تمديد المفاوضات.. تآكل المواقف والحقوق

أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري جولة جديدة من المباحثات مع طرفي التفاوض الفلسطيني والصهيوني، وتردد أن الوزير الأميركي تقدم بمقترحات لدفع المفاوضات التي تدور في حلقة مفرغة، المقترحات التي قدمها كيري، هي نوع من إعادة الصياغة للشروط والطلبات الصهيونية التي عرضت على المفاوضين الفلسطينيين.

مقابل حديث طرفي التفاوض عن المراوحة في المكان، تكلم الوزير الأميركي عن تقدم في المفاوضات، داعياً إلى تمديد مهلتها الزمنية أشهراً إضافية للوصول إلى اتفاق، يترجم هذا الموقف الرغبة الأميركية باستمرار المفاوضات، بصرف النظر عن النتائج التي يمكن تحقيقها.

وكان الوزير الأميركي قد اصطحب في جولته الجديدة، خبيراً عسكرياً أميركياً (الجنرال آلان) ما أشر إلى أن الأميركيين يريدون السير خطوة في اتجاه تقديم مقترحات عملية، وما حدث بالفعل هو العمل على تسويق الرغبات الصهيونية تماماً، فتركز السعي على إقرار بحل الدولتين إنفاذاً لتصور أميركي قديم (يعود للعام 2003)، وكذلك على رسم صورة الدولة الفلسطينية الموعودة على المقاسات التي تقترحها حكومة نتنياهو.

تحدث كيري عن دولتين، وعن تبادل للأراضي، وعن عاصمة للدولة الفلسطينية في حدود القدس الكبرى، دون إشارة واضحة إلى حدود العام 1967، ودون إشارة إلى شرقي القدس، فالحديث عن عاصمة في حدود القدس الكبرى، يعيد إلى الأذهان المقترحات عن عاصمة في “أبو ديس” بضواحي القدس، وباختصار شديد، تولى الوزير الأميركي تقديم التصور الصهيوني كاملاً وبلا تعديلات، يمكن اعتبارها بمنزلة أخذ لبعض المواقف الفلسطينية بالاعتبار، وقد عاود المسؤولون الصهاينة بالتوازي التشديد على ضرورة اعتراف الفلسطينيين “بدولة يهودية”، قبل الانتقال إلى الخطوة التالية، هذا ما فهم من تصريحات لوزير الحرب موشيه يعلون الذي قال: “إسرائيل لن تتحدث عن إنش واحد قبل اعتراف الفلسطينيين بحق الشعب اليهودي في دولته اليهودية وتنازلهم عن حق العودة”.

يشار إلى أن بحثاً تفصيلياً قد جرى بشأن الأغوار وحدود الدولة الفلسطينية وتواصلها مع الأردن، يرفض الصهاينة على نحو دائم سيطرة فلسطينية على غور الأردن، والإشراف المباشر على الحدود الأردنية الفلسطينية.

عرض الأميركيون اقتراحاً “يقضي بإقامة معابر حدودية فلسطينية –”إسرائيلية“في منطقة الأغوار، وانفراد قوات الاحتلال”الإسرائيلي“بالوجود حصرياً على بقية الحدود مع الأردن، والتي لم يشملها نظام المعابر المشتركة”، وذكرت القناة الثانية في تلفزيون الاحتلال أن “الاقتراح الأميركي يشمل استعداد الولايات المتحدة لتوفير غطاء تكنولوجي، بما في ذلك طائرات من دون طيار تناط بها مراقبة الحدود”، مضيفة أن “الفلسطينيين رفضوا الاقتراح قطعياً”، وأوضحت أن هذا “الاقتراح بدأ على شكل اقتراح بتشكيل قوة دولية مكونة من قوات (حلف الأطلسي)، لكن بنيامين نتنياهو رفضها بشدة، حتى وصل الوزير الأميركي بالاقتراح المذكور الذي هدف وفقاً للمصادر الأميركية، إلى تضييق الهوة بين المواقف”.

يشدد الصهاينة على عامل الأمن عند الحديث عن الموقف من السيطرة على الغور، ويلاقيهم تأييد أميركي مطلق، الرئيس الأميركي باراك أوباما قال في تصريحات له “يجب أن يوافق الفلسطينيون على رغبة إسرائيل في قيام فترة انتقالية للتأكد من أن الضفة الغربية لا تشكل مشكلة أمنية مشابهة لتلك التي شكلها قطاع غزة بقيادة حماس”، وأضاف أوباما “هذه الفترة الانتقالية تتطلب ضبط النفس من قبل الفلسطينيين أيضاً، لا يمكنهم الحصول على كل ما يريدون منذ اليوم الأول”.

لكن مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع، تقول إن هناك ما هو أبعد من عنصر الأمن الذي يثابر الصهاينة على إبرازه، هناك ما يتصل بالثروات الهائلة في الغور عامة، وتحت البحر الميت على نحو خاص، هنا توجد خزانات هائلة للمياه الجوفية، تليها مباشرة أحواض نفط وغاز كبيرة جداً، ويحرص الصهاينة على السيطرة المباشرة عليها مؤيدين بالموقف الأميركي.

تعتقد المصادر الفلسطينية أن واشنطن تريد استمرار التفاوض، دون أن يفضي بالضرورة إلى النتائج التي يجري الحديث عنها، وفي الأثناء يستمر التآكل التدريجي للموقف الفلسطيني، ومعه الحقوق الفلسطينية.