الخميس 12 كانون الأول (ديسمبر) 2013

فنزويلا بعد شافيز

الخميس 12 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par أمجد عرار

بعد تسعة أشهر من وفاة الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز وفوز خلفه نيكولاس مادورو بفارق بسيط على زعيم المعارضة انريكي كابريليس في انتخابات الرئاسة، حقق الحزب الحاكم الذي أسسه شافيز، ومع قيادته الجديدة، فوزاً كبيراً في الانتخابات البلدية قبل يومين . إذا ما بحثنا في الصحافة الغربية عن توصيف لهذا الفوز، فإننا سنجد في ما كتبته قبل الانتخابات حكماً يقول إن هذه الانتخابات ستكون اختباراً لشعبية القائد الجديد لفنزويلاً، وكأن الغرب كان متأكداً من سقوط الحزب الحاكم في المعركة الانتخابية . ما يعزز هذا الافتراض الجازم أن تقريراً غربياً نشر قبل أسبوع من الانتخابات، صور الوضع في فنزويلاً بأنه كارثي، وذهب إلى الحكم بأن مادورو بدد ما حققه شافيز من مكتسبات شعبية وأوصل البلاد إلى حافة الهاوية .
جاءت نتيجة الانتخابات لتؤكد أن الشعب أصدق أنباء من تقارير الغرب التي عبّرت وتعبّر عن رغبات وأمنيات أكثر مما تعكس واقع الحال، حيث إن الشعب أعطى مادورو الآن ثقة تفوق ما أعطاه قبل تسعة أشهر، وهذا يعني بالمعطيات أن أداء الرئيس وحزبه كان ناجحاً، حتى وإن كانت البلاد تعاني بعض الصعوبات الاقتصادية، فهي صعوبات قلّما لا تعاني منها دولة في العالم، وذلك بسبب العولمة التي فرضها المسار الرأسمالي في السنوات الأخيرة .
المعارضة الفنزويلية التي سبق وأن طعنت في فوز مادورو إثر رحيل شافيز، لم تترك توصيفاً سلبياً ضد الرجل إلا ووظّفته تحريضاً عليه، وهي كلها توصيفات مقتبسة من قاموس الغرب، من الدكتاتورية إلى شمولية الحكم مروراً بالتقليل من كفاءته باعتباره لم يأت بياقة بيضاء بل من مقعد حافلة ومن أحضان النضال النقابي .
لم تنجح حملات المعارضة في توجيه دفة الحافلة الانتخابية عكس سير الحزب الحاكم، ولم يتمكن تنسيق بعض معارضيه مع رجال أعمال وجهات غربية من تأليب الشعب عليه، بل برهن هذا الشعب على ما قاله مادورو إن “التشافيزية” أقوى من أي وقت مضى، وبأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح .
قد يتساءل البعض عن انعكاسات ما يجري في بلد لاتيني بعيد على أوضاعنا العربية، وهو تساؤل ربما يعكس ضيق أفق، فالدول اللاتينية أقرب دول العالم لقضايانا العربية، وهي منذ القرن الماضي تحتضن أكبر الجاليات العربية، ولا ينبغي أن ننسى مواقف معظم دول هذه القارة من قضية فلسطين، وتنديدها الدائم بالممارسات “الإسرائيلية” إلى درجة طرد سفير الكيان من بعض هذه الدول إبان عدوانه على غزة، ولا ننسى أن آخر قرار أصدره الراحل شافيز السماح بدخول فنزويلا من دون تأشيرة .
لكن التجربة اللاتينية فيها ما هو أبعد من ذلك وأكثر استراتيجية، ولا سيما في ظل التشابه بين ثقافة الشعوب اللاتينية وثقافتنا العربية والمسارات السياسية والاجتماعية، سيما وأن دول تلك القارة حكمتها لعقود أنظمة عسكرتارية، ولم تتخلص منها إلا في السنوات الأخيرة، لكنها لم تتخلص بالكامل من إرثها . إنها تجربة تعكس طول نفس الشعب وقواه السياسية التي نجحت في تغيير واقع تلك الدول بأقل الخسائر، واسست لديمقراطية متدرّجة ونابتة في تربتها الخاصة وفي ظلال الاستقلال الوطني بعيداً عن تدخّلات الخارج .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2181284

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2181284 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40