الاثنين 9 كانون الأول (ديسمبر) 2013

مانديلا .. الدرس الباقي

الاثنين 9 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par هيثم العايدي

في عمر الـ46 عاما دخل سجن جزيرة روبن بجنوب إفريقيا مقيدا مع 3 آخرين بالسلاسل يكسرون صخور محجر جيري مع زملائهم من المساجين وتحت أنظار السجانين في وضع يئن من قسوته الحجر ويحول أعتى المتصالحين إلى ناقم عازم على الانتقام لكنه أبى الا أن يكون معلما للسجان والسجين قبل ان يخرج من السجن إلى حكم زهد فيه بعد أن علم العالم درسا مفاده أن المصالحة أولى خطوات البناء والدرع الواقي من الوقوع في فخ العنصرية.
فبرحيل نيلسون مانديلا الذي أغمض اغماضته الأخيرة في ساعة مبكرة من صباح الجمعة الماضي عن عمر يناهز الـ95 عاما يكون هذا الزعيم قد كتب الفصل الأخير في حياة حفلت بمحطات حافلة بالدروس والعبر من بين أهمها كان درسا أعطاه للعالم كله تمثل في المصالحة.
فقد قال مانديلا يوم أن وقف في قفص الاتهام في ريفونيا في جنوب افريقيا ليحاكم بتهمة الخيانة يوم 20 ابريل 1964 وقد حكمت عليه محكمة البيض العنصرية بالسجن مدى الحياة«لقد ناضلت ضد هيمنة البيض على السود مثلما ناضلت ضد هيمنة السود على البيض. لقد عشت أحلم دائما ببناء مجتمع ديمقراطي ينعم بالحرية ويكرس قيم الانسانية، مجتمع يعيش فيه كل الناس على اختلاف أعراقهم وألوانهم وأديانهم ومعتقداتهم في كنف الوئام والفرص المتكافئة. هذا هو الحلم الذي أتمنى أن أعيش من أجله وأعمل على تحقيقه. لكن إن تطلب الأمر فأنا مستعد للموت والتضحية بحياتي من أجل أن يتحقق هذا الحلم».
وتجلى صدق نضال مانديلا ورسالته في لجنة الحقيقة والمصالحة التي شكلها فور توليه رئاسة جنوب إفريقيا حققت في جرائم الفصل العنصري في الجانبين وحاولت مداواة الجراح. كما قدمت مثالا للبلدان الأخرى التي عصفت بها صراعات أهلية.
وفي عام 1999 أعطى مانديلا مثالا لكل الزعماء عندما خرج من السلطة طوعيا تاركا المهمة للزعماء الأصغر سنا ويتفرغ إلى مكافحة الإيدز في إصرار ملاكم أخذ من اللعبة العنيفة التكتيك والقدرة على التحمل مع الاستغناء عن شبق الحاق الأذى بالخصوم.
مضى الزعيم الذي لا يختلف عليه اثنان تاركا درسا ينأى بالمصالحة عن كونها خنوعا أو مناورة.
ولكن يجب الا ينجر الفلسطينيون لدعوة المراوغة التي أطلقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لهم والاسرائيليين بالتعلم من مانديلا حيث إن مانديلا لم يصالح الا حينما كان قادرا على الانتقام ولم يسع للمصالحة الا بعد القضاء على نظام الفصل العنصري.
وفي مجتمعات ما يسمى (الربيع العربي) لا تنجر الشعوب وراء ما تلوكه قوى سياسية عن مصالحة لا تصحبها محاسبة ولا تتعدى كونها مساومة أو واجهة للصفقات الخفية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2165923

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165923 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010