الاثنين 16 كانون الأول (ديسمبر) 2013

سعد الله .. والقيمة المُضيعة

الاثنين 16 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par صالح عوض

أصابنا نحن العرب والمسلمين إلى حد كبير داء خطير، ذلك أننا لا نتذكر الخير إلا بعد ما نفقده ليصدق فينا القول من جاءته النعمة ولم يشكر سحبت منه وهو لم يشعر.. وأي نعمة أعظم من وجود العلماء وأصحاب الرأي في الأمة؟ أي خير أعظم من أن يكون في البلد رجال كالجبال تميد الأرض إن غابوا!؟
في الجزائر تجلّت قيمة العلماء والمفكرين، وكيف أن كل خير في الجزائر جاء ثمرةلجهودهم.. عندما استبد الجهل والجوع والمرض، نهض علماء ومفكرون فصححوا مسارالحركة الشعبية واستنهضوا روح الشعب ودفعوه نحو الاستقلال ونيل الكرامة.. وتجلت قيمةالعلماء في أكثر من مكان في أمتنا.
إلا أننا نصاب من حين إلى آخر بعمى الألوان فتغطي السياسة السطحية والتنافس المصلحيعلى روح الشعب والأمة فيتقدم الجهلة وأنصاف المثقفين وأنصاف الفنانين وأشباه الرجالفيحرمونا من رؤية الحقيقي والثمين.. ويصبح حال أمتنا مفسرا لحديث الرسول صلى اللهعليه وآله وسلم عن الرويبضة..
أبو القاسم سعدالله علم من أعلام الثقافة الجزائرية المعاصرة مثله ككثيرين ملأوا ساحةالفكر والثقافة من مالك بن نبي ومولود قاسم إلى عبد المجيد مزيان مرورا بيحيى بوعزيزإلى العربي الزبيري إلى أشخاص أحياء كثيرين أجد من الحرج أن استمر في تسميتهم وهمقامات علمية باسقة في عدة تخصصات لاسيما علم الاجتماع والعلوم السياسية.. إنهم بمالديهم من حدة وعي ودقة تفسير وعمق رؤية لا يحتشد مثلهم في أي قطر من أقطارنا العربيةوالإسلامية، ولكن الاستفادة منهم محدودة ونكاد لا نشكر الله بوجودهم فينا، والشكر يكونبتفاعلنا معهم وبأفكارهم وترك الفرصة لهم كاملة في تسيير أمور ثقافتنا وعلومنا وأن يكونلهم من الحصانة والاحترام والتبجيل ما يليق بالعلماء.
مات سعدالله وسال الحبر في رثائه وكثر المادحون له والكل يحاول أن يتذكر بعضا منخصاله الجليلة، تواضعه وتبحره في التاريخ وأدبه الجم وعلمه الغزير.. والحاجة لسعداللهوأمثاله من الرهط الكريم - زمرة العلماء الكبار - لا تقف هنا، بل هي تمتد إلى الترويجلعلمهم وأفكارهم وإكرامهم أحياء قبل الموت، فليس هناك شيء أقسى على العالم مننكوص أهله عن علمه.
إن قيمة العلماء في أمتنا قيمة مُضيعة لم نستفد منها.. فماذا لو كان إنصاف سعد الله ومزيانومالك بن نبي ومولود قاسم وسواهم في أي بلد متحضر يقيم للعلم قيمته!؟ حينذاك سيكونلهؤلاء التبجيل والاحترام والتقديم ليكونوا هم رواد الحياة.
عندما تغيب قيمة العلماء تحضر قيمة المشوشين بالأفكار المبتورة والتفاسير السقيمةالمفرطة أو المتطرفة في الدين والحياة.. عندما تغيب قيمة هؤلاء المفكرين والعلماء، تبرزقيمة المشعوذين المتنطعين ليفسدوا حياة العباد والبلاد، يزجون العامة في المهالك.

إن إكرام العلماء في حياتهم وتوفير كل الفرصة لاحترامهم والأخذ منهم والتفاعل معهموإبراز دورهم القيادي هو ضمانة للأمن القومي للبلاد وصيانة للاستقرار وتوفيرا لشروطالنهضة والتقدم الحضاري.. إن قيمة العلماء أهم من الغاز والنفط والزراعة والصناعة،لأنهم هم ضمانة كل ذلك وبدونهم ستكون الحياة ضنكى.. فهل نستدرك ما فات.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2165664

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2165664 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010