السبت 14 كانون الأول (ديسمبر) 2013

واهم من يعتقد أن الشعب الفلسطيني سيستسلم

السبت 14 كانون الأول (ديسمبر) 2013

إذا كان الاحتلال الصهيوني منذ اغتصابه فلسطين لم يضع أي اعتبار ولو أدنى للوضع المعيشي والاجتماعي والأمني للشعب الفلسطيني، فكيف به الآن وهو يتابع منتشيًا ميل كل الميل كثير من القوى الإقليمية إليه والتحالف معه وتحول جماعات إرهابية إلى خادم له بتمزيق الدول العربية، خاصة تلك التي تمثل رأس الحربة في مقاومة هذا الاحتلال البغيض.
إن كل المؤشرات والوقائع تؤكد أن هذا الوقت بالتحديد هو الوقت الذهبي لكي يحصد كيان الاحتلال الصهيوني اليوم ما لم يتمكن من حصده بالأمس، وذلك بعدما نجح وبجهود حلفائه وعملائه وتدخلاتهم في توظيف (الفوضى الخلاقة) المسماة “الربيع العربي” لصالحه، فالأطراف العربية ذات المواقف التاريخية والمساندة والداعمة للقضية الفلسطينية تم إشغالها بنيران الإرهاب لتبقى الساحة أمام الاحتلال الصهيوني مفتوحة لتمرير مشاريعه الاحتلالية نحو تصفية القضية الفلسطينية، والذي نجح بسياسة الترويع والتدليس والمراوغة الكاذبة مسنودًا من قبل الحلفاء والوكلاء والعملاء، في خلق وقائع على الأرض جديدة لم تكن بهذه الفجاجة والفداحة والسوء قبل فوضى “الربيع العربي”.
وبغض النظر عن أي اتجاه تسير إليه المفاوضات التي أطلقها جون كيري وزير الخارجية الأميركي بين الجانبين الفلسطيني والمحتل الصهيوني، سواء كان اتجاهًا سياسيًّا أو أمنيًّا أو الاثنين معًا، فإن هذه المفاوضات لن تخرج عن الخط الاحتلالي المرسوم لها من قبل قادة كيان الاحتلال الصهيوني الذي لم يعد في حساباته المستقبل الفلسطيني، ولا يرتسم في مخيلته للشعب الفلسطيني سوى تلك الصورة المقيتة القميئة وهي توزيعهم في جيتوهات أو كانتونات معزولة وسط مغتصبات شاسعة وضخمة ووسط عدوان مستمر تقوم به قطعان المستوطنين في تلك المغتصبات، مع شيء من الفتات يتسوله الفلسطينيون في تلك الكانتونات من قبل حلفاء الاحتلال ووكلائه أو من بعض العرب.
فها هو جون كيري يعود إلى المنطقة ولم تمضِ على جولته السابقة سوى أيام قليلة جدًّا وسط مزيد من التأكيدات بأن مسار المفاوضات لا يصب في مصلحة الجانب الفلسطيني وإنما في مصلحة الاحتلال، حيث تشير تسريبات إلى أن كيري يحمل في جعبته خطة أقل ما يمكن وصفها به هو أنها خطة تصفوية ومخالفة لما كانت عليه الدعاية الأميركية قبيل وأثناء استئناف المفاوضات، حيث تتضمن الخطة ـ حسب التسريبات ـ بقاء السيطرة الاحتلالية الصهيونية على المواقع العسكرية الحالية في غور الأردن لعشر سنوات قابلة للتجديد، وإقامة محطات للإنذار المبكر على قمة جبل العاصور في الضفة الغربية وهو ثاني أعلى قمة بعد جبل الشيخ، واحتفاظ الكيان الصهيوني بحق الرفض والمساءلة بشأن أي دخول أو عبور من خلال المعابر بين الضفة والأردن (جرى تلطيف هذا الاحتفاظ بأنه وجود غير مرئي)، إضافة إلى تسيير دوريات مشتركة على طول نهر الأردن. وفي شقها السياسي تتضمن الخطة نصًّا التفافيًّا يعطي “إسرائيل” الحق في التسمية التي تشاؤها هي لـ(دولتها) أسوة بغيرها من كافة الدول، الأمر الذي يحمل اعترافًا ضمنيًّا بيهودية “الكيان الإسرائيلي”، واعتبار البلدة القديمة من مدينة القدس دولية، وبقاء المغتصبات الكبرى كما هي، وفيما يخص موضوع عودة اللاجئين فعلى دول عربية بينها خليجية فتح باب التجنيس وتمويل صندوق “حق العودة المتعلق بذلك”.
إن هذه التسريبات ـ في حال صحتها ـ تكون إدارة أوباما قد برهنت أنها الإدارة الأميركية الأكثر وفاء وولاء لكيان الاحتلال الصهيوني لأنها قد وفرت لهذا الكيان كل العوامل التي تمكنه من جني ثمار (فوضاها الديمقراطية) في تغيير دفة المفاوضات لصالحه وتوفير الظروف الموضوعية لتصفية القضية الفلسطينية، أو هكذا تتوهم هذه الإدارة، فللعملة وجه آخر، فعلى الرغم من كل مخططات الإدارات الأميركية وكيانها المدلل والمتواطئين، فإن الشعب الفلسطيني وهو صاحب الحق، لن يصمت، ولن يسلم أو يستسلم، فمن صمد وقاوم احتلالًا غاشمًا لأكثر من أربعة وستين عامًا، لا ريب مستعد لأن يواصل نضاله وصموده أضعافًا مضاعفة لتلك الفترة، ولعل رسالة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى كيري التي تضمنت رفض هذه الاقتراحات الأمنية والاعتراف بما يسمى “يهودية الدولة” أبرز دليل على ذلك.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2165988

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165988 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010