في عمر الـ46 عاما دخل سجن جزيرة روبن بجنوب إفريقيا مقيدا مع 3 آخرين بالسلاسل يكسرون صخور محجر جيري مع زملائهم من المساجين وتحت أنظار السجانين في وضع يئن من قسوته الحجر ويحول أعتى المتصالحين إلى ناقم عازم على الانتقام لكنه أبى الا أن يكون معلما للسجان والسجين قبل ان يخرج من السجن إلى حكم زهد فيه بعد أن علم العالم درسا مفاده أن المصالحة أولى خطوات البناء والدرع الواقي من الوقوع في فخ العنصرية.
فبرحيل نيلسون مانديلا الذي أغمض اغماضته الأخيرة في ساعة مبكرة من صباح الجمعة الماضي عن عمر يناهز الـ95 عاما يكون هذا الزعيم قد كتب الفصل الأخير في حياة حفلت بمحطات حافلة بالدروس والعبر من بين أهمها كان درسا أعطاه للعالم كله تمثل في المصالحة.
فقد قال مانديلا يوم أن وقف في قفص الاتهام في ريفونيا في جنوب افريقيا ليحاكم بتهمة الخيانة يوم 20 ابريل 1964 وقد حكمت عليه محكمة البيض العنصرية بالسجن مدى الحياة«لقد ناضلت ضد هيمنة البيض على السود مثلما ناضلت ضد هيمنة السود على البيض. لقد عشت أحلم دائما ببناء مجتمع ديمقراطي ينعم بالحرية ويكرس قيم الانسانية، مجتمع يعيش فيه كل الناس على اختلاف أعراقهم وألوانهم وأديانهم ومعتقداتهم في كنف الوئام والفرص المتكافئة. هذا هو الحلم الذي أتمنى أن أعيش من أجله وأعمل على تحقيقه. لكن إن تطلب الأمر فأنا مستعد للموت والتضحية بحياتي من أجل أن يتحقق هذا الحلم».
وتجلى صدق نضال مانديلا ورسالته في لجنة الحقيقة والمصالحة التي شكلها فور توليه رئاسة جنوب إفريقيا حققت في جرائم الفصل العنصري في الجانبين وحاولت مداواة الجراح. كما قدمت مثالا للبلدان الأخرى التي عصفت بها صراعات أهلية.
وفي عام 1999 أعطى مانديلا مثالا لكل الزعماء عندما خرج من السلطة طوعيا تاركا المهمة للزعماء الأصغر سنا ويتفرغ إلى مكافحة الإيدز في إصرار ملاكم أخذ من اللعبة العنيفة التكتيك والقدرة على التحمل مع الاستغناء عن شبق الحاق الأذى بالخصوم.
مضى الزعيم الذي لا يختلف عليه اثنان تاركا درسا ينأى بالمصالحة عن كونها خنوعا أو مناورة.
ولكن يجب الا ينجر الفلسطينيون لدعوة المراوغة التي أطلقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لهم والاسرائيليين بالتعلم من مانديلا حيث إن مانديلا لم يصالح الا حينما كان قادرا على الانتقام ولم يسع للمصالحة الا بعد القضاء على نظام الفصل العنصري.
وفي مجتمعات ما يسمى (الربيع العربي) لا تنجر الشعوب وراء ما تلوكه قوى سياسية عن مصالحة لا تصحبها محاسبة ولا تتعدى كونها مساومة أو واجهة للصفقات الخفية.
الاثنين 9 كانون الأول (ديسمبر) 2013
مانديلا .. الدرس الباقي
الاثنين 9 كانون الأول (ديسمبر) 2013
par
هيثم العايدي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
55 /
2165923
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
20 من الزوار الآن
2165923 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 21