو وأذنابه علناً في الإقليم... ثالثاً تحتاح فلسطين إلى من يعود إلى المربع الأول مربع التحرير الكامل والعمل المسلّح ولا «حماس» ولا السلطة تحققان ذلك الشرط أو ما هو أدنى منه بكثير.
إذا كان الحديث يدور عن جبهة وطنية فإنّ أي جبهة وطنية يفترض أن تتكوّن من وطنيين لا من متعاونين مع أعداء الأمّة علناً بعد أن نسبغ عليهم «تهمة» الوطنية. النقطة الأخرى والأهمّ هي خطورة إعادة تكريس الإسلام السياسيّ قيادة وطنية وهذا ما ينبغي ألاّ نرضى بالانزلاق إليه على الإطلاق.
الجبهة الوطنية تقوم على أساسين البرنامج والقيادة فيجب أن يكون البرنامج وطنياً والقيادة وطنية ولا يكفي لتشكيل جبهة وطنية أن يرتدّ طرف عن مواقفه السابقة غير الوطنية وبالتأكيد لا يكفي البتة ليعود إلى موقع القيادة. وقد ثبت أن وطنية «الإخوان» كانت مجرّد مناورة سياسية وأنّ الأيديولوجيا التي توصل إلى التحالف مع الناتو وأذنابه ليست شيئاً يفتخر به على الإطلاق. والحقيقة أن «الإخوان» أثبتوا أنهم لا يُؤمن جانبهم البتة وأنهم مستعدون للانقلاب على كل طرح يقدّمونه لتحقيق أجندة التنظيم وإنها لمشكلة أن نجرّب المجرّب مجدداً!
إذن يجب أن نصرّ على عدم تهميش الخط القوميّ واليساريّ وعلى تصعيد خطاب إسلاميّ متنوّر ومناهض للإمبريالية والصهيونية بديل من «الإخوان» و«الزومبيين» وليكن واضحاً أن الموقف من «الإخوان» وغيرهم من الإسلاموييين لا ينسحب على الإسلاميين جميعاً فثمة إسلاميون وثمة «إخوان» و«زومبيون»...
المعيار هو الموقف الوطني وعلى ما أسلفت الإشارة ضمناً فإن ثمة «قوميين» و«يساريين» بالاسم انزلقوا إلى مواقف غير وطنية في «الربيع العربي» أيضاً ... لكن القوميّين واليساريّين والوطنيين عامة كانوا كتيارات ضمانة الصمود أما التياران الإسلامويّ والليبراليّ كتيارين يحتملان بعض الاستثناءات بالاتجاه الوطني فكانا قاعدة التعاون مع أعداء الأمة ولا يجوز أن نفرّط باتضاح مثل هذه الحقيقة الساطعة الآن في لحظة فشل المشروع المعادي. فالاصطفاف في الساحة العربية اليوم قوميّ ضد أميركا مقابل إسلامويّ معها. ويجب ألاّ نسمح بتضييع مثل ذلك الفرز تحت عنوان الجبهة الوطنية.
المشكلة الأخرى أننا قبلنا طويلاً بالسكوت عن الخلافات مع «حماس» وغيرها بسبب الموقف الوطني. مثلاً حسن البنا ومحمد قطب عبارة عن عميلين للاستعمار الغربي لا يجوز أن نعود للسكوت عندما يتم الترويج لهما كرمزين «وطنيين» وحتى لو عقد تحالف وطني مع الوطنيين فحسب لا يجوز تهميش المشروع الإيديولوجي القومي واليساري بذريعة الموقف الوطني كما لا يجوز تنظيف وسخ «حماس» بدماء حزب الله وتضحياته وبطولاته.
في اختصار البرنامج والقيادة قوميان على سنّ ورمح ولا مكان فيهما لمن اتضح أنه غير وطنيّ البتة ويأتي اليوم «تائباً» بعدما فشل مشروعه! في اختصار لا للتفريط بالدور التاريخي للتيارين القوميّ واليساريّ لأن «الإخوان» يريدون إنقاذ أنفسهم من الهاوية بجرّ الذين صمدوا حقاً إليها. ولو حدثت حركة تصحيح داخل «حماس» وأُطيحت القيادة فقد يصحّ الكلام عن انضمام «حماس» إلى جبهة وطنية. وحتى يحدث ذلك فإن قصة اختلاف الأجنحة داخل «حماس» لا تطعم خبزاً وقد تكون أقرب إلى توزيع الأدوار كي نرى إطاحة مَنْ تعاون مع الناتو وأذنابه علناً. فـ«حماس» لم تفشل في اختبار الوفاء فحسب بل ذهبت بعيداً في تلقين العصابات المسلحة في سورية بعض الخبرات العسكرية التي أعطاها إياها حزب الله!
لا لتقديم براءات ذمّة ممهورة بالدم السوريّ والفلسطينيّ والعربيّ لمن تعاون مع أعداء الأمّة جهاراً نهاراً.
لا لإعادة تأهيل «حماس» وطنياً بعدما تكسّر مشروع الحمدين ثم مشروع التحالف السعوديّ-الصهيونيّ في الإقليم على صخرة سورية.
إنها ساعة الانطلاقة القوميّة والوطنيّة واليساريّة القويّة الجديدة. لا ساعة إعادة عقارب الزمن إلى الوراء حان الوقت للتيارات الوطنية والقومية واليسارية أن تعود بقوة للعمل في الساحة الفلسطينية ففلسطين جزءٌ من عقيدة تلك التيارات وهي بوصلة الموقف السياسي الصحيح وطبيعة الصراع مع الطرف الأميركيّ-الصهيونيّ تقتضي ترجمة الموقف السياسيّ إلى عمل ميدانيّ في مواجهة العدو الصهيونيّ.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165864

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165864 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010